العملة اللبنانية: تاريخ من الإصدارات من الغرش الواحد إلى المئة ألف ليرة...هل تصل إلى ورقة المليون؟

خاص ON | عزت ابو علي | Sunday, December 10, 2023 8:54:00 AM

عزت ابو علي - LebanonOn
قبل الحرب العالمية الأولى التي اندلعت في العام 1914، كانت العملة المتداولة في لبنان هي الليرة العثمانية وكانت تسمى العثملي أو العِسملي، وبعد انهيار الدولة العثمانية إثر هزيمتها في الحرب في العام 1918 اعتمد لبنان على الجنيه المصري كعملة للتداول، لكن الأمر لم يستمر طويلاً ففي عهد الانتداب الفرنسي أدخلت فرنسا عملة موحدة في سوريا ولبنان وسمتها الليرة السورية، وارتبطت بالفرنك الفرنسي بحيث كانت قيمة الليرة الواحدة تعادل 20 فرنكاً وكان يصدرها بنك سوريا ولبنان.
وفي عام 1924، أطلق لبنان أولى إصداراته النقدية وكانت عملة معدنية، ثم بعد عام واحد وتحديداً في الـ 1925 أصدر لبنان عملته الورقية.
الارتباط اللبناني السوري بعملة موحدة فُكَّ في العام 1939 حيث انفصلت الليرة اللبنانية عن السورية بشكل نهائي، إلا أنها حافظت على ارتباطها بالفرنك الفرنسي.
وبعد هزيمة الفرنسيين في بداية الحرب العالمية الثانية، تم تحويل الليرة إلى الجنيه البريطاني بمعدل 8,8 ليرة لكل جنيه، لكن الارتباط بالفرنك الفرنسي عاد مجدداً بعد الحرب في العام 1945، لكن الأمر لم يدم طويلاً حين استقلت الليرة اللبنانية عن الفرنك الفرنسي في العام 1949.
كانت الوحدات المتداولة الغرش والفرنك الذي كان يساوي خمسة غروش، بالإضافة إلى الليرة التي تساوي 100 غرش أو 20 فرنك.
وكانت الفئات المعدنية المتداولة هي الغرش ويسمى بالعامية القرش المبخوش وقطعة الغرشان والنصف والفرنك أي الـ 5 قروش والـ 10 قروش والـ 25 قرش ويسمى الربع والـ 50 قرشا ويسمى النُص، وصك لبنان الليرة المعدنية في السبعينيات من القرن الماضي.
أما العملات الورقية فكانت من فئات الليرة، الخمس ليرات وتسمى الخمس ورقات و10 و25 و50 و100 ليرة.
وإبان الحرب اللبنانية فقدت الليرة اللبنانية قيمتها تدريجياً من 3,30 ليرة للدولار الواحد إلى نحو 3000 ليرة لكل دولار أميركي وهو ما دفع إلى إصدار قانون بإضافة فئة الـ 250 ليرة في العام 1978 ثم الـ 500 ليرة والـ 1000 ليرة عام 1988.
وبعد انتهاء الحرب صدرت قوانين مختلفة تمَّ بموجبها إصدار فئة الـ 10000 ليرة في العام 1993 ثم أُضيفت الفئات 5000 و 20000 و 50000 و 100000 في العام 1994.
ومنذ ذلك الحين شهدت العملة اللبنانية ثباتاً أمام الدولار الأميركي بمعدل 1500 ليرة مقابل كل دولار أميركي واحد، وكانت الفئات النقدية ذات قيمة كبيرة فعلى سبيل المثال كانت فئة الـ 100000 ليرة تقارب الـ 70 دولاراً أميركياً.
وقبل أربعة أعوام ومع نهاية العام 2019 ظهرت مشكلة شح ونقص بالدولار الأمريكي في السوق اللبنانية إضافة إلى تراكم مشاكل اقتصادية عدة، فارتفع سعر الصرف في السوق السوداء بداية إلى حدود 1850 ليرة للدولار، ومع إنطلاق ثورة الـ 17 تشرين الأول وإغلاق المصارف لأبوابها واحتجاز أموال المودعين بدأ التسارع في إرتفاع سعر الصرف حتى وصل إلى معدلات قياسية لامست الـ 150000 ألف ليرة للدولار وما لبث أن شهد السوق استقراراً نسبياً عند حدود الـ 90000 ليرة لكل دولار أميركي واحد.
