عزت ابو علي – Lebanon On
يُسيطِر الترقب الحذِر على الموقف في مخيم عين الحلوة للاجئين الفلسطينيين في مدينة صيدا، بعد أسبوعين من وقف إطلاق النار بسبب الاشتباكات الدامية في المخيم التي اندلعت يوم الـ 29 من شهر تموز الماضي بين قوات الأمن الوطني الفلسطيني ومجموعات متطرفة وأدت إلى مقتل 14 شخصاً وإصابة أكثر من 60 آخرين وتهجير الآلاف من المدنيين ودمار هائل في الممتلكات.
تأسس مخيم عين الحلوة عام 1948، وهو أكبر مخيم للاجئين الفلسطينيين في لبنان، إذ يضم حوالي 50 ألف لاجئ مسجل بحسب الأمم المتحدة، بينما تفيد تقديرات غير رسمية بأن عدد سكانه يتجاوز 70 ألفاً، ولا يدخل الجيش أو القوى الأمنية اللبنانية إلى المخيمات بموجب اتفاقات ضمنية سابقة، تاركين مهمة حفظ الأمن فيها للفلسطينيين أنفسهم داخلها، لكن الجيش اللبناني يفرض إجراءات مشددة حولها.
عملياً أو كما يُفترض يخضع المخيم لسيطرة قوات الأمن الوطني الفلسطيني، لكنه بخلاف باقي مخيمات لبنان يضم موزاييكا معقدة للجماعات المتطرفة التي لا تخضع جميعها لنفس القيادة، ولا تتفق مع بعضها على قرارات موحدة، وهذا ما أظهرته الاشتباكات الأخيرة حيث وقعت بين مقاتلين من حركة فتح وآخرين تابعين لحركة الشباب المسلم، وهي عبارة عن مجموعات مسلحة كانت تسمى سابقاً جند الشام، وكانت تُوالي تنظيم القاعدة.
وإلى هذه الحركة يضم المخيم تنظيم عصبة الأنصار الإسلامية، والحركة الإسلامية المجاهدة، وحركة حماس، إضافة إلى حركتي أنصار الله والجهاد الإسلامي المواليتين لإيران.
وفي حديث لـ Lebanon On أكد مصدر في منظمة التحرير الفلسطينية أن هناك خطر داهم يُحدق بالمخيم لجهة تجدد الاشتباكات فالجمر بحسب قوله لا يزال تحت الرماد لكن الجولة هذه المرة ستكون أعنف ولن تتوقف إلا بالقضاء على آخر متطرف يعمل على زعزعة أمن المخيم والجوار، وأن حركة فتح الممثل الشرعي للشعب الفلسطيني هي من ستأخذ زمام المبادرة لحفظ المخيم والجوار على السواء مهما بلغت التضحيات، وحذَّر المصدر من أن تكون الجولة المقبلة بسبب تصفيات أمنية داخلية، فالاحتقان بحسب رأيه سيد الموقف بين جميع الأطراف.
وعن موقف حركتي حماس والجهاد الإسلامي قال المصدر "كان للحركتين مواقف ضبابية خلال الاشتباكات الأخيرة"، لكنه لم يستبعد أن تقوما بتقديم دعم لوجستي للتنظيمات المتطرفة في أية جولة عنف مقبلة والأمر يعود لأسباب فلسطينية داخلية ولارتباط الحركتين بدول إقليمية حاولت أن تستثمر في المعركة الأخيرة، والتأثير في موازين القوى بما يخدم مصلحتها، لكنه طمأن إلى أن واقع الميدان لا يوحي بأن تخرج الأحداث عن إطارها الفلسطيني.
تسارع الأحداث في المخيم مؤشر خطير على التحضير لشيء ما، قبل يومين طعن أحد المتطرفين في حي حطين عنصراً من الأمن الوطني الفلسطيني ما أدى إلى إصابته بجروح نُقل على اثرها الى المستشفى، واليوم تخرج الأونروا عن صمتها لتقول إن منشآتها في مخيم عين الحلوة محتلة من قبل جهات مسلحة وتدعو لإخلائها فوراً، وهو ما يدفع للتساؤل طالما أن الأمور هدأت فلماذا تتجدد الأحداث الأمنية ولو وُصِفَت بالفردية وما الحاجة إلى المتاريس؟
تعرضت حركة فتح لامتحان صعب أدى إلى خدش قدرتها على التحكم بأحداث المخيم، وجعلها تدفع ثمناً باهظاً على صعيد خسائر بالأرواح والمعنويات، وهذا ما لن تسمح بتكراره مجدداً، وبالتالي ستعمل بقوة على القضاء على ظاهرة التطرف التي تضر بالمخيم وسكانه قبل الجوار اللبناني في أكثر منطقة حساسة بالنسبة لحزب الله فصيدا تعتبر عاصمة الجنوب وبوابته والحزب لن يسمح حتماً أن تكون جبهة الجنوب غير مستقرة، خصوصاً مع بدء التنقيب عن الغاز في البحر قرب الحدود مع فلسطين المحتلة، والأحداث الأمنية التي تُسجل على الخط الأزرق بشكل دوري هذه الأيام.