عزت ابو علي – Lebanon On
الكهرباء مشكلة لبنان التي استعصت على الحل لعقود من الزمن، وكلفت خزينة الدولة عشرات المليارات من الدولارات، فهي وبحسب تقديرات البنك الدولي تتحمل المسؤولية الأكبر من الانهيار الاقتصادي الذي عصف بلبنان منذ العام 2019 وأرهقت كاهل الدولة بما يوازي تقريباً الـ 70 مليار دولار، ورغم ضخامة هذا المبلغ يعاني لبنان من انعدامها بشكل شبه كلي.
أمام هذا الواقع المرير ولأن الحاجة أُمُّ الاختراع خرجت بارقة الأمل من شاب لبناني من قرية ببنين العكارية عبر شركته الناشئة "GreeNX" حيث ابتكر محمد السبسبي طريقة لتوليد الكهرباء نجحت لغاية الآن على 6 منازل في قريته.
ففي الوقت الذي يلجأ فيه اللبنانيون إلى مصادر طاقة بديلة حتى لا تفرض العتمة نفسها عليهم، منها الاشتراكات بالمولدات الكهربائية والألواح الشمسية التي كبدتهم أعباء إضافية بالدولار الأمريكي مقابل الحصول على راحة مُستدامة، نجح السبسبي في ابتكار مروحة غير تقليدية لتوليد الطاقة الكهربائية عبر براميل بلاستيكية يُعاد تدويرها بعد الاستخدام.
طالب اللغة الفرنسية وآدابها في الجامعة اللبنانية طبَّق شغفه بالفيزياء وصنع اختراعاً غير تقليدي لتوليد الطاقة الكهربائية من البراميل، فأزمة كورونا وتدهور الاقتصاد وضعف القدرة الشرائية، أجبرته على ترك الجامعة ليُطلق اختراعاته وسط حي فقير يقطن به في قرية ببنين بعكار شمالي لبنان.
يقول السبسبي لـ "Lebanon On" إن آلية إنتاج الكهرباء في الجهاز الذي ابتكره من التوربين الهوائي العمودي المحور بعد إيجاد الحلول لكافة العيوب تعتمد على مبدأ تحويل الطاقة الحركية للرياح إلى طاقة ميكانيكية، بواسطة التوربين الذي يمنح الطاقة إلى المولد الكهربائي ليحول الحركة الدورانية إلى كهرباء.
وعبر جهاز تحكم ذاتي يتم ضبط الطاقة الكهربائية وتنظيمها ليتم شحن البطاريات وتخزين الطاقة وتوزيعها من بعد على 6 منازل سكنية في الحي تعود لعائلته.
ما يميز التوربين أنه مصنوع من مواد محلية قابلة لإعادة التدوير، فالبراميل البلاستيكية تلعب دور الدافعات التي تتلقى طاقة الرياح بشكل عمودي وأفقي لتعطي للتوربين قوة الدفع، ولتعزيز هذه القوة تم اعتماد مبدأ عزم الدوران أي مضاعفة الدوران لإنتاج الطاقة الكهربائية بأقل طاقة رياح ممكنة، حيث يتميز التوربين بإنتاجيته العالية مع سرعة الرياح المنخفضة.
يحلم السبسبي كما قال لـ "Lebanon on" بأن يُضاء لبنان بالكامل عبر الطاقة النظيفة والتخلي تماما عن الوقود الأحفوري والحد مديونية الدولة بسبب ارتفاع تكاليف قطاع الكهرباء، ولفت إلى أن هناك مصادر طبيعية عديدة في لبنان يمكن توليد الطاقة منها مثل الرياح على الساحل وفي الجبال وأمواج البحر والأنهر والطاقة من الشمس أيضا.
وعن العوائق التي تواجه تطوير مشاريعه، أشار السبسبي لـ "Lebanon On" إلى أن العائق الأساسي تمويل إجراء التجارب والأبحاث، بالإضافة إلى القيود القانونية التي تضعها الحكومة على توليد الطاقة من أمواج البحر، فالعمل في هذا المجال يحتاج إلى ترخيص.
وضع الرؤية والجدوى الاقتصادية لشركة "GreeNX" الناشئة تم، وجاهزة لتلقي الاستثمارات في مجال الطاقة المتجددة حيث يكشف السبسبي لـ "Lebanon On" عن اهتمام خارجي بالموضوع، ويلفت إلى أن تمويل مشروعه الأولي تمَّ من خلال تشجيعٍ من بعض الأصدقاء والمعارف حيث دعم مادياً أحد أقربائه ويُدعى جمال النابلسي المقيم في النروج مشروعه وكذلك الدكتور ميشال الصراف المُقيم في فرنسا الذي قدَّم الأموال اللازمة له لإتمام المشروع على أمل أن يتحوَّل إلى استثمار في المستقبل.
لم يكتفِ السبسبي بهذا الاختراع بل يعمل بنشاط على عدة اختراعات من قَبيل إنتاج الغاز الطبيعي من الفضلات الحيوانية والبشرية وصناعة التوربين بشكل كامل في لبنان ونماذج لتوليد الطاقة من أمواج البحر ومن حركة السيارات على الطرقات سواء عبر الرياح الناتجة عن حركتها أو مطبات كهربائية لإنارة الشوارع، وكشف لـ "Lebanon On" عن انتهائه من مشروع الفحم الالكتروني الذي سيُطلقه قريباً والذي يهدف للحلول مكان الفحم الطبيعي الذي يؤدي إنتاجه للقضاء على الغطاء الأخضر وزيادة الانبعاثات الكربونية التي تؤذي البشر والطبيعة على حد سواء.