عزت ابو علي - LebanonOn
لا يختلف أحد اليوم على مقولة إن لبنان يمر بأخطر مراحله، فكل المؤشرات على أن ما تبقى من دولة هو مهدد أيضاً.
يلازم الشغور الدولة من أعلى هرمها إلى أسفله، في أفضل الأحوال يُستعاض عن الشغور إمَّا بتسيير أعمال تحت ستار التكليف أو تصريف أعمال "إن وُجِدَت"!.
ففي عامه الثاني يطل الفراغ الرئاسي برأسه في ظل مشهد ضبابي مطلق يطوِّق الوضع اللبناني، هذا الوضع الذي بات مرهوناً بتطورات غزة والشرق الأوسط شاء اللبنانيون ذلك أم لا.
على مدار العام الأول من الفراغ الرئاسي عقد مجلس النواب إثنتي عشرة جلسة، لم تنجح أي منها في إيصال شخصية إلى كرسي بعبدا، وانسحب الفشل على المبادرات الخارجية الفرنسية والقطرية والمساعي الغربية والعربية ولم يخرج الدخان الأبيض من مدخنة البرلمان المتعدد الصراعات.
في السابع من تشرين الأول الماضي اندلعت عملية طوفان الأقصى التي أطلقت أعنف حرب بين غزة وإسرائيل ومعها قامت تل أبيب بتنفيذ عدوان واسع على غزة سقط ضحيته لغاية كتابة هذه الأسطر عشرات الآلاف بين شهيد وجريح، ومع تطور الصراع ودخوله المحظور بات الحديث عن حرب شاملة في الشرق الأوسط سيد الموقف وإطفاء هذا اللهيب أولوية الدول الراعية لموضوع لبنان.
لهذا تجمَّدت المبادرات الخارجية لإحداث خرق في جدار أزمة الفراغ الرئاسي، وجاء ذلك مترافقاً مع انعدام أية محاولات داخلية منذ حزيران الماضي، فالأنظار نحو غزة وساحات المواجهة المحتملة، وهذا الملف هو الأكثر سخونة على المستويات كافة، والألوية لقضايا وقف إطلاق النار، حل أزمة الرهائن والأهم عدم تمدد الصراعات.
يعذر الجميع غياب الخارج لانشغاله بالأكثر إلحاحاً، لكن لا أعذار أمام قوى سياسية داخلية يبدو أنها مستسلمة للواقع بشكل تام!، وكأنها تنتظر شيئاً ما، إما الحرب الشاملة أو غلبة طرف في فلسطين المحتلة على حساب آخر.
حول ذلك يقول الكاتب الصحفي وعضو المكتب السياسي في تحالف "وطني" محمود فقيه لـ LebanonOn إن تحويل قضية غزة إلى ملف إقليمي سيجعلها حتماً في صلب القضايا الداخلية اللبنانية وبخاصة إذا دخل الحزب في الصراع بشكل كامل، وبالتالي فإن حسابات الربح والخسارة ستنعكس على قضية الرئاسية وبالتالي تغيير المعادلات الداخلية، واشترط فقيه حدوث ذلك ببقاء الدولة!.
ويرفض فقيه أية مبادرات خارجية لضربها انتظام عمل المؤسسات وبالتالي الدستور، أو حتى التوافق حول شخصية لأن ذلك أشبه بالتعيين، والمنطق يقول إن الانتخاب يتم عبر دورات متتالية كما هو منصوص عنه في الدستور.
ويلفت فقيه إلى أن القوى السياسية غير آبهة بالشغور، واعتبر أن المناصب في لبنان هي لتأمين مصالح شخصية وطائفية، وبالتالي فإن تحقيق هذه المصالح أولوية وتعبئة الفراغات لا تتم إلا لأجلها، فَلِمَ تعبئة الشواغر إن تحققت المصالح بمعزل عنها؟.
واستبعد فقيه حدوث انتخابات نيابية مبكرة إلا في حال وقوع حدث جلل يؤدي إلى عقدٍ اجتماعي جديد أو اتفاق جديد على غرار الطائف، وبالتالي حدوث انتخابات نيابية مبكرة، معتبراً أن هناك نوع من التقويض لدور القوى السياسية الحالية مع الوعي الشعبي المتزايد وانكشاف تآمر هذه القوى في غالبية الملفات وقضايا الفساد وانكشافها أمام الشارع اللبناني.
منذ لحظة طوفان الأقصى سارع العدو الإسرائيلي إلى تشكيل ائتلاف حكومي لمواجهة حالة الحرب التي أعلنها، في حين لم تجدِ أعنف أزمة اقتصادية وكارثة اجتماعية ومصير بلدٍ بات بحكم المجهول نفعاً، بوصول فرقاء التناحر إلى رشد سياسي رأفة بوطن ورحمة بشعب باتت كل آماله تأمين قوته اليومي وأحلامه الخروج من هاوية رُمِيَ فيها عن سابق تصور وتصميم.