محمد عبد الرحمن - LebanonOn
لا يوجد أي تفسير جدّي ومنطقي حول طلب السفارة السعودية من رعاياها مغادرة لبنان بشكل "فوري"، الا من خلال تصريح السفير السعودي في لبنان وليد بخاري في خلال استقباله وفد اقتصاديّ، والذي أوضح من خلاله أنّ "البيان السعودي جاء نتيجة الأحداث التي شهدها مخيم عين الحلوة مؤخرا"، وأكد ان السعودية من أهم المشجّعين على إنجاح الموسم السياحي في لبنان.
البيان السعودي وما تلاه من بيانات وتحذيرات من دول مجلس التعاون الخليجي، أحدث خوفاً وقلقاً على الساحة اللبنانية، إلى أن أطلّ وزير الداخلية اللبناني بسام مولوي وأكد أن لا أسباب ولا معطيات تؤشر إلى وجود خطر أمني قريب، أو مخاوف من حدث أمني في لبنان؛ مع العلم إنّ التواجد الخليجي في لبنان قليل جدا ولا يقتصر سوى على بعض موظفين السفارات والديبلوماسيين.
وفق المعروف دائماً في الساحات السياسية أن "لا خطوة بلا هدف"، فما هي أهداف السعودية ودول الخليج من هذه البيانات في هذا التوقيت، بخاصّة في ظلّ تجميد بعض الملفات في المنطقة في خلال هذه الفترة؟
أحداث مخيم عين الحلوة وبيانات سفارات الدول العربية
في هذا الاطار، إعتبر المتخصص في الشؤون الخليجية، المحلل السياسي سليمان نمر في حديث لـ LebanonOn أن "لا علاقة لأحداث عين الحلوة بأي نوع من الأحداث الإقليمية، وانّما هي أحداث فلسطينية داخلية بحتة، ولا علاقة لأي طرف عربي أو غيره بها، وربما انها جهات اسلامية متطرفة تتصارع مع بعضها في داخل المخيمات لفرض هيمنتها على أجزاء من المخيم"، منوهاً بأنّ "لا علاقة لأحداث المخيم في الملف اللبناني بتاتاً، ويمكن أن يحدث هذا الخرق الأمني في المخيمات بأي وقت، سواء كان هناك رئيس في البلد ام لا".
وأشار الى أن "الدول الخليجية، قامت باصدار بياناتها بالتزامن مع ما يحصل في المخيم، من إجل إظهار إستيائها للطبقة السياسية اللبنانية، بسبب عدم إنجاز أي تقدّم في الحوار والوفاق في لبنان"، مشدداً على أن "السعودية ودول الخليج مستاءة من الثنائي الشيعي لأنّه مازال متشددا ومتمسّكا بقراره وعدم المساعدة في حلحلة الأزمة الرئاسية في لبنان وانتخاب رئيس بأسرع وقت لانقاذ البلد من ازماته".
تجميد وركود الملفات الاقليمية.. ما هي أسبابه؟
أوضح نمر في حديثه انه "كان هناك التزام و تعهدات في الملف السوري -السعودي، وكان من المفترض أنّ يقوم بها الطرف السوري في عدة ملفات، كملف تهريب المخدرات وتقديم معلومات لدول الخليج عن المتورطين في هذا الملف، والاعلان عن عفو عام عن المعارضين السياسيين في الخارج، وحتى في ملفّ عودة اللاجئين السوريين الى بلدهم. في حين أن الطرف السوري لم يقم بأيّ خطوة في هذه الملفات مقابل الطرف السعودي، الذي بدوره تعهد في المشاركة باعادة إعمار القرى والبلدات السورية المتضررة في الحرب لاعادة اللاجئين اليهم".
ورأى نمر انه "بالرغم من الوساطة الروسية والتشجيع الايراني، أراد الطرف السوري أن يستفيد سياسياً من الاتفاق الاقليمي بين السعودية وايران، ليعلن انتصاره عربياً واقليمياً من خلال مشاركته في القمة العربية وأن العرب هم الذين عادوا اليه، ولكن روسيا لم تستطع الضغط على الطرف السوري لإلزامه بالتعهدات الاساسية التي طُلبت منه".
وأضاف: "عدم الالتزام هذا، جمّد العلاقة بين الطرفين في الوقت الحالي حتى ان السعودية أوقفت أعمال تجديد سفارتها في دمشق، وهذا ما يدلّ على أن السعوديين مستاؤون من عدم إلتزام الطرف السوري بما تقدم به في بداية المفاوضات بينهما".
ولفت الى أن "ما حصل إنعكس بدوره على الوضع في لبنان، أيّ من المفترض أن يكون هناك نوع من الحلحلة في موقف الثنائي الشيعي حول الملف الرئاسي وانتخاب رئيس للجمهورية بأسرع وقت ممكن، وهذا ما لم يحصل وربما سقطت المبادرات الدولية في الملف الرئاسي التي كانت الى جانب الثنائي".
وتابع: "الملف الوحيد الذي يسير ببطئ من دون عرقلة هو الملف اليمني، بالرغم من الجمود الحاصل في بعض الملفات العربية والاقليمية"، مضيفا أنّه "يمكننا أن نقول ان الملفات الاقليمية ينتابها نوعا من الجمود على عكس ما حصل قبل عدّة أشهر، وعلى عكس ما توقّع العديد من المراقبين بأنّ هناك حلحلة للامور والملفات الاقليمية، وإلتزامات وتعهدات الاطراف الاخرى مقابل بعضها".
خلاف ايراني -سعودي وكويتي حول حقل الدرة النفطي
أشار نمر الى أنّ "مسؤولا ايرانيا رفيع المستوى أكّد أنّ طهران جاهزة لانجاز مفاوضات تقنية لحقل الدرة، وهذا التصريح جاء بعيداً عن التصريحات الاعلامية والسياسية"، لافتاً الى ان "هناك محاولة من بعض الاطراف الايرانية المتشددة أن تستغل ثغرة حقل الدرة لإعادة الخلاف وتصعيده من جديد كما كان في السابق ربما لانها لم تكن راضية عنه منذ البداية، والتي تعتقد بأنّ السعودية والكويت بحاجة الى تهدئة مع ايران، وأن يدفعا مقابل هذه التهدئة ويتنازلا عن حقوقهما في حقل الدرة ولكن يوم أمس عاد موقف الايراني العقلاني، وأعلنت إيران عن أنّها مستعدة للتفاوض من جديد حول حقل الدرة، وربما يعود هذا السبب أيضاً الى عدم نكث العلاقة مع الصين الراعية الاكبر لهذا الاتفاق".
وأردف: "لا بد أن نشير إلى أنّ بعض الجهات تريد أن تستفيد من هذه الثغرات لتحقيق المزيد من المكاسب من جهة الطرف الايراني ولا سيما حزب الله الذي كان يحقق الكثير من المكاسب في حرب اليمن، وبعض الحوثيين أيضاً، ولكن الارادة السياسية الكبيرة في كلا البلدين سواء في المملكة العربية السعودية والجمهورية الايرانية ستعيد الامور إلى مجراها الطبيعي في ظل الاتفاق".