محمد عبد الرحمن-LebanonOn
اذا كانت حادثة الكحالة مصادفة لجهة التوقيت والمكان، فإن ما تلاها من تداعيات ومواقف لا يمكن وضعه في اطار الصدفة، لأنه حمل الكثير من الرسائل السياسية من زوايا مختلفة. ولا بد من الاشارة الى الخسارة في الارواح البشرية التي سقطت جراء هذه الحادثة، ولكن أين تكمن الخسارة السياسية؟ وهل من الممكن ان يستغل البعض هذه الخسارة ويستغلّها سياسيا؟
لكن علامة الاستفهام الأكبر هي عن العلاقة بين حزب الله والتيار الوطني الحر الذي كان للأخير مواقف عالية اللهجة لجهة تحميل الحزب الجزء الاكبر من المسؤولية فيما حصل؛ وحتّى كان واضحا في إعتبار ما حصل عند كوع الكحالة وما يحمل من "رمزية دموية" لدى اللبنانيين، بقصور من حزب الله.
فهل يعود التشنّج الى العلاقة بين طرفي "مار مخايل"؟ أم سيتمكّن الطرفان من السير قدما بخاصة بعد تصريح رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل بأنّ حوارا بدأ مع الحزب والجوّ إيجابيّ؟
في هذا الاطار، رأى المحلل السياسي جان بو شعيا في حديث لموقع LebanonOn ان "هذه الحادثة استغلت لتتفاعل سياسياً، ولا اعتقد انها ستؤثر على علاقة التيار بالحزب، وعلى الحزب ان يتفهم ما حصل ويتفهم الردود، لأن التيار لا يمكنه أن يغطي الخطأ الذي حصل من قبل الحزب"، معتبرا أنّ "أقل عاقل في البلد يعلم بوجود سلاح الحزب وتنقله في المناطق، ولكن لا يمكن استعماله او استغلاله في قتل أحد، ولا يوجد معطيات عما حصل بالزبط، وكيف حصل الاشكال ومن بادر في البداية".
وعن مصادر الثنائي الشيعي التي تحدثت بأن "كلام باسيل عن اتفاق أولي مع الحزب لا يستند الى وقائع عملية، بل إلى مناخ مصطنع هدفه شراء الوقت"، قال بو شعيا: "اذا كانوا يرون ذلك فليوقفوا الحوار، ولماذا لم يردّوا عليه فوراً وانتظروا لبعد حادثة الكحالة؟ مع الاشارة الى أن كلام باسيل عن الاتفاق جاء قبل يوم من الحادثة".
وتابع: "لا يمكن للتيار أن يضع كامل سلته في جعبة الحزب لأنّ الخطأ خطأ، وواضح أمام أعين الجميع، والبيئة التي تحتضنك لا يمكنها ان تغطيك في تفعيل حدث سياسي، واللافت أن بيان التيار لم يمكن مؤذيا، ودعا من خلاله الى عدم الانجرار للفتنة، ولم يهاجم الحزب او يمس بسلاح المقاومة، ولكنه أضاء على الخطأ وهذا كلام عاقل وسليم".
وأضاف بوشعيا "في حال تأثّرت المفاوضات بين التيار والحزب بعد هذه الحادثة، فهذا دليل على أنّه لم يكن هناك نية حقيقية للإتّفاق منذ البداية، لأنّ لا علاقة بما حدث في الكحالة بمفاوضات الحزب والتيار حول الملف الرئاسي"، مشدداً على أن "كلام التيار بشأن الحادثة كان مختلفا عن غيره ولم يمس بالمقاومة بل يدعم المقاومة والى جانبها دوماً، وبيانه مختلف عن باقي التصريحات النيابية الذين صعّدوا في كلامهم نحو سلاح المقاومة ووجوده وهذا موقفهم من الاساس".
وبحسب بو شعيا فإنّ "بيان التيار كان بمثابة تمني على قيادة الجيش بإن يطوّق الحدث، وعدم السماح بوقوع الاشكال الذي حصل لانّه يعلم بأمر الشاحنة، ويعرف ما بداخلها، بخاصة أنّه من المفترض أن تكون قد مرّت على عدّة حواجز للجيش اثناء مسارها من البقاع نحو بيروت".
وأردف خاتما: اذا كان الجيش يعلم بأمر الشاحنة من قبل ولم يقم فوراً بتطويق الحادث فهذه مشكلة، لأنّ التأخر الذي حصل من قبله أوقع القتيلين ولا يمكن تمرير الحادثة مرور الكرام، واذا لم يكن لديه علم بها فمشكلة أكبر، لأنّ ما قيمة وجود الحواجز المنتشرة للجيش على الطرقات؟