حسين صالح - LebanonOn
بالرغم من التوترات الأمنية والغليان الحاصل على أكثر من صعيد في لبنان، إلا أن الأوضاع المعيشية تظل في الدرجة الأولى من أولويات المواطن اللبناني. فلو كانت الصواريخ تهطل من السماء، وعلى المقلب الاقتصادي تحرّك سعر صرف الدولار صعودا أو انقطع مصدر الدخل، لرأيت المواطنين يبحثون عن سبل لتأمين المال، فالجوع لا يستأذن الأطفال والموت لا يستأذن المرض...
واليوم، تتفاعل قضية معاشات موظفي القطاع العام، وذلك بعدما أعلن مصرف لبنان أنه سيتوقف عن إقراض الحكومة اللبنانية، التي بدورها تصرف هذه القروض على رواتب الموظفين، لتقع بخطر إمكان عدم قدرتها على إعطاء العاملين حقّهم.
لكن المستشار الحكومي الوزير السابق نقولا نحاس كان قد أكد "ألّا خوف على رواتب الموظفين في الاشهر المقبلة"، مشددا على أنها "مؤمنة ومرشحة للاستمرار الى حين انتظام الأمور مع قدرة محدودة في توفير التمويل الكامل لأدوية مرضى السرطان والإشكالية هي في تمويل الدولة".
في هذا السياق، قال الخبير الاقتصادي نسيب غبريل في حديث لموقع LebanonOn إن "السؤال عما إذا كانت الحكومة قادرة على تغطية الرواتب حتى آخر العام الحالي، يجب أن يكون حافزا لها لتفعيل المؤسسات الدستورية وبدء العملية الإصلاحية".
وأضاف غبريل إن "الجزء الأكبر من إيرادات موازنة 2023 هو لتغطية الرواتب والمخصّصات وبدل النقل، وعجز 19% من النفقات".
وشدد غبريل على "ضرورة تأمين الرواتب للموظفين ولكن من دون أن تلجأ الحكومة لمصرف لبنان كلما احتاجت شيئا، لأنه ليس عمل المركزي تمويل أجور الموظفين والدعم ولا تمويل الحكومة، إنّما عمله تنظيم المحافظة على الإستقرار النقدي حتى ولو يملك من الاحتياطي 18 مليار دولار بدل 9".
ولفت غبريل إلى أن "هناك مصادر للإيرادات مهملة من قبل الحكومة والحكومات المتعاقبة، مثل محاربة التهرب الجمركي والتهريب عبر الحدود وفرض ضريبة استثنائية على كل من هرّب والتخلّص من الوظائف الوهمية... والأسرع من كل هذا فتح المؤسسات كالنافعة المغلقة منذ سنتين، ما يؤدي إلى خسائر على إيرادات الدولة".
وعن تأثير تقاضي الموظفين رواتبهم بالليرة اللبنانية على سعر الصرف، أشار غبريل إلى أن ذلك يؤدي إلى تضخم في السوق ويحرّك سعر الصرف في السوق السوداء، ولتجنّب هذا يجب على الموظّف سحب راتبه على سعر منصة صيرفة، وهناك خيار بين إثنين: إما استقرار سعر الصرف وتعزيز القدرة الشرائية لغاية بدء العملية الإصلاحية أو عدم الاستقرار والتضخّم".
ويبقى ترقّب أداء الحكومة في هذا الملف هو سيد الموقف، ففي لبنان لا أحد يعلم ما قد يحدث إلا الله، فهل ينجح رئيس الحكومة في "مهمة الرواتب"؟