محمد عبد الرحمن-LebanonOn
شهدت تركيا يوم الأحد 14 أيار أحد أهم وأشرس المعارك في الانتخابات الرئاسية والبرلمانية في زمن الجمهورية التركية، بين الرئيس الحالي للبلاد المنتهية صلاحيته رجب طيب أردوغان مرشّح حزب "العدالة والتنمية"، ومنافسه الرئيسي كمال كليتجدار أوغلو مرشّح تحالف "الطاولة السداسية" المدعوم من حزب "الشعوب الديمقراطي" المؤيد للأكراد والذي شارك في الانتخابات الرئاسية والبرلمانية على قوائم حزب اليسار الأخضر.
وبعد صدور النتائج التي قضت باعادة الانتخابات بجولة ثانية، والتي حددت في 28 أيار الجاري، تتجه الانظار الى موقع الرئاسة التركية ومن سيفوز وسيحكم تركيا في المرحلة المقبلة وخصوصاً بعدما أظهرت النتائج النهائية، أن أردوغان حصل على 49.49 في المئة من الأصوات، وجاء زعيم المعارضة كمال كليتجدار أوغلو في المرتبة الثانية مع نسبة 44.79 في المئة.
وفي حديث مع الخبير في الشؤون التركية محمد نور الدين، لفت في حديث لموقع LebanonOn الى أن "المعركة الانتخابية التركية كانت حاشدة للغاية، ولعل كل مرشح قد نال الحد الاقصى الذي يمكنه في الجولة الاولى، واللافت ان المرشح رجب طيب أردوغان قد نال أكثر بقليل مما كان متوقعا، وكان من الواضح أن المعارضة تتخلف عن تصدر المشهد، وهذا يعني أن أردوغان الاقرب كي يكون الفائز في الجولة الثانية، باعتبار أن النصف نقطة الذي يحتاجها في الدورة الاولى، لن تكون صعبة عليه في الجولة الثانية".
وأشار الى أن "نتائج الانتخابات الرئاسية والبرلمانية التركية أظهرت انّ للتيار المحافظ القومي الديني في تركيا الكفة الراجحة له على حساب التيار العلماني، وحتى في الولايات التي حققت ارقاماً مرتفعةً في النسب لصالح التيار العلماني، ولا شك أن هذه النسبة التي نالها المرشح كمال كليتجدار أوغلو في بعض الولايات وبلغت 44.79 في المئة من الاصوات، ليست قليلة وتقارب تقريباً نصف المجتمع، ولا تبعد عن النسبة التي نالها أردوغان وهي 49.49 في المئة من الأصوات".
واعتبر نور الدين انه "من الطبيعي أن تتوزع هاتان النسبتان على المناطق الجغرافية، التي شهدت فرزاً تبعاً لهاتين النتيجتين، وان التيار المحافظ الذي قام بتأييد أردوغان وتحالف الجمهور، كان متمركزاً بشكل أساسي في المناطق الريفية، وفي المناطق الداخلية المطلة على البحر الاسود في الشمال، وهذه المناطق تعتبر مغلقة"، مضيفاً أن "المعارضة التي تتكون في غالبيتها من التيار العلماني، والذي يضم الحركة الكردية، يتركز تواجدها في المدن الكبرى، كاسطنبول وأنقرة وأزمير وأنطاليا وفي كل المناطق التركية المطلة على ساحل البحر المتوسط وسواحل بحر ايجه، والتي تمثل الطابع الحضري والمنتفح والتجاري وعلى العالم، وبالتالي يبتعدون في أن يكونوا من المحافظين".
كيف استفاد أردوغان من أخطاء المعارضة ورئيسها والتي كادت ان تضمن فوزه في الجولة الأولى؟
هنا رأى نور الدين انه "قياساً لنتائج الدورة الاولى، ستكون المعركة في الجولة الثانية محتدمة ولكنها أسهل من الجولة الاولى، واكثر ايصاباً في توقعاتها قياساً على النتائج في الدورة الاولى، فأردوغان لا يحتاج الا الى 300 ألف صوت فقط ليفوز في الرئاسة وهذا ليس صعباً عليه، ويذهب الى الدورة بفارق 5% عن خصمه، وتعتبر هذه النسبة عالية في المعادلات التركية الداخلية".
وأضاف: "الميزة الثانية والاساسية، ان أردوغان يذهب وأمامه نتائج الجولة الاولى والمقاربة التي حصلت، وخصوصاً في الانتخابات البرلمانية والنسب التي نالها الحزب الذي يدعم أردوغان".
السيناريو المرعب، هل ممكن أن نخشاه؟
اعتبر نور الدين أن الامور تبدو منذ الآن كما كانت في الحملات الانتخابية وفي الجولة الاولى، والتي تتصف بالسلاسة، ولكن مع حالة من الاحباط تسود المعارضة، وحالة من الحماس تسود جمهور أردوغان، وهذا ما سيسهل عملية الجولة الثانية، مؤكداً على اننا أمام سيناريو متوقع الى حدّ ما الا اذا حصل بعض الاستثناءات او الحوادث وهذا مستبعد جداً.
وعن تأثير هذه الانتخابات على المنطقة العربية، أعتقد نور الدين انه اذا فاز رجب طيب أردوغان فهذا يعني استمرار السياسات القائمة حالياً، مع احتمال أن يكون أردوغان في مرحلة أقوى بعد فوزه، اي بعد انتصاره على خصومه في الخارج ومنهم الولايات المتحدة الاميركية واوروبا الغربية، وبعض الدول العربية التي كانت على عداوة مع أردوغان.
والجدير بالذكر، أن أردوغان قدّم بعض التنازلات في الفترة الماضية، من أجل أن يعزز حظوظه في الانتخابات، من خلال علاقاته مع المحيط من حوله، وأهمها في حماية حدوه مع سوريا وحماية الامن القومي التركي وهذا الذي لم يتنازل عنه،
وسيبقى على موقفه ذاته سواء مع قبرص ولبنان وحتى مصر، وأيضاً من اوروبا ومن الاتفاق السعودي الايراني، وايضاً في جلسات الحوار والاجتماعات التي تعقد في روسيا بشأن الصراع التركي السوري.
وفي الختام، فلننتظر يوم 28 أيار الجاري الذي سيحدد من الفائز، والذي سيحكم تركيا 5 سنوات من الزمن، وفي من سيشهد على الكثير من التفاهمات والتغييرات الاقليمية والدولية، فهل سيكون لتركيا نصيب من هذا التغيير الجديد في العالم؟