عزت ابو علي - LebanonOn
تعود حكاية لبنان مع الطاقة إلى زمن الانتداب الفرنسي (1918-1946)، وبدأ الاهتمام بمسألتي النفط والغاز في الدولة اللبنانية، إلا أن الضغوط السياسية وظروف الحرب الداخلية وعدم الإستقرار السياسي في البلاد، وصعوبة استخراجه في الماضي، كلها عوامل أخرت عملية التنقيب والبحث، عن ثروة أشارت الدراسات والمسوح إلى أنها تُقدَّر بـ 122 تريليون قدم مكعب و30 إلى 40 مليار برميل من النفط الخام.
كان دون ذلك عقبات عدة، فلبنان لا يمتلك أسطولاً بحرياً للبحث والتنقيب، ولا مصافٍ حديثة ويفتقر إلى أماكن التخزين ومعامل تسييل الغاز، لكن الأهم من ذلك هو عدم ترسيم الحدود المائية مع العدو الإسرائيلي.
ألقت الدولة بكل ثقلها بغية حل هذا الملف وتحت رعاية الولايات المتحدة رُسِّمَت الحدود، وأُطلقت دورات الترخيص الخاصة بالتنقيب، فحظيت شركة توتال الفرنسية بالتحالف مع إيني الإيطالية ونوفاتيك الروسية التي انسحبت فيما بعد وحلت مكانها قطر للطاقة، بعقد التنقيب في البلوك رقم 9 "الواعد"، ووصلت المعدات في منتصف آب الماضي، وبدأت أعمال الحفر.
في ذلك الوقت قال رئيس الحكومة اللبنانية نجيب ميقاتي : "اسمحوا لي أن أسجل ارتياح لبنان لبدء عملية التنقيب عن النفط والغاز في مياهه الإقليمية، ورغبته في لعب دور بناء مستقبلاً في مجالات الطاقة في حوض المتوسط".
كلام ميقاتي سار بشكل متوازٍ مع تصريحات توتال التي أعلنت عن تفاؤلها بوجود ثروات في حقل قانا في البلوك 9، وقالت إنها على بعد خطوات قليلة من الاستكشاف.
في أواخر آب الماضي بدأت أعمال التنقيب، لكن الصدمة التي تلقاها اللبنانيون تجسَّدت في كتاب توتال إلى وزارة الطاقة والتي قالت فيه إنه وبتاريخ 13 تشرين الأول الجاري، تم الانتهاء من حفر بئر قانا 31/1، بعدما وصلت إلى عمق إجمالي قدره 3865 متراً تحت سطح البحر أو 3905 أمتار من المنصة، وأشارت إلى أنها اخترقت بالكامل التكوين الجيولوجي المعروف باسم "Tamar C"، واخترقت بشكل كافٍ التكوين الجيولوجي المعروف باسم "Tamar D"، وكلاهما تم التأكد من أنهما يحملان المياه.
وبناءً على ذلك، أكدت الشركة أن أصحاب الحقوق في البلوك الرقم 9 استوفوا الحد الأدنى من التزامات العمل لفترة الاستكشاف الأولى بموجب اتفاقية حماية البيئة.
وأبلغت الشركة وزارة الطاقة أنها ستبدأ عمليات سدّ وهجر بئر قانا في أي وقت بعد 24 ساعة على تاريخ التبليغ، بحسب المادة 94 والمادة 100 من لائحة الأنشطة البترولية.
إثر ذلك تداعت هيئة قطاع البترول لإصدار بيان توضيحي علها تحيي أملاً تبدد مع جزر مياه البلوك رقم 9، فأفادت الهيئة أن اختيار موقع البئر في حوض قانا غير المستكشف، هدف إلى الإجابة عن سؤالين محوريين لمستقبل عمليات الاستكشاف في البحر اللبناني.
الأول، تأكيد أو نفي وجود مكامن (Reservoirs) ونوعيتها خاصة بالبحر اللبناني، في طبقة جيولوجية لم يتم اكتشاف مكامن فيها في الحوض المشرقي بعد.
أما الآخر يتجلى بمدى تشابه وامتداد الطبقات الجيولوجية التي تم تسجيل اكتشافات غازية فيها في بحر فلسطين المحتلة، بمثيلاتها في البحر اللبناني، وتأكيد أو نفي وجود مكامن غازية (Reservoirs) ونوعيتها.
مصدر مطلع قال لـ "LebanonOn" إنه تم من خلال الحفر، اختراق الطبقات المستهدفة وتأكيد وجود مكمن بنوعية جيدة يحتوي على الغاز في الطبقة الخاصة بلبنان، وأكد أن اكتشاف المكمن في حوض قانا يوجب إجراء دراسة موسعة لفهم أعمق، لرسم خارطة لهذا النوع من المكامن في حوض قانا وعلى امتداد البلوك 9 والبلوكات المحيطة، بهدف تحديد أماكن المكامن التي يمكن أن تحتوي على مواد هيدروكاربونية بكميات تجارية.
وأوضح المصدر أنه تم تأكيد امتداد الطبقات الجيولوجية التي سجلت فيها اكتشافات غازية في بحر فلسطين المحتلة إلى البحر اللبناني، وتم تأكيد وجود مكامن (Reservoirs) بنوعية جيدة جداً، والتي احتوت على آثار للغاز في الموقع الذي حُفِرَت فيه البئر.
ولم يستبعد المصدر قرار توتال هذا بالتطورات في قطاع غزة، فكل المؤشرات تدل على أن مكامن الثروة موجودة، لكن الطارىء في المنطقة التي تغلي على فوهة بركان لا يُشجع على الاستثمار حتى ولو كان الفوز بالذهب الأسود محققاً.