محمد عبد الرحمن-LebanonOn
كثرت الآمال البديهية في أن تكون بداية السنة الجديدة منطلقاً لبدء مسار الانفراجات اللبنانية، بدءاً من الجنوب، وصولاً إلى نزع الشمع الأحمر عن أبواب بعبدا، لكن هذه الامنيات بقيت أسيرة واقع لا يسمح بأكثر من تفاؤل موقت لم يدم سوى للحظات. فالواقع المرير الذي يعيشه اللبنانيون أثبت أنه أقوى بكثير من آمال عابرة. فالألغام الكثيرة لا تزال تحول دون حصول أي توقعات متفائلة حيال نجاح المساعي الديبلوماسية الهادفة إلى تأمين مرور آمن للبنان نتيجة المواجهة القائمة في جنوبه، خصوصًا أن الآمال تبدو ضئيلة بإمكانية أي انفراج وشيك، وقد أتى الاعتداء الاسرئيلي على الضاحية الجنوبية والذي أودى بعدد من الشهداء والجرحى منهم نائب رئيس المكتب السياسي لحركة حماس الشيخ صالح العاروري خير دليل على عدم الانفراج بل ذهاب الامور في لبنان نحو الاسوأ.
ومن انتقال الاعتداءات الاسرائيلية من الجبهة الجنوبية الى العاصمة بيروت واغتيال قيادات فلسطينية كبيرة، ثمة رسائل تريد اسرائيل ايصالها.
في هذا الاطار، أشار المحلل السياسي نضال السبع في حديث لـ"LebanonOn" الى أنه "يبدو من الواضح أن الاسرائيليين اي المجلس الامني المصغر "الكابينت الاسرائيلي" قد وضع لائحة أسماء للاغتيالات، وهذه القائمة تشمل قيادات لها علاقة بالعمل المقاوم أي محور المقاومة سواء في سوريا او في لبنان او في قطاع غزة؛ كما ان الاخفاق الامني الاسرائيلي الكبير الذي حصل في 7 أكتوبر، وعدم توقع الاجهزة الامنية الاسرائيلية بهذا الحدث، وشن القوات الاسرائيلية حرباً مدمرةً على قطاع غزة وعدم تحقيق أي نتيجة انتصار لمصلحته، جعل الكابينت الاسرائيلي يذهب نحو خيار الاغتيالات وتصفية القيادات الفلسطينية".
ولفت السبع الى ان "اغتيال القيادي في الحرس الثوري الايراني رضى موسوي في دمشق قبل أيام، ومن ثم اغتيال نائب رئيس المكتب السياسي لحركة حماس الشيخ صالح العاروري في لبنان، يأتي كجزء من هذه السياسات الاسرائيلية، وأيضا ربما يكون له علاقة بالقرار الاميركي بسحب حاملة الطائرات الاميركية من البحر المتوسط، وخاصة يأتي هذا القرار من الادارة الاميركية وكأنّها غير معنية بتوسع الحرب الدائرة في المنطقة وخاصة مع لبنان، لأنّ هذه الحاملة كانت مهمّتها من أجل ردع وتجنّب اندلاع حرب اسرائيلية مع لبنان وانخراط "حزب الله" بها، معتبراً بأنه "عندما تقوم الحكومة الاسرائيلية بتنفيذ هكذا عملية في قلب الضاحية الجنوبية لبيروت، كأنها تدفع بحزب الله للانجرار نحو حرب معها في ظل الصراع الدائر، وكأنها تريد توريط الولايات المتحدة الاميركية بالحرب بين لبنان واسرائيل".
واعتقد السبع بأن حديث الامين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله كان واضحاً في معادلة المدني بالمدني، وانه في حال استهدفت بيروت ستستهدف صواريخ الحزب "تل أبيب"، واليوم الحزب أصبح معنيّا أكثر بالرد وخصوصاً ان عملية اغتيال العاروري وقعت في عقر دار حزب الله، وبالتالي يدفع الحزب نحو أمرين: الاول استهداف تل أبيب مباشرة، أو فتح الباب نحو الاغتيالات لشخصيات اسرائيلية كسفراء ووزراء متواجدين في دول الغرب.
وعن تزامن اغتيال العاروري مع ذكرى اغتيال قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الايراني قاسم سليماني، إعتبر السبع أنه بحكم المؤكد هناك تزامن مترابط بين العمليتين، وربما رسالة من الاسرائيليين لانهم وضعوا لائحة من الاغتيالات، وهذا اللائحة ربما تكون طويلة، وقد تشبه تلك التي وضعتها رئيسة وزراء اسرائيل جولدا مائير عام 1972 بعد عملية ميونخ والتي أدت الى اغتيال الشخصيات القيادية الفلسطينية، وبالتالي هذا ما تفعله اسرائيل اليوم عندما اغتالت الغندور في شمال قطاع غزة، وثم إغتالت رضى موسوي في دمشق، وبعدها الشيخ صالح العاروري في بيروت، والقائمة تطول وسيعمل الاسرائيلي وفق كل ما توفّرت له من معلومات حول القيادات ومكان تواجدها باغتيالها وتصفيتها، وهذا الامر موجه للمجتمع الاسرائيلي وكأن نتياهو يقول بأن هذه الاجهزة الامنية الاسرائيلية لم تسقط في 7 أكتوبر وما تزال تتمتّع بحيوية ولديها القدرة على الاستطلاع والمراقبة وجمع المعلومات وتنفيذ العمليات خارج الحدود.