عزت ابو علي – Lebanon On
منذ بداية الأزمة الاقتصادية في العام 2019 يعاني موظفو القطاع العام في لبنان من تدهور رواتبهم بالعملة المحلية، بسبب الارتفاع الصاروخي لسعر صرف الدولار الأميركي، الذي استقر اليوم وبشكل مؤقت، على سعر 89500 ليرة لبنانية لكل دولار أميركي واحد.
وعلى مدى 4 سنوات نادى الموظفون بأعلى صوتهم، الحكومة، لأجل إعادة القيمة لرواتبهم بما يكفي لتأمين معيشة كريمة لهم، لكن دون جدوى.
تُرجِعُ الحكومة السبب لعدم توفر الأموال حيناً، ولأعدادهم الضخمة التي تتخطى عتبة الـ 300 ألف موظف حيناً آخر، مما سيؤدي حتماً إلى نتائج لا تحمد عقباها، في ظل فقدان السيطرة على سعر صرف الدولار من جهة، والتضخم من جهة أُخرى.
في المقابل يقول الموظفون إن بمقدور الحكومة حل أزمتهم نظراً للإيرادات الضخمة التي تقوم بجبايتها، بناءً على المراسيم التي صدرت ودخلت حيز التنفيذ، بخصوص دولرة جميع الرسوم السابقة، واستحداث ضرائب جديدة في مشروع الموازنة.
وبعد سلسلة المساعدات الاجتماعية التي أعطتها الحكومة للموظفين، أقرَّت في موازنة 2022 الثلاثة رواتب، ومن ثم أصدرت مرسوماً يعطي بالإضافة الى ما سبق قيمة أربعة رواتب، وبدل نقل يساوي 450 ألف ليرة عن كل يوم حضور فعلي، وربطت الحكومة الزيادات بشرط حضور الموظف 14 يوماً إلى العمل.
تطبيق الشرط يتم باستنسابية، فالإضراب لا يزال يشل غالبية الدوائر الحكومية، في سعي من الموظفين للضغط على الحكومة لتحصيل ما يطالبون به، خاصة وأنها بحاجة ماسَّة إلى إيرادات أدرجتها في مشروع الموازنة، ومن سيقوم بالتحصيل في حال استمرار إغلاق الدوائر الرسمية؟!
ومنذ أيام صدر قرار عن مجلس الوزراء يقضي بإعطاء بدل إنتاجية لموظفي القطاع العام يتراوح بين 18 مليون و10 ملايين ليرة لبنانية بحسب تسلسل الفئأت الوظيفية الـ 5، لمدة شهرين عن أيلول الجاري وتشرين الأول المقبل.
مصدرٌ في وزارة المالية أكَّد لـ "Lebanon On" أن الزيادة الجديدة تهدف بشكل أساسي إلى تشجيع الموظفين للعودة إلى مكاتبهم وتسيير أعمال الإدارة العامة، لكنه لم يُخفِ أن في باطن القرار سعي حكومي لإعادة فتح الإدارات بشكل طبيعي بهدف تفعيل الجباية وبالتالي الواردات التي أُدرِجَت في مشروع قانون الموازنة.
فبحسب تعبير المصدر لـ "Lebanon On" لا جباية دون عمل ولا واردات مُحَصَّلَة في ظل غياب الموظفين، وبالتالي فإنَّ هذه الزيادة ما هي إلا الباب لدخول الواردات إلى الخزينة العامة خاصة وأنها مُحدَّدة بفترة شهرين فقط.
ولدى سؤاله ماذا بعد انقضاء هذه الفترة؟ ألمح المصدر إلى أن الحكومة ستقوم بإحصاء ما حصَّلت من أموال، وهنا ستصدر المراسيم لإضافات جديدة.
لكن القرار الجديد يبقى لغاية الآن حبراً على ورق، فهو لم يصدر في الجريدة الرسمية أي أنه لم يسلك بعد طرقه إلى التنفيذ حيث كشف المصدر لـ "Lebanon On" عن أن خلافاً حصل داخل الحكومة حول كيفية إعطاء الزيادة خاصة وأنها مشروطة بحضور الموظفين إلى أعمالهم بدوام كامل أي 5 أيام أسبوعياً، مع حفظ حق الموظف بحصوله على إجازات إدارية أو مرضية لا تتعدى 4 أيام شهرياً، وإلا لن يستفيد مما أُقِر، فكيف سيستفيد الموظفون عن شهر أيلول وهم لم يعودوا إلى مكاتبهم بعد؟.
"Lebanon On" استطلع آراء بعض الموظفين حول القرار الجديد، حيث أجمعوا أن الزيادة لن تعود عليهم إلَّا بمزيد من الخسائر، فشهر تشرين الأول المقبل يشتمل على 22 يوم عمل وبالتالي فإن سيتقاضون ما مقداره 9900000 ليرة لبنانية بدل نقل يُضاف إليهم الزيادة المقترحة ما بين 18 و 10 ملايين ليرة لبنانية بحسب الفئات الوظيفية، وإذا كان الموظف بحاجة لصفيحة من المحروقات للوصول إلى عمله، فإنَّه سيدفع ضعف هذه الزيادة للتنقلات فقط، وبالتالي لن يجنيَ إلا خسائر تُضاف إلى رواية معاناته المُزمِنَة، ولفتوا إلى أن هذه الزيادة ستطالهم فقط، وتستثني في مسعى من الحكومة لفصل القطاعات، الأجهزة العسكرية والأمنية، أساتذة التعليم، المؤسسات العامة والجهاز القضائي، وطرحوا سؤالاً عن مصير سعر صرف الدولار في حال ضخ المزيد من الليرة اللبنانية في السوق لتمويل هذه الزيادة، التي تأتي بالتزامن مع إقرار 5000 مليار ليرة لبنانية للأساتذة لإطلاق العام الدراسي، وخاصة أن بدل الـ 300 دولار لكل أستاذ ستُشترى حتماً من السوق الموازي، وبالتالي تحليق سعر صرف الدولار الأميركي مقابل الليرة إلى مستويات قياسية.
تقول القاعدة إن المال مقابل العمل، وبالتالي فإن إعادة الدور للقطاع العام وتفعيله لا يتم إلا بإعادة هيكلته وإصلاحه لزيادة إنتاجيته وبالتالي الإيرادات وهو ما ورد في مشروع قانون الموازنة، وهذا الحل هو الأمثل لإزالة الآثار السلبية عن موظفيه الذين تأذوا بشده من الأزمة الاقتصادية والاجتماعية التي تعصف بالبلاد منذ أربعة أعوام.