عزت ابو علي - LebanonON
انتظر العرب والمسلمون لأكثر من شهر حتى اتفقوا على اجتماع لمناقشة العدوان على قطاع غزة، التي تشهد أعنف حرب على جميع الصعد منذ السابع من تشرين الأول الماضي.
ومنذ ذلك الحين جاءت المواقف العربية والإسلامية خجولة جداً، لم ترتقِ كما قال المراقبون إلى هول ما يحصل في القطاع، حتى جاء الـ 11 من تشرين الثاني الجاري، يوم استضافت العاصمة السعودية الرياض قمة عربية – إسلامية لمناقشة العدوان الإسرائيلي على غزة.
اتجهت الأنظار نحو دمج القمتين ببعضهما أي قمة جامعة الدول العربية، وقمة منظمة التعاون الإسلامي، بسبب الاستشعار من قادة جميع الدول بأهمية توحيد الجهود والخروج بموقف جماعي موحد يعبر عن الإرادة العربية والإسلامية المشتركة بشأن ما تشهده غزة والأراضي الفلسطينية من تطورات خطيرة وغير مسبوقة، تستوجب وحدة الصف العربي والإسلامي في مواجهتها واحتواء تداعياتها، بحسب وصف الخارجية السعودية.
المشاركة رفيعة المستوى من قيادات الدول العربية والإسلامية على مستوى الرؤساء، وجمع القمتين في قمة واحدة، رفعِ سقف التوقعات بخصوص مخرجاتها لدى البعض.
لكن الحقيقة تقول عكس ذلك، غلب الطابع الإنشائي على غالبية الكلمات التي لم تقدم جديداً للفلسطينيين وشعوب الدول المشاركة، فهم اعتادوا على سماع الشجب والإدانات والاستنكار وإعلان الدعم وفتح المعابر وضرورة إدخال المساعدات ووقف العدوان وحل الدولتين، إلَّا أن بنود القرار الختامي للقمة كانت أبعد ما تكون عن الفعل والتأثير، كيف ذلك؟
غلب العجز والفشل على القمة الموحدة فمن المضحك وصفها بـ "الاستثنائية والمستعجلة" وهي أتت بعد أكثر من شهر كامل على العدوان على قطاع غزة، وبعد أن قارب عدد الشهداء 12000، والجرحى 30000، فضلاً عن الحصار، ومنع دخول الغذاء والماء والدواء والوقود، ودمار عشرات الآلاف من الوحدات السكنية وتدمير مشفى واستهداف كافة المنشآت الصحية وأماكن النزوح في القطاع، يُضاف ذلك إلى أن مخرجات القمة غلبت عليها الصيغة الخطابية، وسط غياب لأية خطوات عملية على سبيل المثال كسر الحصار وإدخال المساعدات حيث اكتفى من صاغ البيان بالإشارة إلى ذلك دون شرح آليات التطبيق في ظل التعنت الإسرائيلي بخصوص إدخال المساعدات للقطاع، فلو أردنا التوصيف بدقة فإن البيان برمته يوضع في خانة الرغبة والدعوة أكثر منه لخطة عملية مثمرة.
واللافت أكثر أن البيان الخجول خلا تماماً من المطالبة بفرض أية عقوبات على إسرائيل أو داعميها، وانسحب الأمر نفسه على سحب السفراء أو طردهم أو التلويح بتجميد العلاقات الدبلوماسية أو قطعها بين البلدان التي ترتبط بعلاقات ديبلوماسية مع كيان الاحتلال.
وعن سياسة إسرائيل التي تدفع إلى تهجير سكان غزة، اكتفى البيان بالتأكيد على حق النازحين من شمال قطاع غزة إلى جنوبه في العودة لمنازلهم، لكن من صاغ البيان لم يتنبه إلا أن العبارة من الممكن أن توحي بفراغ شمال القطاع من المدنيين، وهو أمر غير صحيح يمكن أن تستغله تل أبيب التي تتبنى هذه البروباغندا لتبرير قصفها العشوائي لشمال غزة.
في المحصلة مخرجات القمة العربية الإسلامية كلامية إنشائية في غالبيتها الساحقة، جاءت مفتقرة لآليات تطبيق واضحة المعالم، ليس هذا فحسب بل خلت تماماً من أي رادع عملي لسلطات الاحتلال ومؤسسته العسكرية لوقف ارتكاب المجازر، وجاء البيان وكأنه توسل لإعادة إحياء حل الدولتين المرفوض إسرائيلياً، وحتماً فإن هذه المخرجات التي أعتاد الشارع العربي والإسلامي على سماعها ستطرب آذان قادة الاحتلال الذين لم يلتفتوا إلى المجتمعين في الرياض، وشرعوا بتشديد الحصار على غزة وتوغلوا بداخلها ووصلوا إلى مستشفيات ومشارف أخرى، وصعدوا من المجازر وجرائم الحرب وانتهاك القانون الدولي الإنساني، الأمر ليس غريباً ولِمَ المفاجأة الآن؟! ألم يحصل ذلك كما في محطات سابقة من الصراع بين غزة والعدو الإسرائيلي؟.