عزت ابو علي - LebanonON
تشهد الجبهة جنوب لبنان تصعيداً عسكرياً نتيجة الاعتداءات الإسرائيلية التي تدرجت من استهداف القرى الحدودية وصولاً لاستهداف مناطق في النبطية وإقليم التفاح، فهل ينذر الأمر بتدحرج الأمور نحو حرب شاملة؟
يرى الخبير العسكري والاستراتيجي العميد محمد عباس في حديثه لـ "LebanonOn" أن المقاومة انخرطت في معركة طوفان الأقصى منذ يومها الثاني أي في الثامن من تشرين الأول الماضي على الحدود الحنوبية، وهي تتوسع شيئاً فشيئاً، فبعد أن كانت العمليات في مواجهة مزارع شبعا أصبحت العمليات تطال كل الجبهة في حدِّها الأمامي من منطقة رأس الناقورة وحتى مزارع شبعا أي من جل العلام وصولاً إلى رويسات العلم مروراً بالقطاعين الغربي والأوسط، وترافق ذلك مع الاستخدام التدريجي للأسلحة، وتطورت من استخدام الصواريخ المضادة للدروع، ثم لاحقاً وبعد إخلاء العدو مواقعه على الحدِّ الأمامي لاستخدام المسيَّرات الهجومية الانتحارية لاستهداف مواقع العدو غير المرئية من الحدود ولا يمكن استهدافها بالأسلحة المباشرة، ثم تمَّ استخدام صواريخ بركان شديدة الانفجار.
ويرى العميد عباس أنه وعلى الرغم من ذلك فإن العمليات لا تزال ضمن حدود قواعد الاشتباك، باستثناء رد المقاومة في منطقة الجليل على أهداف بعمق 10 كيلومترات في صفد وكريات شمونة كلما شرع العدو بقصف المدنيين اللبنانيين في مناطق أكثر بعداً عن الحدود على قاعدة الرد بحجم العدوان.
ويشير العميد عباس في حديثه لـ "LebanonOn" أن العملية تتوسع في جنوب لبنان بحسب المعطيات على الأرض في غزة، بحيث بدأت المقاومة بالرد بعملية أو اثنتين يومياً وصولاً إلى 15 عملية يوم أمس، واستخدمت فيها أنواع متعددة من الأسلحة.
ويؤكد العميد عباس أن العدو جن جنونه نتيجة استهداف المقاومة لأبراج المراقبة الأمر الذي أصابه بعمىً نسبي، ودفعه ذلك إلى استخدام المسيرات في اعتداءاته، واللافت استخدام العدو المسيَّرة الحديثة "هرمس 450" التي يقول العدو عنها بإنها فخر صناعاته الجوية نظراً لامتلاكها كل معدات الحرب الالكترونية والرادارات وتطير لمدة 30 ساعة بشكل متواصل وتحمل مئات الكيلوغرامات من المتفجرات، لتعويض ما أصابه في جنوب لبنان لناحية تدمير وسائل مراقبته.
وعن إسقاط هذا النوع من المسيَّرات المتطورة رأى العميد عباس أن سلاح الدفاع الجوي لدى المقاومة أظهر كفاءته وهو من ضمن مفاجآتها فالمسيَّرة "هرمس 450" تحلق على ارتفاع عالٍ يقارب الـ 30 ألف قدم أي 10 آلاف متر وهي بحاجة لصاروخ أكبر من الصاروخ الذي يُطلق عن كتف المقاتل، ولفت إلى أن المقاومة ربما تمتلك صواريخ "بانتسر" الروسية أو مثيلاتها المضادة للطائرات بناءً على المعطى الجديد أي إسقاط مسيَّرة بهذا الحجم والتطور، وهذا ما يعني أن المقاومة تمتلك صواريخ قادرة أيضاً على تحييد المروحيات المعادية التي تحلق على ارتفاع 3 آلاف متر.
