صيرفة بوجه آخر ... إلى حينها استعدوا: الأسوأ قادم

خاص ON | عزت ابو علي | Monday, August 14, 2023 5:58:00 PM

عزت ابو علي - Lebanon On 

لم يدم عمر منصة صيرفة أكثر من عامين وثلاثة أشهر بعد انطلاقها رسمياً في شهر أيار من العام 2021.
كان الهدف منها وقتذاك المحافظة على سعر صرف الدولار عند حدود مقبولة بعد أن تفلت من عقاله في السوق الموازي.

لم تتمكن منصة صيرفة منذ إطلاقها والى حين توقف العمل بها من توحيد أسعار الصرف ولا حتى من تقريبها لا بل على العكس تماماً شكلت مورداً للدولار لزبائنها من دون كشف هوية أي منهم باستثناء الموظفين، كما أنها سلكت مسار دولار السوق السوداء ولحقت به بدلاً من ضبطه عند مستويات معينة، ووصلت في آخر أيامها الى معدل 85500 ليرة للدولار وعجزت بالتالي عن لجم سعر صرف الدولار من الارتفاع الى مستويات تفوق 143000 ليرة في آذار 2023.

على امتداد تلك الفترة شكَّل مصرف لبنان المصدر الوحيد للدولار المُباع على المنصة وتكبد المليارات سنوياً حتى أنه باع ما يفوق 30 مليار دولار خلال عامين لزبائن لا يعلم بوجهتهم سوى دائرة ضيقة جداً من العاملين في مصرف لبنان وعلى رأسهم الحاكم السابق للبنك المركزي رياض سلامة.
هذه المعلومات كشفها البنك الدولي الذي أورد في أحد تقاريره بأن منصة صيرفة تحولت إلى آلية لجني الأرباح من خلال اختلاف سعر الصرف، لافتاً إلى أن المشترين لدولارات منصة صيرفة ربما جَنُوا ما يصل إلى 2.5 مليار دولار من خلال فرق سعر الصرف، ووصف المنصة بأنها أحد أضعف السياسات التي نفذتها السلطات اللبنانية منذ اندلاع الأزمة، وأنها غالباً ما أتت بنتائج عكسية.

اليوم يثير مصير منصة صيرفة حالة من البلبلة والإرباك في المجتمع اللبناني، إذ بدا لافتاً منذ بداية الشهر الجاري توقف مصرف لبنان عن قبول أي طلبات جديدة، بعد أن تراجع مستوى تدخله في سوق الدولار أواخر شهر تموز الماضي من 200 مليون إلى نحو 55 مليون دولار يومياً.

مصدر في مصرف لبنان كشف لـ LebanonOn أنَّ مصير منصة صيرفة لا يزال مُعلقاً بقرارات المجلس المركزي برئاسة الحاكم بالإنابة وسيم منصوري ونوابه، الذين أعلنوا اعتراضهم على آلية عمل المنصة والسعي لإيقاف عملها وخلق منصة جديدة للتداول تكون أكثر شفافية، وأكد أن هناك منصة جديدة ستظهر في المستقبل القريب، بهدف الحد من نزيف الدولارات الذي يستفيد منه المضاربون، وتوجيه دولارات المنصة الجديدة لكبح جماح الدولار في السوق الموازي ولتأمين الحد الأقصى من استيراد السلع خاصة الاستراتيجية منها "قمح، أدوية، نفط ..." وتأمين رواتب القطاع العام.

المصدر شدد على أن توقف صيرفة أثَّر سلباً على الإدارة الضريبية والمكلف، خاصة وأن هذه الإيرادات كانت تحتسب على أساس سعر صيرفة ولكن لغاية الآن لم يصدر قراراً بشأن كيفية احتساب الرسوم وعلى أيّ سعر صرف للدولار الأميركي.
وعلى الرغم من استقرار سعر الصرف في السوق الموازي إلا أن المصدر حذَّر من أن توقف صيرفة سيزيد الكتلة النقدية بالعملة المحلية في السوق وبالتالي ازدياد الطلب على الدولار وارتفاع سعره، حيث يبلغ حجم النقد بالتداول الآن 61 ألف مليار ليرة، بعد أن كان 90 ألف مليار ليرة، لكن ومع ضخ رواتب القطاع العام التي تبلغ بحسب المصدر 7000 مليار ليرة لبنانية سيعاود الدولار ارتفاعه حكماً.

وعن لجم ذلك طمأن المصدر بأنه يحق للمصرف المركزي التدخل في السوق شارياً وإمَّا بائعاً للدولار والتدخل بسوق القطع، وذلك بهدف سد الاحتياجات الضرورية من رواتب ونفقات تشغيلية وديون وحاجات للدولة.

يستشهد المصدر بمواد قانون النقد والتسليف ذات الأرقام 88، 89، 90 و91 التي تجيز للمصرف المركزي أن يمنح الخزينة، بطلب من وزير المالية، تسهيلات صندوق لا يمكن ان تتعدى قيمتها عشرة بالمئة من متوسط واردات موازنة الدولة العادية في السنوات الثلاث الاخيرة المقطوعة حساباتها ولا يمكن ان تتجاوز مدة هذه التسهيلات الاربعة اشهر؛ فضلاً عن أن القانون يعطي للحكومة اجازة دائمة تخولها اللجوء الى الاستدانة كلما تبين لوزارة المالية وللمصرف المركزي ان موجودات الخزينة الجاهزة لدى هذا المصرف غير كافية لمواجهة التزامات الدولة الفورية، إلا أن هذه الاجازة لا يمكن استعمالها اكثر من مرة واحدة خلال اثني عشر شهراً، لكن في ظروف استثنائية الخطورة أو في حالات الضرورة القصوى، واذا ما أصرت الحكومة على طلبها يمكن للمصرف المركزي أن يمنح القرض المطلوب، وبالتالي فإن طلبات نائب الحاكم الذي يُسيِّر أعمال حاكمية مصرف لبنان لا داعي لها طالما أن القانون يسمح له بإقراض الحكومة لكن برأي المصدر فإن منصوري يريد قانوناً واضحاً وصريحاً يحميه من أية مُساءلة في المستقبل أو تحميله مسؤولية نزف الدولارات من أجل قطاع مترهل.

استبدال صيرفة بمنصة أُخرى تشكِّل خطوة جدية في سبيل توحيد أسعار الصرف في المرحلة المقبلة ووقف النزف الحاصل باحتياطيات مصرف لبنان التي لا تزيد عن 9 مليارات دولار، ووضع حد للخسائر المتراكمة في ميزانيته، لكن ثمَّة عوائق عديدة قد تؤخر إطلاق المنصة الجديدة فيما لو تم ربطها بخطة الإصلاحات التي اشترطها نواب الحاكم، وهذا يعني التأخير بإقراض الدولة نحو 600 مليون دولار وبالتالي ستصبح التزامات الحكومة وعلى رأسها رواتب القطاع العام في خطر ومصير سعر الصرف في حالة ترقب.

| تابعوا آخر أخبار "Lebanon On" عبر Google News اضغط هنا

| لمتابعة آخر الأخبار والتطورات اشتركوا بقناتنا عبر واتساب اضغط هنا