مارون ناصيف
في غاية الأهمية رئاسياً جاء كلام رئيس الحزب التقدمي الإشتراكي وليد جنبلاط مساء أمس. في غاية الأهمية، لأن القراءة بين سطوره يمكن أن تضع القارئ أمام معطيات جديدة تساعد أكثر فأكثر على فهم المشهد الرئاسي. هذه المعطيات يلخصها المطلعون على الشكل التالي:
أولاً لقد أكّد جنبلاط وبما لا يقبل الشكّ أنه ليس من مؤيدي ترشيح رئيس تيار المرده سليمان فرنجية على رغم صولات وجولات السفير السعودي وليد البخاري على الكتل النيابية وعلى رغم إستقبال البخاري لفرنجية وتكراره لمقولة إن المملكة العربية السعودية لا تضع فيتو على أي مرشح وحتى فرنجية.
ثانياً مهاجمة جنبلاط لفرنجية كمرشح ومشروع وللفريق الذي يدعمه أي ثنائي حزب الله وحركة أمل، تعني في السياسة أن الرجل الذي لطالما كان مقرباً من المملكة العربية السعودية لم يتلق أي إشارة منها بعد للسير بفرنجية ودعمه أو لبدء التحضير لتكويعة سياسية تنتهي بدعمه فرنجية، الأمر الذي يمكن تفسيره أن المملكة لا تزال متوقفة عند نقطة اللافيتو ولم تتقدم خطوة الى الأمام كي تطلب من حلفائها وأصدقائها دعم فرنجية.
ثالثاً مهاجمة جنبلاط للمفاوضات الدائرة بين التيار الوطني الحر والقوات اللبنانية بحثاً عن مرشح تواجه به الكتلتان المسيحيتان الأكبر سليمان فرنجية، تعني أن الرجل الذي سبق له أن سمى الوزير السابق جهاد أزعور من بين سلة أسماء إقترحها لرئاسة الجمهورية، لن يسير وراء رئيسي التيار والقوات جبران باسيل وسمير جعجع حتى ولو رسى خيارهما على أزعور الذي سبق لجنبلاط أن سمّاه الى جانب ترايسي شمعون ومي الريحاني.
رابعاً بمجرد أن قال رئيس الحزب التقدمي الإشتراكي "لقد سميت أزعور وشمعون والريحاني لكن الإسم الأفضل المطروح هو شبلي الملاط الذي يفهم بالقانون والمعطيات الإقليمية والدولية" فهذا يعني أن جنبلاط أخرج من جيبه أرنباً قديماً جديداً ورماه بوجه فريقي النزاع للقول ولو بطريقة غير مباشرة، إنه لن يسير لا مع فرنجية ولا مع أزعور، ومن يريد أصوات كتلة "اللقاء الديمقراطي" عليه أن يبحث عن التسوية فالمختاره لا تريد أن تكسر إرادة المسيحيين برئيس لا يريده المسيحيون وفي الوقت ذاته لا تريد أن تدخل بمعركة سياسية مع حزب الله والصديق والحليف التاريخي الرئيس نبيه بري.
هذه المعطيات الجنبلاطية الجديدة، من الطبيعي أنها ستفرض على فريقي النزاع إعادة حساباتهما وبوانتاجاتهما ومن دون أن يحسب الفريق الداعم لفرنجية ولا الفريق المسيحي الذي إقترب من الإتفاق على أزعور، أصوات اللقاء الديمقراطي الثمانية لا مع فرنجية ولا مع أزعور، علماً أن ما من أحد يجب أن ينسى أن وليد جنبلاط قادر وفي أي لحظة سياسية أن يكوّع لمصلحة هذا الفريق أو ذاك بناء على معطيات إقليمية ودولية جديدة تلتقتها "أنتينات" المختارة.