ويؤكد العميد عباس أن العمليات ستبقى ضمن هذه الحدود إلا في حال ارتكب العدو الإسرائيلي ومن يقف خلفه أي الولايات المتحدة الأميركية وأتباعها أية حماقة تجاه لبنان، لكن الحرب الشاملة تعد مستبعدة لغاية الآن لأن واشنطن تقارب الأمور من باب مصالحها على عكس نتنياهو الذي يُشَخصِن الأمور، لكن كل الاحتمالات واردة، خاصة مع الحديث عن الايديولوجيا والنبوءات التوراتية المزعومة كـ "هرمجدون" من قبل وزير الخارجية الأميركية انتوني بلينكن ورئيسه جو بايدن، وحذَّر من أن الحرب على لبنان تعني أن الحرب ستتحول إلى إقليمية وربما تتطور إلى عالمية في ظل امتداد محور المقاومة من إيران حتى اليمن وقدرة قوات صنعاء على إغلاق البحر الأحمر وتعطيل الملاحة والممرات الدولية الاستراتيجية، فضلاً عن انخراط واشنطن والناتو في معركة أوكرانيا وعدم تحقيقهم لأية أهداف، واستنزاف هذا الحلف الذي بات في غزة أيضاً عبر استهلاك الأسلحة علماً أن الناتو قدَّم لأوكرانيا على مدار عام ونصف أسلحة توازي ما قدَّمه للعدو الإسرائيلي في 3 اسابيع، وأشار العميد عباس إلى أن استبعاد الحرب الشاملة يعود أيضاً للفشل الإسرائيلي في السابق على الأرض اللبنانية فعلى سبيل المثال لم ينجح العدو رغم حشده للواءين من القوات الخاصة وعدة كتائب مدرعات بالسيطرة على مدينة بنت جبيل خلال عدوان العام 2006 وفر جنوده من أرض المعركة رغم تدمير نصف المدينة التي تعد مكشوفة أيضاً.
وبشأن غزة قال العميد عباس لـ LebanonOn إن العدو الإسرائيلي قصف غزة لغاية الآن بمتفجرات تعادل 3 قنابل نووية "40 ألف طن من الأسلحة" ولم يكن أحد يتصوَّر أن الولايات المتحدة والغرب سيمدون العدو بهذا الكم الهائل من السلاح وهذا الأمر غير مسبوق بحيث دمرت غزة بنسبة 70 بالمئة.
وعن العملية البرية رأى العميد عباس أنها لا تقاس بدخول دبابة بل بالمشاة بحيث لم يظهر جنود العدو على أرض غزة لغاية اليوم بعد حوالي 43 يوماً على الحرب، بل إن مقياس العملية البرية هو تحقيق الأهداف، والعدو وضع هدف تحرير رهائنه وتدمير حماس من خلال عمليته البرية وهو عاجز لغاية اليوم عن تحقيق أي هدف، بل كل ما فعله هو تدمير البنى التحتية وقصف الأماكن السكنية والمستشفيات، ليس هذا فحسب بل إن خيبته في مجمع الشفاء الطبي والتي كذَّبت ادعاءاته لناحية استخدام المجمع من قبل المقاومة دفعته للتدقيق بهويات المرضى علَّه يجد أحد عناصر حماس ليُسجِّل إنجازاً ولكن ذلك لم يحصل.
وعن آفاق نهاية الحرب شدَّد العميد عباس في حديثه لـ "LebanonOn" أن واشنطن تدفع باتجاه تأمين مخرج لتل أبيب من ورطتها، ورأى أن التسوية باتت قريبة خاصة بعد إمهال الولايات المتحدة لإسرائيل مرات عدة لتحقيق هدف ما ولكن دون جدوى، وكشف عن أن المقاومة في غزة لن ترضى لإحقاق التسوية إلا بتأمين دخول المساعدات إلى غزة بالشكل المطلوب وبطريقة متواصلة دون انقطاع بالإضافة إلى هدفها الأكبر وهو تبييض السجون الإسرائيلية بمعنى الإفراج عن جميع الأسيرات والأسرى الفلسطينيين من سجون العدو في مقابل الأسرى الصهاينة الذين بحوزتها.