هنا ظهرت مشاكل عدة في كيفية التداول فعلى سبيل المثال فإن شراء أبسط الأمور بات بحاجة إلى كمية هائلة من الأوراق النقدية من الفئة العليا، ولذلك أحجم المواطن اللبناني عن استعمال العملة المحلية لصالح استخدام الدولار الأميركي، وهو ما قد يُفقد الليرة اللبنانية ميزتها الإبرائية وإنجاز معاملات التبادل التجاري على حد سواء، حتى وصل الأمر للقول إن الليرة هي عملة الدولة لكن الدولار هو عملة المواطن.
اليوم يسعى المصرف المركزي بعد نجاحه بتثبيت سعر الصرف عند حدود الـ 90000 ليرة لحل هذه المعضلة وإعادة الاعتبار لليرة اللبنانية، حيث أكد مصدر في المصرف المركزي لـ LebanonOnعن مساعٍ جدية لإصدار فئتين نقديتين جديدتين الـ 500000 والـ 1000000 ليرة لبنانية.
ويهدف المركزي من خلال ذلك إلى التخفيف من استخدام الأوراق فأعلى فئة حالياً هي الـ 100000 ليرة من ناحية، والتسهيل على المواطن عبر حمله كمية أصغر من الأموال من ناحية أُخرى وبالتالي فإنه يعود بذلك لاستخدام العملة المحلية في المبادلات التجارية.
لكن الأمر بحسب المصدر بحاجة إلى أمور عدة، فإصدار النقد بحاجة إلى تغطية سواء من خلال الذهب أو العملات الصعبة وفي حال تعذر الأمر، فإن بإمكان المصرف المركزي تلف الأوراق النقدية القديمة لصالح الجديدة شريطة أن تُساوي قيمة الإصدارات الجديدة قيمة التي أُتلفت للجم التضخم وتفلت سعر الصرف مجدداً.
ليس هذا فحسب، بل، إن إصدار فئات نقدية جديدة بحاجة إلى قانون من مجلس النواب، أي تعديل قانون النقد والتسليف وإنشاء المصرف المركزي رقم 13513 الصادر بتاريخ الأول من آب من العام 1963، وتحديداً المادة الخامسة من الباب الأول "النقد"، حيث نصَّت هذه المادة التي عُدلت بموجب قانون رقم /1992178 على أنه "يمكن إصدار الأوراق النقدية من فئات الليرة الواحدة، الخمس ليرات، الخمسين ليرة، المئة ليرة، والمئتين وخمسين ليرة، الخمسمئة ليرة، الألف ليرة، الخمسة آلاف ليرة، الخمسين ألف ليرة والمئة ألف ليرة"، وبالتالي فإن إضافة فئة ال، 500000 ليرة والـ 1000000 ليرة لبنانية بحاجة إلى مجلس النواب.
إصدار الفئات النقدية الكبيرة يُعدُّ مسعى حكومي لتلبية احتياجات الأفراد في التعاملات اليومية، إلا أنه وبحسب رجال الاقتصاد فإن سياسة إلغاء الأصفار من العملة هي الأكثر نجاعة للخروج من المأزق وإعادة عوامل الثقة، الحصول على الائتمان الدولي، السيطرة على سوق العملات، وقف عملية استبدال العملات الكبيرة المحلية بالعملات الصعبة مما يعزز سوق المضاربة ويرفع سعر الصرف، لكن الأهم من ذلك كله تقليل ضغوط التضخم لكن الأمر مشروط بإيجاد سياسة نقدية تؤدي إلى استقرار سعر الصرف، بالإضافة إلى مناخ سياسي وأمني مناسب يُعيد تحريك عجلة الاقتصاد والاستثمارات المتنوعة والكبيرة.

| تابعوا آخر أخبار "Lebanon On" عبر Google News اضغط هنا

| لمتابعة آخر الأخبار والتطورات اشتركوا بقناتنا عبر واتساب اضغط هنا