ميسا جبولي
نصف عام ونيف على الفراغ الرئاسي في لبنان، أزمات متتالية، انهيار لليرة اللبنانية، جرائم، انتحار، تفلت أمني... وحتى اللحظة لم تتوصل الكتل النيابية إلى اسم للرئيس المنتظر.
وبعد عام ونيف من انتخابهم، فشل 128 نائباً من انتخاب رئيس ينقذ لبنان واللبنانيين من قعر الانهيار.
القوات اللبنانية، الكتائب وبعض من التغييريين لا زالوا متمسكين بمرشحهم الرسمي ميشال معوض، رغم إدراكهم أن ورقة معوض "سقطت"، في المقابل، لا تزال كل من حركة أمل وحزب الله متمسكين أيضاً بفرنجية، فيما لم يعلن التيار حتى اليوم عن مرشحه.
وعلى حساب لقمة اللبنانيين، يتناتش المعنيون الاستحقاق الرئاسي، فبين المعارضة والموالاة تقاذف للمسؤوليات بين من يعطل هذا الاستحقاق ومن هو حريص على مصلحة البلد.
سابقاً، موقف بارز للاتحاد الأوروبي لوّح بورقة العقوبات في حق أفراد وكيانات في لبنان تمنع الخروج من الأزمة اللبنانية، ويبدو أن هذا " التهديد" لم يأت بنتيجة، فالفراغ مستمر، والأزمة تزداد سوءا.
اليوم يعود الاهتمام العربي بلبنان، خاصة بعد الحديث عن فرض عقوبات عربية بدعم دولي على معرقلي الاستحقاق الرئاسي في لبنان. فما حقيقة ذلك؟ وعلى من ستكون هذه العقوبات؟ ام هي مجرد تهديد وتهويل؟
في هذا السياق، رأى الصحافي والكاتب السياسي وجدي العريضي في حديث خاص لموقع "LebanonON" أنه "لا شك أن لبنان دخل في دائرة الخطر والمنظومة السياسية باتت موضوع مراقبة من المجتمع الدولي".
واللاعب الأساسي في الملف اللبناني بشكل عام والملف الرئاسي خاصة بحسب العريضي "هو المملكة العربية السعودية بدعم وتفويض من دول الخليج التي اجتمعت في قمة دول مجلس التعاون الخليجي في الرياض وأكدت على تفويضها للرياض بالملف اللبناني".
وقال إن "تضييع الوقت من قبل القيادات والمرجعيات السياسية بات موضع استياء من المجتمع الدولي وتحديداً الخليجي والعربي".
وأكد العريضي أنه "بسبب ذلك، ثمة من يشير إلى عقوبات على من يعرقل الإصلاحات ولا سيما الملف الرئاسي". وأشار إلى أنه: "لايمكن لكل القيادات السياسية الاستمرار في المناورة وتضييع الوقت والتفتيش عن مصالحها الخاصة عند كل استحقاق لتأخذ حصتها، فذلك بات من الماضي". وتابع: "هذا ما أكده لي أحد السفراء الخليجيين لأنه لا يمكننا بعد اليوم أن نمنح لبنان أية مساعدة دون أن تمر عبر الصليب الأحمر وجمعية داخلية مع متابعة دقيقة".
وأضاف أن "العقوبات هذه المرة جدية وأقله لا يمكن بعد اليوم أن يقوم أي زعيم أو طرف سياسي بتضييع الوقت وتهميش مصالح اللبنانيين على حساب مصالح خاصة فالعقوبات واردة وكل الاحتمالات واردة وهناك مفاجآت قد تحصل".
وحذّر العريضي مما قد يحصل قريباً قائلاً: "ما بعد القمة العربية ليس كما قبلها فهناك اجماع على خلاص لبنان".
وبالنسبة إلى العقوبات، دعا العريضي إلى قراءة ما قاله السفير السعودي السابق علي عوض عسيري بأنه "يجب أن يكون هناك وصاية على لبنان"، وقال: "هذه لم تأت صدفة بل نتيجة ما يُخطط له من أجل فرض هذه العقوبات لا بل أن السفير عسيري يرى أنه لا مناص إلا بأن تضع إحدى الدول يدها على لبنان واذا بمثابة رسالة واضحة لكل القيادات اللبنانية". وهذا يعني كأن دول الخليج تقول للمعرقلين: "يجب انتخاب رئيس والقيام بالاصلاحات كما طالب المجتمع الدولي والا ستواجهون أخطر ما هو عليه".
وعما إذا كان هناك أسماء حتى الآن ستفرض عليها العقوبات، شرح العريضي قائلا: "الرسالة وجهت إلى كل من يعطل الاستحقاق الرئاسي وهناك تفاوت، فهناك فريق متمسك بترشيح ميشال معوض، فكيف ستفرض عقوبات على من يعرقل الاستحقاق ومن كان يحضر في كل جلسة لانتخاب رئيس؟"
وتابع: "المجتمع الدولي يقرر من يعطل أو لا والدول المشاركة في حل الملف اللبناني على بينة واضحة في معرفة من يعطل وستقوم بفرض العقوبات عليه، فالمسألة واضحة ولا تحتاج لأي اجتهادات".
ورأى العريضي أنه "من الواضح أن حزب الله هو من يدير هذه اللعبة في لبنان فهو من يعرقل، وهو من يعطل ومن يحاسب، ومن يفرض هذا المرشح أو ذاك، ولا يزال الآمر والناهي لذلك المسألة أصبحت واضحة".
ولفت العريضي إلى أن "هناك ترقبا لموقف النائب جبران باسيل لنرى ما إذا كان سيسير بكل ما يمليه عليه حزب الله أم أنه سيسير مع الفريق الآخر ليأتوا برئيس بإجماع مسيحي لأن الميثاقية المسيحية مسألة أساسية في انتخاب الرئيس وإلا ذهبنا إلى المجهول".
وشدّد العريضي على أنه "انتخاب رئيس في لبنان، لا يتم إلا بتسوية، وهذا ما يحصل منذ الاستقلال حتى اليوم، فالتسوية الشاملة هي من تنتج رئيسا".
وقال: "هناك تسوية تأتي في لحظة اقليمية مؤاتية وهناك سباق رئاسي بين بعض الأسماء، منهم ميشال معوض لأنه لا يزال مرشحا رسميا، كذلك الوزير السابق سليمان فرنجية لم يخرج من السباق، وقائد الجيش، أما جهاد أزعور قد خرج من السباق بعد خلاف بين القوات والتيار وهناك أسماء أخرى".
وختم العريضي حديثه مشيراً إلى أن "الأمور غير محسومة حتى الآن لكن رئيس الجمهورية ينتخب في لحظة عربية غير متوقعة وما جرى من تغيرات ومتحولات تحديداً في التقارب السعودي الايراني وعودة سوريا إلى الحضن العربي جزم بأن التسوية آتية والرئيس قادم".