عزت ابو علي - LebanonOn
منذ اندلاع معركة طوفان الأقصى بين غزة وإسرائيل في السابع من الشهر الجاري تعرَّضت مصر لعدة ضربات متتالية على خلفية هذا الصراع، وهو ما كشف عنها الجيش المصري إثر آخر عملية استهدفت منطقتي نويبع وطابا المحاذية للأراضي الفلسطينية المحتلة.
على مواقع التواصل الاجتماعي يظهر غضب الشارع المصري بعد هذه الحوادث المتكررة، خاصة استهداف موقع عسكري مصري بقذائف الدبابات الإسرائيلية واستهداف نويبع وطابا، فنتائج التحقيقات التي أجراها الجيش كشفت أن طائرتين مُسيرتين قدمتا من جنوب البحر الأحمر إلى الشمال، حيث تم استهداف إحداهما خارج المجال الجوي المصري بمنطقة خليج العقبة، ما أسفر عن سقوط بعض حطامها بمنطقة غير مأهولة بالسكان بنويبع إضافة إلى سقوط الأخرى في طابا.
هذه العمليات الخطيرة بحسب وصف الجيش استنفرت القوات الجوية وقوات الدفاع الجوي المصرية التي تأهبت لتأمين المجال الجوي المصري على كافة الاتجاهات الاستراتيجية للدولة.
مدير منتدى شرق المتوسط للدراسات الاستراتيجة في القاهرة الدكتور محمد حامد يقول لـ "LebanonOn" إن إسرائيل لم تعلن الحرب منذ 50 عاماً بعد هزيمتها أمام مصر في حرب العام 1973، وإعلان تل أبيب حالة الحرب اليوم وضع القاهرة في موقف لا تحسد عليه، فإسرائيل على حدود مصر وتقيم معها اتفاقية كامب دايفد "للسلام" وهي اليوم في حالة حرب وهو ما وضع القيادة السياسية والعسكرية والأمنية المصرية تحت ضغوط هائلة وباتت محط أنظار العالم كله، خاصة وأن مصر اليوم تقوم بوضع تقديرات للموقف من خلال اجتماعات دورية تمكن القاهرة من الخروج بمواقف معينة لمواجهة هذه الحالة التي توجد في غزة الآن.
ويؤكد حامد أن مصر تشظت من جراء هذه الحرب سواء من خلال ضرب معبر رفح بهدف تعطيل دخول المساعدات وقصف الموقع العسكري في كرم أبو سالم والمسيرات اليمنية التي سقطت فوق منشآتها في نويبع وطابا والتي كانت متجهة إلى إيلات، والقاهرة اليوم في بؤرة الأحداث فهي كانت الضامن الوحيد في اتفاقيات وقف إطلاق النار بين الفصائل في غزة وإسرائيل طوال الخمس حروب الماضية بين غزة وإسرائيل، بالإضافة إلى دورها المحوري في إتمام عملية التبادل بين الفلسطينيين والإسرائيليين من خلال إفراج فصائل غزة عن الجندي الإسرائيلي المحتجز لديها جلعاد شاليط مقابل الإفراج عن مئات الأسرى الفلسطينيين.
ويلفت حامد إلى أن مصر اليوم تصلها المطالب الغربية يومياً بهدف التدخل لإيجاد حلٍ لأزمة الرهائن، وهذا ما يُفسِّر التظاهرات الإسرائيلية أمام السفارة المصرية في تل أبيب من قبل أهالي الأسرى المحتجزين في غزة، وتحت أنظار القيادة الإسرائيلية وهذا ما يشير إلى أن هناك تعويل إسرائيلي كبير على الدور المصري، وأن مصر في قلب المعركة.
وعن المطالب الشعبية بقطع العلاقات الديبلوماسية بين مصر وإسرائيل يرى حامد أن ذلك غير ممكن فهي منوط بها التفاوض حول ملف الأسرى والرهائن بين الفلسطينيين والإسرائيليين، ويؤكد أن ذلك يتعارض مع المنطق والدور المنوط بمصر أن تلعبه في هذا التوقيت الحرج.
