تريزا فخري - LebanonOn
وكأن التوافقات والمحادثات الاقليمية التي تهدف الى تهدئة أوضاع الشرق الأوسط، بدأت تدلي بتأثيراتها على لبنان، فعند الحديث عن سلام في الشرق الأوسط، لا بدّ من ان تحل أزمات بوابته، لبنان، وما أكثر هذه الأزمات.
الاّ ان البعض يعتبر في ذهنه ان مشكلة لبنان الوحيدة التي يجب حلّها هي الشغور في بعبدا، ولكن ان كان هذا هو الحال، لما كانت الدول الخارجية تستبق الاستحقاقات وتفتح النقاش المبكر حول رئاسة الحكومة وحاكمية مصرف لبنان.
واللافت في المواقف الخارجية التي لا تتطابق مع المواقف الداخلية، هو الاصرار ليس فقط بالأقوال بل بالأفعال أيضاً على الاتيان بشخصيات غير متورّطة بالفساد وذات رؤية اقتصادية، اذ وعلى سبيل المثال، رفضت السعودية والولايات المتحدة ترشيح رئيس تيار المردة سليمان فرنجية المدعوم من حزب الله كونه فرد من أفراد المنظومة، ومتورّط بما تورّطت به طوال السنوات، اضافةً الى الأبحاث الدائرة في الكواليس حول الشخصية الاقتصادية المناسبة لتولّي رئاسة الحكومة.
اذ ترى أوساط سياسية حراكاً جدّياً على الصعيد الخارجي والداخلي من اجل الاسراع بعملية انتخاب الرئيس والانتقال الى المراحل الأخرى، وتكشف عن امكانية احداث خرق قبل شهر تموز بعدما توضّحت المواصفات المطلوبة من قبل جميع الأطراف بشكل يفتح المجال من أجل البدء بعملية "تشحيل" الأسماء للوصول الى تلك التي تمتلك المؤهّلات، مع ترقّب للقمة العربية التي ستُعقد بالرياض في 19 أيار اضافةً الى اجتماع جديد للقاء الخماسي المعني بلبنان. كما ان لبنان ينتظر في الشهرين المقبلين وصول وفود عديدة للعمل مع الأطراف السياسية في لبنان على رأسها الوفد القطري الذي سيكرّر زيارته الى بيروت بعد عيد الفطر.
وعلى صعيد الحراك الداخلي تكشف المصادر لـ LebanonOn عن مبادرة جديدة تحضّرها القوات اللبنانية والحزب التقدمي الاشتراكي، ويقوم بترتيبها النائبين ملحم رياشي ووائل ابو فاعور، والتي من المتوقّع ان تخرج الى العلن بعد فترة الأعياد، من اجل طرحها على الكتل الأخرى.
وتتوقّع الأوساط ألا يتمكّن سليمان فرنجية من التأهّل الى المرحلة المقبلة، بعدما اتّضح الرفض المسيحي اللبناني والسعودي لترشيحه، حيث ان انتخابه رئيساً من دون موافقة هذه الأقطاب سيشكّل عبئاً على حلفائه، الذين يمتلكون الذكاء الكافي من أجل عدم الدخول في هكذا مأزق، مع توجه الفرنسيين للتراجع عن طرحهم لاسمه ضمن فكرة المقايضة، بعد موجة الاتهامات اللادعة التي انهمرت على رأسهم وبعد الغضب السعودي الذي نجحوا باشعاله بسبب تعنّتهم.
وحول منصب حاكم مصرف لبنان الذي سيصبح شاغراً بعد انتهاء ولاية الحاكم الحالي، تؤكّد الأوساط انه وفي الكواليس السياسية التي لا يُحكى عنها، النقاش قائم حول عدّة أسماء لتولّي المنصب الا ان القرار لم يحسم بعد، وعلى قاعدة عدم تكليف اي اسم استفزازي في المواقع الرئاسية، النقاش ذاته قائم حول الشخصية السنية المناسبة من اجل تولّي رئاسة الحكومة.
الى ذلك، يبدو ان النار اشتعلت تحت الطبخة اللبنانية من قبل شعلة خارجية لاقتها شعلة داخلية، في مشهد متسارع من المتأمل ان يكون من اجل ضمّ لبنان الى اللعبة الشرق أوسطية الجديدة، وعدم تركه في حاله الميؤوس منه، كي يبقى القرار للداخل، اما بالصعود على متن القطار، او البقاء في حفرة الرمال المتحرّكة.