تيريزا فخري - LebanonOn
بعد ليلة طويلة من المفاوضات والعروض، فشلت جميع المساعي لتمديد الهدنة الإنسانية في قطاع غزّة، ومنذ اللحظة الاولى لإنتهاء المهلة المحددة، عاد صوت القذف المدفعي الى القطاع، وعدنا نحصي أرقام الشهداء الفلسطينيين.
الجيش الإسرائيلي بدأ هجماته على القطاع بجميع مربّعاته وقسّمه الى بلوكات، من أجل مزيد من الهجمات والإشتباكات، فيما تؤكّد المقاومة الفلسطينية قدرتها على مواصلة القتال وعلى هزم الإسرائيلي مرّة أخرى.
وكان من المتوقّع ان تتحسن أوضاع المستشفيات داخل القطاع مع دخول المساعدات، إلا انها غير قادرة على الإستمرار وتعمل باللحم الحي.
أما الجنوب اللبناني، الذي أعلنه حزب الله جبهة مساندة لفلسطين، فقد بقي هادئاً في اللحظات الأولى، وسط مخاوف من إعادة إشتعاله.
وفي هذا السياق أكّد المحلل السياسي فيصل عبدالساتر ان المسألة لا تزال في ساعاتها الأولى ولا ندرك كيف ستكون إتجاهات الإسرائيلي في عدوانه على غزّة وما ستكون التبعات والإستكمالات لديه، لذلك الأمور مفتوحة، والمناخ العام يشير الى أن لبنان لن يكون وحيداً بين الذين سيشاركون إذا كان هناك من مشاركة واضحة ومعلنة في الحرب، وربما تعود الأمور الى المشاركة التدريجية والتوسع التدريجي على غرار ما حصل في الجولة الأولى من الحرب.
وأضاف في حديث لـLebanonOn: موضوع جبهة الجنوب الذي يطرح مخاوف كثيرة بسبب الإنقسامات العمودية والأفقية في الداخل اللبناني، وكأن الأطراف كل يوم في رأي وكل يوم تمتلك فلسفة جديدة، يسألون لماذا تشارك المقاومة في الحرب وبعدها يسألون لماذا تورّطنا المقاومة بالحرب.
وفي هذا الإطار اعتبر ان المقاومة في لبنان هي من يساهم في الحماية، لأن الإسرائيلي يغتنم كل فرصة سانحة لكي يحول القضية الى معركة، ومن أجل ان يورّط الأميركي والغربي وان لم نكن جاهزين بشكل إستباقي ربما تنسحب الأمور علينا بشكل واضح وسريع جداً وهذا ما ألمح إليه قادة العدو في أكثر من تصريح.
وأردف: يخيّل للبعض ان لا علاقة للبنان بما يجري، وكأن لبنان أصبح جارا حميميا للكيان ووقّع اتفاقيات سلام معه، ولكن نحن في حالة عداء ومن حق المقاومة المشرعة في البيانات الحكومية ومن قبل مجلس النواب اللبناني، ان تقوم بواجباتها خصوصاً انه لا يمكن للجيش اللبناني القيام بهذا الدور لا إستباقياً ولا إلتحاقياً، لأن دخول الجيش في مواجهة مع الإسرائيلي فهذا يعني ان لبنان كله سيتحول الى هدفاً للعدو الإسرائيلي، بعكس ما سيكون بوجود المقاومة الإسلامية.
وشدّد عبدالساتر على ان الإسرائيلي يريد القول ان المسافة بينه وبين الأميركي هي مسافة حقيقية، الا ان هذا هو خلاف الواقع، حيث ان الأوساط الإسرائيلية والأميركية روجت لفكرة أساسية في اليومين الماضيين وهي ان التباعد والخلاف بين الإدارة الأميركية والكيان الإسرائيلي يزداد جراء التباعد في مقاربة استمرار الحرب في غزّة وضرورة ان يكون هناك تهدئة في هذا الإطار، ما اعترض عليه الإسرائيلي بإعتباره تلقّى صفعة كبيرة ويريد ان يحقق بعض الإنجازات وبعضاً من الأهداف التي رفعها.
ورأى ان الأميركي هو من يدير الحرب وهو من يشارك في غرفة العمليات، إلا ان ما حصل في دول العالم من مظاهرات وتبدل في الرأي العام، وما له من علاقة بالإنتخابات الرئاسية الأميركية، دفع الأميركي الى ان يتراجع نسبياً وان يظهر ميلاً لديه لتهدئة الأمور.
واعتبر عبدالساتر ان الحرب عادت، ولكن ليس كما كانت عليه، فمن المرجّح ان تكون حرباً لساعات الى حين الموافقة على الهدنة، ولا نعلم إذا كانت هذه الحرب ستستمر ام إذا كانت الهدنة ستنجح.
وقال عبدالساتر: قيام الإسرائيلي بعملياته اليوم وقصفه جنوب قطاع غزّة يكشف عن حقيقة الهزيمة التي تلقّاها وعن المشكلة السياسية الداخلية في الكيان، ما دفع نتنياهو للهروب الى الأمام مرة جديدة وتوريط الجميع في إعادة المسألة الحربية الى الواجهة، كما ان ما حدث بالأمس في عملية القدس كان ضربة موجعة للعدو الإسرائيلي، برهنت ان الأمن في إسرائيل بات مفقوداً بالكامل، ما دفع بعض الأصوات المتطرفة داخل الكيان للتهديد بالإنسحاب من الحكومة، ما دفع نتنياهو الى ارضائهم بأي شكل من الأشكال علّه يحقق شيئاً جديداً، وان يضغط على المقاومة الفلسطينية من أجل ان ترضى بشروط جديدة، وهذا الأمر ما كان ليتحقق لو كانت مصر اتخذت قرارًا واضحاً في ما له علاقة بمعبر رفح الذي كان منذ البداية أساس المشكلة، لأن إغلاقه كان جزءاً من الحصار.
وكشف عن ان المقاومة الفلسطينية لن تستكين وهي جاهزة لكي ترد وهي تملك ورقة قوة وهي ورقة الأسرى التي تستطيع الضغط بها على الأسرائيلي.
وشدّد على ان رسائل الإسناد القوية لفلسطين سواءً كانت الصواريخ اليمنية او العراقية او بعض المواقف الأخرى التي لها علاقة بمحور المقاومة من سوريا الى العراق الى اليمن الى ايران الى داخل فلسطين، تشير الى ان الأمور لن تكون على هوى الإسرائيلي وكما يريدها، حيث سيكون هناك ردود ومواجهة مفتوحة، ومسألة انطلاق هذه المواجهة واتساعها يبقى رهن النوايا العدوانية الأميركية، وما إذا كان الأميركي جاد في ما أطلقه من تصريحات بأنه لا يريد توسيع دائرة الحرب، فعليه ان يلجم هذا الخادم الصغير ربيبه الإسرائيلي لأن يتوقف عن هذا العدوان وان يجري الإتفاق على وقف إطلاق النار، ومن ثم التوصل الى مخرجات ربما تكون على المستوى السياسي، وهذا ما تناقشه قيادة المقاومة الفلسطينية وليس للبنان او لأي جبهة أخرى الحق بالتدخل في هذا الأمر.