ويصف حامد قضية سحب السفراء وتجميد العلاقات بالشعبوية الهادفة إلى ذر الرماد في العيون فمصر لطالما كانت في قلب الصراع وهي التي تعمل على إطفائه كلما اندلع من خلال علاقاتها مع جانبيه.
وعن الردود المصرية المتوقعة حيال هذه التجاوزات الحدودية الخطيرة استبعد حامد قطع العلاقات مع طرف أعلن أنه في حالة حرب "إسرائيل" وفي ظل الحاجة العربية والشرق أوسطية والدولية للتدخل المصري لوقف الصراع الدموي.
ولا يستبعد حامد أن تلجأ مصر التي أبدت غضبها جراء الاستهدافات المتكررة ومنع أو إعاقة دخول المساعدات إلى غزة للجوء إلى طرق ديبلوماسية وغير ديبلوماسية للرد على إسرائيل في حال تكرار الاعتداءات وتعنتها المستمر، وهو ما يتطابق مع ما قاله مصدر عسكري مصري لموقع LebanonON من أن كل الخيارات مطروحة أمام الجيش للتعامل مع الاعتداءات على مصر التي تحتفظ لنفسها بحق الرد.
ويشدد المصدر على أن مصر لن تتوانى عن حماية أمنها القومي ومنذ اندلاع الحرب في غزة في السابع من الشهر الجاري، اتخذت موقفها المعتاد وهو الدفاع عن الشعب الفلسطيني من جهة وأمنها القومي من جهة أخرى.
ويؤكد المصدر أن القوات المسلحة المصرية لديها ثوابت ومهام تاريخية تتمثل في حماية البلاد من أي تهديد خارجي، ولديها منظومة دفاع جوي وبحري كفيلة بالقيام بأي رد يحمي أراضي أجواء وسواحل مصر، ومواجهة أي اختراق للحدود المصرية، والتعامل مع أي طائرة ومركبة تتجاوز المجال المصري براً أو بحراً أو جواً .
ويرى المصدر أن الخيار العسكري سيكون الأخير لما يشكله من عواقب لا تحمد عقباها على السلم في المنطقة والعالم برمته، لكنه لا يستبعد اللجوء أولاً إلى الخيار القانوني فالاعتداء على سيادة الدول يمثل انتهاكاً للمادة الثانية من الفقرة الرابعة من ميثاق الأمم المتحدة التي تحظر استخدام القوة ضد سلامة أراضي الدول، وما يمثل جريمة العدوان المحظورة بموجب قرار الجمعية العامة رقم 3314 لعام 1974، وهو ما ينطبق على حالة مصر ويُعد انتهاكا لسيادتها ويستوجب محاسبة الفاعل الذي تثبت إدانته، ودعا المصدر إلى تشكيل لجنة تحقيق دولية للوقوف على ذلك، وشدَّد على أن الهجمات على مصر فضلاً عن انتهاكها للقانون الدولي فإنها تُشَكِّل انتهاكاً صارخاً لأحكام القانون الدولي الإنساني وخاصة البروتوكول الإضافي الأول الملحق باتفاقيات جنيف والذي يحظر الهجمات العشوائية ضد المدنيين، وأضاف المصدر لـ "LebanonOn" أن الأدلة الجنائية في الجيش تعمل على جمع الأدلة بهدف قيام الأجهزة المختصة بمقاضاة كل من تثبت إدانته والمطالبة بالتعويض عن الأضرار التي لحقت بالبلاد، مؤكداً حق مصر في اتخاذ إجراءات الدفاع عن النفس وفقاً للمادة 51 من ميثاق الأمم المتحدة، أمام أي اعتداءات، واتخاذ كل الإجراءات المنصوص عليها في القانون الدولي بما في ذلك رفع الأمر لمجلس الأمن واستخدام القوة إن لزم الأمر.