نهاية حرب الأسواق المالية: انتصار السوق السوداء على صيرفة...كيف ضاعت 6 مليارات دولار من احتياطات المركزي ومن استفاد منها؟!

خاص ON | عزت ابو علي | Saturday, December 23, 2023 11:52:00 AM

عزت ابو علي – LebanonOn

في الفصل الأخير من العام 2019 حصل ما لم يكن بالحسبان، انهارت سياسة تثبيت سعر صرف الدولار الأميركي مقابل الليرة اللبنانية المعمول بها منذ التسعينيات من القرن الماضي، أو ما يصطلح على تسميته في الشارع اللبناني بـ "أيام الـ 1500".

منذ ذلك الحين خرج سعر صرف الدولار من القفص الذي سُجِنَ فيه لأكثر من عقدين من الزمن، ليُلامس في أحلك أيام الليرة سعر الـ 150 ألفاً لكل دولار أميركي واحد.

أمرٌ صدم اللبنانيين وحاول مصرف لبنان التدخل مع بداية الصعود فصاغ المصرف ما يُعرف بمنصة صيرفة التي كانت اقتصادياً كأبرِ المورفين لمريض لا يُرجى شفاؤه.

حرب منصة صيرفة والسوق السوداء استمرت خلال الأعوام الماضية ورغم محاولات المركزي القضاء على السوق الموازي إلا أن النصر كُتب أخيراً للسوق السوداء، كيف ذلك؟

منذ أيام قليلة، ألغى مصرف لبنان سعر صرف منصة صيرفة البالغ 85,500 ليرة لكل دولار أميركي واحد، واعتمد سعر السوق الموازي "السوداء" البالغ 89,500 ليرة للدولار الواحد.

مصدر في مصرف لبنان قال لـ LebanonOn إن خطوة المصرف تعتبر سابقة لناحية احتكام المصرف لسعر السوق السوداء واعتراف بواقعية ذلك، وحذَّر من أن الأمر يحمل تداعيات خطيرة في ظل غياب أية آلية أو منصة للتداول بالعملات الصعبة تحت رقابة المصرف وإشرافه المباشر على هذه العمليات.

وعن التداعيات على المواطنين خاصة فيما يتعلَّق بالرسوم والضرائب في ظل الدولرة المعمول بها في المبادلات التجارية، أكد مصدر في وزارة المالية أن القرار سيؤثر على سعر الصرف المعتمد لاحتساب الرسوم والضرائب، الذي يعتمد على سعر المنصة، وبعد رفع السعر ستزيد الرسوم بما لا يقل عن الـ 5%، وينسحب ذلك على فواتير الكهرباء والاتصالات الأرضية والخليوية، وهو ما سيحمِّلُ المواطن تكاليف إضافية خاصة من يتقاضى راتبه بالليرة اللبنانية.

من هؤلاء 300 ألف موظف في القطاع العام بجميع أسلاكه، حيث استفاد العاملون من فارق السعر بين صيرفة والسوق السوداء، حيث يتقاضى هؤلاء رواتبهم بالدولار على سعر صيرفة ويستفيدون بالفارق بعد بيع دولاراتهم في السوق الموازي، لكنهم فقدوا ذلك اليوم مع توازي السعر بين صيرفة والسوق السوداء وبالتالي فإن خسارتهم ستضاف إلى فقدان رواتبهم الضئيلة أصلاً لقيمتها الشرائية.

يقول خبراء الاقتصاد إنه ومنذ حزيران من العام 2021 تاريخ إطلاق منصة صيرفة فإن من استفاد منها فعلياً هم أصحاب رؤوس الأموال الكبيرة واستفاد هؤلاء من العمولات وفارق السعر، وهو ما أوجد مضاربات على حساب المنصة وأفقدها إنتاج السعر العائم للدولار الخاضع لمبدأ العرض والطلب.

وبجردة حساب بسيطة بناءً على تقارير البنك الدولي استفاد المضاربون من مبالغ قدرتها المؤسسة المالية الدولية الأولى من مبالغ ضخمة جداً وصلت إلى 2.5 مليار دولار أميركي، ويتابع البنك انتقاده لهذه السياسة بالقول إن مصرف لبنان اضطر منذ إطلاق هذه المنصة لضخ الأموال من احتياطاته أي من أموال المودعين الذين حُرِموا من استعادة أموالهم المحتجزة، بغية دعم سعر الصرف الخاص بالمنصة وبلغت خسائر الاحتياطات أكثر من 6.28 مليار دولار أميركي وهذا أمر بحسب البنك الدولي غير واقعي بعدما قارن بين سعر الدولار على المنصة وسعره في السوق السوداء أي أن الخسائر بلغت 31% من حجم الاقتصاد اللبناني برمته نتيجة هذا الفرق.

في المحصلة يعتبر قرار إلغاء منصة صيرفة خطوة إيجابية فهي منذ انطلاقتها لم تُحدَّد جدواها وكلفتها الحقيقية وكيفية تدخلها ولجم المضاربات ووقف السوق السوداء، لكن الأمر يبقى منقوصاً فالحل لا يكتمل في ظل غياب أية منصة بديلة عن صيرفة وتحكم السوق السوداء بسعر الصرف، وهذا لا يعني إلا أمراً واحداً وهو أن مصرف لبنان الذي يُفترض به ضبط أسعار الصرف هو لغاية الآن لا يملك أي تأثير إيجابي في سوق القطع.    

 

| تابعوا آخر أخبار "Lebanon On" عبر Google News اضغط هنا

| لمتابعة آخر الأخبار والتطورات اشتركوا بقناتنا عبر واتساب اضغط هنا