ميسا جبولي
أذكر جيدا عندما كنت في السنوات الأولى من عمري، كيف كان الحديث عن الخدمة العسكرية يرعب إخوتي وابناء الجيران. أذكر حينها كيف كانت البزة العسكرية فخرا، ومصدر هيبة ورهبة عندما كنا نراها.
منذ سنوات حتى اليوم، كل شيء تبدل إلا مشهد المؤسسة العسكرية وحده بقي ثابتا، وحده مشهد الجيش اللبناني لا يزال يجمع كلّ اللبنانيين تحت رايته.
بعد أن عادت خدمة العلم في العام 1993، أُلغيت الخدمة مرة أخرى، وبصورة نهائيّة في العام 2007، بموجب القانون 665 الصادر في 4 شباط 2005 وحتى تاريخه، وفيما يعتبر البعض أن الخدمة العسكرية ضرورة ملحة في البلد وحاجة أساسية لاعادة "تخشين" الشباب، يرى آخرون أن خدمة العلم تتعارض مع مبدأ الحريّات.
وفيما يدعو كثرٌ اليوم لعودة خدمة العلم، يرفض عدد من الشباب اللبناني ذلك، بالقول: "يلي كانوا بالخدمة عم يهربوا، نحنا كيف بدنا نفوت؟"
وفي ظل ما يشهده البلد، هل أصبحت الخدمة الاجبارية حاجة ضرورية؟ وكيف يمكن أن تساهم بحل البعض من المشاكل؟
في هذا السياق، شدّد العميد المتقاعد مصطفى حمدان في حديثه لموقع LebanonOn على أن "خدمة العلم اكثر من ضرورية، وأصبحت جزءا من مشروع الحل الوطني الشامل لحماية البلد في المرحلة المقبلة".
وعن تجربة سابقة، قال حمدان: "على الخدمة الاجبارية ان تكون سنتين وليس سنة واحدة فقط، بسبب ما يواجهه شبابنا من قلة وطنية وطائفية وانتشار للمخدرات وغيرها".
وأضاف: "الانصهار الوطني واللحمة الوطنية تجلت من خلال مخيمات التدريب ومن خلال خدمة العلم، واذا لم ننتج من خلال الحس الوطني والمسؤولية الوطنية جيلا جديدا من الشباب والشابات، يتحمل مسؤولية وطنية خارج أطر الكانتونات المخفية، لا يمكننا مستقبلا تأمين فرص عمل مناسبة لهم".
وشدّد على ضرورة ان "يشمل التجنيد الاجباري الشابات ايضا وليس فقط الشباب".
وأكد حمدان أن "خدمة العلم تحارب الشذوذ الجنسي، وتحافظ على المبادئ الوطنية والقيم التي نفتقدها وتمنع انحراف الشباب"، مشيرا إلى أن "خدمة العلم تكون من مختلف الطوائف، فالمؤسسة العسكرية رغم كل الظروف، تكاد تكون الارضة الخصبة المتبقية للإنصهار الوطني في وجه كلّ محاولات التفتيت الذي نمرّ به اليوم على كافة المستويات".
وأشار حمدان إلى أنّ "الواقع المسيحي في لبنان مستهدف، شاء من شاء وأبى من أبى، فلبنان ركيزته الاساسية هو الوجود المسيحي، لذلك، إنّ ضرورة وجود المسيحيين في الجيش ليس ترفا، انما واجب وطني".
ولفت إلى أن "الغاء خدمة العلم في العام 2007، حصل بناء على طلب عدد من النواب والمسؤولين الذين كان لديهم ابناء عليهم الدخول الى الخدمة العسكرية، فقرروا الغاءها"، مشددا على انه كان بامكانهم تخفيضها وليس الغاؤها كليا.
بدوره، قال وزير الداخلية السابق العميد مروان شربل في حديث خاص مع موقع LebanonOn: "على الخدمة العسكرية أن تعود لالغاء فكرة الطائفية ويصبح هناك اندماج بين المواطنين داخل الجيش اللبناني".
وأضاف: "يرجعوا الخدمة العسكرية خلي الشباب يتعلموا النشيد الوطني ويحبوا الوطن، فالخدمة العسكرية، تزيد محبة الوطن، والتفاهم والخبز والملح يكثر بين اللبنانيين".
وتابع: "عندما تعود خدمة العلم، عند أي اعتداء على البلد، يمكننا ان نقول للشاب خذ بندقيتك ودافع عن بلدك، فالعسكري الموجود على الحدود اللبنانية في الصقيع والجوع، يختلف عن شباب اليوم الذين يسهرون يوميا في الكاباريهات والنوادي الليلية".
وعن عودة الخدمة الاجبارية، في الظرف الحالي قال: "تتطلب وفاقا واعادة احياء القانون الذي كان موجودا سابقا وتحتاج الى موافقة وخطة شاملة، أما في هذه الظروف، من الصعب ان تعود".
وعما اذا كان عدد الضباط الذين يتقدمون للخدمة العسكرية يتراجع، قال شربل إن "عدد الضباط الذين يتقدمون الى المدرسة الحربية هذا العام بعد ان اعلنوا عن تطويع ضباط، كبير جدا، وهذا ما يبشر بالخير بأنّ هناك شبان لا يزالون ينتمون للبلد".