عزت ابو علي - Lebanon On
ليل الخامس من أيلول قبل 26 عاماً أي في العام 1997 نزلت قوة بحرية خاصة من جيش العدو الإسرائيلي على الشاطىء اللبناني ما بين مدينتي صيدا وصور محاولة التسلل الى الداخل، ما لبثت أن تعرضت لكمين مُحكم، ما أدى إلى ما وُصف لاحقاً بأسوأ هزيمة للجيش الإسرائيلي منذ أعوام عدة.
كانت هذه المجموعة الخاصة تتبع لوحدة "شايطيت 13" التي تعد نخبة سلاح "الضفادع البشرية" وكانت تتكون من 16 عنصراً.
وفيما كان أفراد القوة البحرية الإسرائيلية الخاصة يسيرون متسترين بالظلام، صُعِقُوا بالقرب من بلدة أنصارية الجنوبية بكمين من الألغام وبوابل من الرصاص قابلهم بها عناصر الجيش اللبناني ومقاتلون من المقاومة، ما أدى إلى مقتل 12 من أفرادها بما في ذلك قائد المجموعة المقدم "يوسي كوراكين"، وإصابة أربعة آخرين.
سقط معظم أفراد المجموعة قتلى، وحوصر من بقي منهم حياً، فطلبوا النجدة والدعم الجوي والبحري، ونشبت معركة بالأسلحة النارية استمرت ثلاث ساعات قبل أن يتم انتشال جثث 11 من أفراد الكومندوز، وإجلاء أربعة جرحى تم نقلهم بطائرة مروحية إلى مستشفيات في شمال الأراضي المحتلة، بينما لم تتمكن فرق الإخلاء المعادية من العثور على الجندي الثاني عشر القتيل وقيل يومها إن عبوات ناسفة كان يحملها على ظهره انفجرت وحولته إلى أشلاء.
وسائل إعلام العدو نقلت في ذلك الوقت عن الطبيب دانيال موشيه، الذي تولى استقبال القتلى والجرحى في مستشفى الجليل الغربي في نهاريا قوله:" لم أر شيئاً كهذا منذ أكثر من 20 عاما".
أما جيش الاحتلال فقد كشف عن أن القوة فيما كانت في طريقها لتنفيذ "مهمتها" تعرضت لعبوة ناسفة قوية ولإطلاق نار من مقاتلين لبنانيين، وأن قوة انقاذ من المروحيات والسفن الحربية انضمت إلى معركة استمرت حتى الفجر، وقامت قوة الإنقاذ بإجلاء القتلى والجرحى والبحث عن جندي، عُدَّ في ذلك الوقت مفقوداً.
من الجانب اللبناني أسفرت المعركة عن استشهاد امرأة وفتاة، كما أصيب ستة مدنيين آخرين بالقرب من بلدة أنصارية، وأصيب أيضاً ستة من المقاتلين وأحد عناصر الجيش اللبناني.
وبالعودة الى تفاصيل العملية، نفى قادة العدو أن تكون القوة الخاصة قد اكتُشِفَت مسبقاً وتعرضت لكمين، وعلى إثر ذلك سرت شائعات حول صدفة جمعت أفراد القوة المعادية بالمقاتلين اللبنانيين، وهو الدافع الذي قد يكون أدى إلى تفجير العبوات الناسفة التي كان يحملها جنود العدو.
تل أبيب لم تكشف عن "مهمة" قوة الكوماندوز البحرية التي تُعدُّ الأكثر شهرة في جيشها، داخل لبنان، في حين رأى رئيس مجلس النواب ورئيس حركة أمل نبيه بري، أن القوة الخاصة البحرية المعادية كانت تنوي تفجير مقر الحركة في بلدة أنصارية.
وبمقتل الجنود الـ 12 من وحدة النخبة هذه، ارتفعت خسائر الإسرائيليين إلى 864 قتيلاً في ذلك الحين، منذ قيام العدو بفرض ما وصفها بالمنطقة العازلة بعمق 9 أميال على طول الحدود في جنوب لبنان عام 1982.
هذا الفشل العسكري الذريع ورغم محاولات حكومة العدو التقليل من أهميته وإعادة أسبابه إلى الصدفة، تسبب في نقاش حاد داخل مجلس الوزراء، حيث نقلت القناة الثانية العبرية يومها عن وزير البنية التحتية آنذاك أرييل شارون الذي قاد عملية احتلال لبنان في عام 1982، دعوته إلى أن "تتجنب إسرائيل تنفيذ مثل هذه العمليات الخطيرة، وتقوم بدلاً من ذلك بضرب البنية التحتية المدنية التي يستخدمها المقاتلون اللبنانيون".
قبل عام واحد من الآن وتحديداً في شهر آذار وصف موقع "Spec Ops Magazine" المتخصص في الشؤون العسكرية، الكمين، بأنه أكبر إذلال عسكري لإسرائيل في لبنان منذ العام 1985، وأكثر معركة دموية لوحدة النخبة "الإسرائيلية" شايطيت، وأكدَّ الموقع أن العملية تُعَدُّ من أكثر عمليات اللبنانيين الاستخباراتية تدميراً على الإطلاق، وكشف عن أن هزيمة الاحتلال في كمين أنصارية يعود إلى خيانةٍ من قبل ما قال إنه عميل لبناني مزدوج.
لكن في العاشر من آب من العام 2010 كشف الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله تفاصيل العملية، حيث أكد رصد المقاومة لصور طائرات الاستطلاع الإسرائيلية قبل العملية، والتي تدل على الطرق التي سيسلكها الجنود الإسرائيليون أثناء العملية، الأمر الذي مكَّن المقاومة من الإيقاع بجنود الاحتلال، وبالتالي حسم الجدل حول التقاطه لبث طائرات الاستطلاع الإسرائيلية وأن الكمين لم يكن صدفة.