عزت ابو علي - LebanonOn
"مصائب قوم عند قوم فوائد"، قول ينطبق على روسيا التي شكَّلت لها عملية طوفان الأقصى طوق نجاة لِمَا كان يحدث لجيشها في أوكرانيا، فقبل العملية شهدت الجبهات الأوكرانية الروسية المشتعلة خسائر فادحة لقوات موسكو ما دفعها لتقهقر أمام قوات كييف إلى وصلت نيرانها إلى داخل الأراضي الروسية لمرات عديدة.
كانت روسيا لا تواجه أوكرانيا بشكل منفرد، بل، دول حلف شمال الأطلسي "الناتو" وهذا ما ظهر جلياً من خلال الدعم اللامحدود لأوكرانيا.
لكن تاريخ السابع من شهر تشرين الأول الماضي غيَّر كل المعادلات حين بدأت عملية طوفان الأقصى لتتحوَّل أنظار العالم نحو الأراضي الفلسطينية المحتلة.
وبجردة سريعة منذ تاريخ العملية وحتى اليوم يظهر التراجع الهائل للقوات الأوكرانية أمام نظيرتها الروسية، حيث أعلنت وزارة الدفاع في موسكو تحييد نحو 160 ألف عسكري أوكراني، وتدمير 3 آلاف دبابة ومدرعة، وإسقاط 121 طائرة حربية و23 مروحية أوكرانية خلال الأشهر الماضية.
خسائر فادحة لن تتحملها أوكرانيا، حيث أكد رئيس تحرير الجريدة الأوروبية العربية الدولية الصادرة في بولندا الدكتور خالد زين الدين في حديثه لـ LebanonOn، أن الأحداث في فلسطين المحتلة وضعت أوكرانيا في الثلاجة الغربية، فخيبات الأمل تلاحق الرئيس الأوكراني فلودومير زيلينسكي خاصة بعد عودته خاليَ الوفاض من الولايات المتحدة الأميركية، فمجلس الشيوخ الأميركي صدم الجميع حين أعلن أن إقرار حزمة المساعدات لأوكرانيا والبالغة قيمتها 61 مليار دولار لن يحصل هذا العام، على الرغم من إلحاح البيت الأبيض على المشرعين بسرعة إقرارها، وهذا الامتناع عن إقرار حزمة المساعدات سريعاً كما يريد بايدن ما هو إلا انتكاسة للرئيس الديمقراطي جو بايدن الذي جعل من دعم أوكرانيا وتعزيز حلف شمال الأطلسي مدماكين أساسيين لسياسته الخارجية.
لم يقف الأمر عند هذا الحد، بل، إن أوكرانيا ورغم ما وصلها من سلاح لم تستطع أن تتقدَّم قيد أنملة، فما قيمة السلاح دون ذخائر أو تدريب؟
مجلة "دي فيلت" كشفت المستور حين أعلنت أن كييف ليس لديها العدد الكافي من الكوادر اللازمة لإرسالها إلى ألمانيا وتدريبها هناك على استخدام دبابات "ليوبارد 2"، حيث يعاني الأوكرانيون اليوم بالإضافة إلى نقص ذخائر ليوبارد من قلة المؤهلين لاستخدامها، وهذا ما جعل من هذه الدبابات التي أملت أوكرانيا أن تساعدها في هجومها المضاد صيداً سهلاً للمسيَّرات الروسية التي تدمرها وهي جاثمة في مهاجعها.
كل ذلك يجري وسط غياب تام لهذا المشهد عن العالم، فبحسب زين الدين فإن المال والسلاح حُجِبا عن أوكرانيا وما يوازيهما في الخطر هو غياب وسائل الإعلام الدولية عن إعطاء القضية هناك حجماً كما في السابق، وهذا ما أراح روسيا لتفعل هناك ما يحلو لها.
ولكن أين يذهب الأوكرانيون؟ وأين وعود قادة كييف بحشد مليون ونصف المليون مقاتل على الجبهات؟ بحسب تقارير عدة فإن المقاتلين تركوا الجبهات نتيجة عوامل عدة، ولكن ما كشفته شبكة القدس الإخبارية ربما يحل هذه الألغاز!
لا شك أن إسرائيل حشدت مئات الآلاف من المقاتلين لمواجهة فصائل المقاومة في غزة، واعتمدت كما كل حروبها على المرتزقة الذين يقاتلون لأجل المال، حيث تسرَّبت تقارير سابقة تقول إن تل أبيب تدفع لمرتزقة حوالي الألف دولار يومياً مقابل القتال معها ضد غزة وتصل هذه المبالغ أحياناً إلى 2500 دولار بحسب خبرة المقاتل ومدى أدائه في الميدان.
شبكة القدس الإخبارية أكدت أنه في الـ 14 من الشهر الجاري قتلت كتائب عز الدين القسام في كمين مُحكم 7 مرتزقة أوكرانيين كانوا يقاتلون مع الاحتلال في حي الشجاعية، فمن قاتل على جبهات أوكرانيا من أبنائها في ذروة الدعم الغربي لها، لن يرضى أن يقاتل مجاناً اليوم، لذا وجد من جبهة غزة مصدر ارتزاق، ورأى فيه جيش العدو مقاتلاً خاض من المعارك أشرسها واكتسب الخبرة الكبيرة، لكن ذلك لم يسعف الإسرائيليين الذين يعانون على المستويات كافة بعد شهرين ونصف الشهر من انطلاق عدوانهم على قطاع غزة.