عزت أبو علي - LebanonOn
يُعرَف رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بأنه الرجل الغريب المشاكس فهو يقود حملة لتقليص بعض صلاحيات المحكمة العليا في إطار تعديلات قضائية أثارت احتجاجات لم يسبق لها مثيل في عموم الأراضي المحتلة.
تأهب الكنيست للتصويت على مشروع القانون الخاص بالمحكمة العليا، يتزامن مع احتدام الاحتجاجات واستمرار محاولات التوسط للتوصل إلى حل وسط.
فحكومة نتنياهو طرحت خطة التعديلات القضائية في كانون الثاني الماضي، بعد قليل من أداء اليمين الدستورية، وتضمنت التعديلات المقترحة فرض بعض القيود على قرارات المحكمة العليا ومنح الحكومة سلطات حاسمة في تعيين القضاة.
لكن مع تزايد قلق حلفاء إسرائيل الغربيين وتفاقم الاضطرابات وانخفاض قيمة "الشيكل" علق نتنياهو مساعيه في أواخر آذار الماضي للسماح بإجراء محادثات مع أحزاب المعارضة.
وبعد ثلاثة أشهر، عاد نتنياهو لطرح التشريع الذي أزال منه بنوداً كانت مقترحة في بداية الأمر وأبقى على بنود أخرى.
يتعلق قانون "حجة المعقولية" الجديد بالحد من قدرة المحكمة العليا على إبطال قرارات للحكومة والوزراء في حال اعتبارها "غير معقولة".
ويقول المؤيدون إن هذا سيسمح بحوكمة أكثر فعالية ويترك للمحكمة في الوقت نفسه مجالاً واسعاً للرقابة القضائية، في المقابل يؤكد المنتقدون أن التعديلات ستفتح الباب أمام الفساد وإساءة استخدام السلطة.
ويرى الائتلاف الحاكم أن المحكمة العليا يسارية الميول ونخبوية وشديدة التدخل في المجال السياسي وغالباً ما تعطي أولوية لحقوق الأقليات على المصالح القومية وتضطلع بسلطة يقولون إنها يجب أن يستأثر بها المسؤولون المنتخبون.
في المقابل يعتقد المحتجون أن خطراً يحدق بالديمقراطية، ويخشى كثيرون أن يقلص نتنياهو والحكومة اليمينية المتشددة استقلال القضاء مع ما ينطوي عليه ذلك من عواقب دبلوماسية واقتصادية وخيمة، ويدفع نتنياهو ببراءته في قضية فساد قائمة منذ فترة طويلة.
وأظهرت عدة استطلاعات رأي أن التعديلات لا تحظى بتأييد معظم الإسرائيليين المهتمين أساساً بارتفاع تكلفة المعيشة وقضايا الأمن.
تثير التعديلات المقترحة قلقاً شديداً، فالأسس الديمقراطية الإسرائيلية هشة نسبياً، وليس لدى الدولة دستور، ويتألف البرلمان (الكنيست) من مجلس واحد تسيطر فيه الحكومة على أغلبية 64 مقعداً مقابل 56 للمعارضة.
ومنصب الرئيس شرفي إلى حد كبير، ومن ثم تعتبر المحكمة العليا حصن الديمقراطية الذي يحمي الحقوق المدنية وسيادة القانون.
يقول نتنياهو إنه يريد تعديلات في طريقة اختيار القضاة، ومقترحات تتضمن تعديلات في وظائف المستشارين القانونيين، ويقول نواب المعارضة إن ائتلاف نتنياهو يحاول إقرار تعديلات صغيرة تقيِّد تدريجياً استقلال القضاء، ولكن الائتلاف الحاكم يقول إنه يريد تعديل النظام القضائي على نحو مسؤول.
استحواذ الحكومة على غالبية برلمانية لا يعني أنها تتسلح بتأييد شعبي، فاتحاد نقابات العمال الإسرائيلية التي تنضوي تحته الآلاف من نقابات العمال ترفض التعديلات بشدَّة وتقود تحركات شعبية كبيرة في غالبية الأراضي المحتلة، لكن الأخطر هو تأثير ذلك على أداء خدمة الاحتياط حيث رفض آلاف الجنود أداء الخدمة احتجاجاً على التدخل في عمل القضاء، وهو ما أوجد تخبطاً في وزارة الدفاع الإسرائيلية ودفع الوزير للتريث في تأييد القرار من عدمه.
يقول القانونيون إن التدخل الحكومي في عمل القضاء هو المؤسس لغياب العدالة وبالتالي انهيار الدول، فهل تكون تلك التعديلات إن سلكت طريقها نحو التطبيق بداية النهاية لـ "إسرائيل".