عزت ابو علي - LebanonOn
لا تقتصر عمليات الاعتقال التي تمارسها السلطات الإسرائيلية بحق الفلسطينيين على زجهم في السجون فقط، بل يعتمد الاحتلال ما هو أخطر من ذلك عبر ابتداعه لعقوبة الحبس المنزلي.
وتهدف سلطات الاحتلال لتحقيق هدفين عبر الردع الفردي أما الآخر فهو الردع العام.
الحبس المنزلي عقوبة إسرائيلية على الأطفال الفلسطينيين بذريعة رشق جنود العدو بالحجارة أو شتمهم وتندرج تحت نوعين الأول، يقوم على حبس الطفل في بيته، وعدم الخروج منه مطلقاً طوال الفترة المحددة، والنوع الآخر، يعدّ أشد خطورة، ويتمثل في الحبس المنزلي في بيت أحد الأقارب، بعيداً عن العائلة ومنطقة السكن، وذلك يسبب وجود أعباء اقتصادية واجتماعية على العائلة.
وخلال فترة الحبس المنزلي، تتحوّل العائلة إلى سجان، إذ تُطالب بمتابعة نشاط طفلها، ومراقبة حركته طوال فترة الحبس، وتعيش حالة من القلق الدائم، والأصعب من ذلك هو منع الطفل من تجاوز بوابة المنزل الخاجية وإذا استطاع ذلك، على العائلة أن تقوم بإبلاغ سلطات الاحتلال، إذ إن كسر الطفل لبنود الاتفاق يؤدي إلى اعتقال الكفيل أي الوالد أو الوالدة أو أحد الأقارب.
ويحرص الاحتلال على وضع سوار إلكتروني مع GPS لتتبع تحركات الطفل، ومراقبة مدى الالتزام بفترة الحبس المنزلي، وفي مراحل متقدمة، وغالباً بعد أشهر، يسمح للطفل بالتوجه إلى المدرسة أو العيادة برفقة الكفيل الذي يكون من أفراد العائلة، ويعتبر إدخال العائلة كجزء من العقوبة ترجمة لمساعي الاحتلال لتحقيق مبدأ الردع العام.
ويمارس الاحتلال الحبس المنزلي على الأطفال دون سن الـ 14 عاماً، لأن القانون الإسرائيلي لا يجيز اعتقالهم، لكن الأخطر من ذلك الأعداد الهائلة للمعاقبين حيث قام الاحتلال بإصدار نحو 2200 قراراً بالحبس المنزلي بين كانون الثاني 2018 وآذار 2022، بحق أطفال قصر، 114 منهم كانت أعمارهم تقل عن 12 عاماً.
وبيّنت نتائج أعدها نادي الأسير الفلسطيني أنَّ الاحتلال قام عام 2021 باعتقال 1300 طفل، منهم 750 طفلاً من القدس، يشكلون 57.7% من مجموع الأطفال المعتقلين، وهذه الأرقام تدل على تغول الاحتلال بحق الطفولة الفلسطينية، وحرمان الأطفال من ممارسة حياتهم بشكل طبيعي، وفي الوقت الحالي يقبع أكثر من 600 طفل في براثن هذه العقوبة القاسية.
تؤثر عقوبة الحبس المنزلي على نفسية الطفل الفلسطيني الذي يشعره بأنه مراقب، وبأن الاحتلال موجود في أدق تفاصيل حياته، لكن اضطراب ما بعد الحبس هو الأكثر إيلاماً فبعد عملية التحرر من الحبس المنزلي، يبقى الخوف الشديد ملازماً للمُعاقب الذي يفقد الشعور بالأمان النفسي والاجتماعي داخل بيئته الاجتماعية والنفسية، مما يولّد لديه توتراً، قلقاً، خوفاً وعصبية، بالإضافة إلى أوقات الفراغ الكبيرة التي يعيشها الطفل، إذ يصبح الروتين مرضاً قاتلاً، ومن أهم أشكال التأثير السلبي الذي يسببه الحبس المنزلي هو التراجع في التحصيل العلمي.