محمد عبد الرحمن-LebanonOn
أثار مسلسل "النار بالنار" اهتمام المتابعين منذ بداية عرض حلقاته في أول شهر رمضان المبارك بفضل الاحداث المثيرة للجدل والواقعية وإبداع الكاتب رامي كوسا في دمج بعض الأحداث الواقعية المعاصرة مع أفكار مستوحاة من قصة "تاجر البندقية" للكاتب المسرحي والشاعر الانجليزي "وليم شيكسبير".
ويتناول العمل قصة النازحين السوريين في لبنان وتفاعل اللبنانيين معهم ضمن حي لبناني شعبي، على وقع الازمة الاقتصادية في لبنان وما تركت من أثار لها على الشعب اللبناني والنازح السوري المقيم على أرضه.
أهم النجوم
لا شك أن المسلسل يضم باقة من أهم النجوم من لبنان وسوريا، وخليط استثنائي لكبار الدراما ضمن عمل واحد. وهذا ما يكتشفه المشاهد عند عرض الحلقات يومياً، فاحساس الممثلة السورية "كاريس بشار" لايصال معاناة الشخصية "مريم" في العمل من خلال استعمال أدواتها الفنية ولغة الجسد كفيلين عن التعبير بصمت. وعلى المقلب الآخر، نرى ابداع الممثل اللبناني "جورج خباز" في خلال أداء مشاهده في شخصية "عزيز" الشاب المثقف المفجوع من فقدان والده أبان الحرب الاهلية اللبنانية ولا يمكنه أن يتقبل وجود السوريين الا على انه عدو له.
أما "عابد فهد" الذي يجسد شخصية "عمران" فهو ما يمثل "تاجر البندقية" نفسه في الرواية. شخص استغلالي ووصولي، ومصلحته الشخصية تفوق مصلحة أبناء الحي كافة من دون تمييز إلى ان يقع في حب "مريم"، شخص لا رحمة في قلبه حتى توقظها "مريم" من ثُباتها بعبارة "الله يحن عليك".
بالاضافة الى ذلك، يبرز دور الممثلتين الشابتين "زينة مكي" و"فكتوريا عون" فيما تريدان ايصاله من خلال دورهما في العمل عن معاناة "البنات" في المجتمع الذكوري. هذا بالاضافة الى طرح قضية زواج القاصرات وتعرضهن للضرب والاهانات من دون أن يحميهن أحد سواء في الدين أو القانون.
الى ذلك العودة اللامعة للممثل اللبناني "طارق تميم" للدراما بعد غياب في دور يثبت أنه لا يمكن أن يغيب يوماً عن الشاشة في قدرته على تكوين شخصية "جميل" الشاب المثقف والطيب والمحبوب للجميع ولكن في داخله هو فاقد للامل في هذا البلد الذي كوى أحلامه وطموحاته.
وفي هذا الاطار، اعتبر الناقد الفني محمد حجازي في حديث لموقع LebanonOn أن هذا العمل يضم أقوى النجوم من لبنان وسوريا من حيث القدرات التمثيلية والمهنية، بالاضافة الى ابراز أدوار الصف الثاني والثالث في العمل وتعويمها، أي أن نجاح العمل ليس مقتصرا على البطولة المطلقة بل بنجاح كل فرد منه.
الجرأة و الواقعية
إن حبكة المسلسل الجريئة وقصته الواقعية جعلت منه مسلسلاً لا يفوت وأدخلته ضمن التنافس والسباق الرمضاني في الصفوف الامامية للاعمال الدرامية العربية، ولا شك في أنّ ادخال الحوارات اللاذعة التي تتميز بمحاكاة الواقع ضمن قالب فني درامي والتي قلّما نشاهدها في الاعمال الدرامية، والتطرق أيضاً لقضية النازحين السوريين ومناقشتها ضمن هذا الاطار مع تجسيد معاناة الشعب اللبناني وما وصل اليه في الازمة الاقتصادية جعلت من المسلسل مادة اساسية في برنامج المشاهدين الرمضاني اليومي، وهذا ما عكسته التعليقات على مواقع التواصل الاجتماعي.
والى جانب الحبكة الدرامية، تأتي صورة العمل والاخراج لتكمل المزيج الفني واختيار الكادرات والاضاءة المريحة للنظر، بالاضافة الى اختيار الحي الشعبي المناسب لتجسيد القصة على أرض الواقع.
ومن بين أكثر المشاهد التي أثارت الجدل عند متابعي المسلسل حتى الآن، كانت المبارزة الحامية التي دارت في الحلقة الخامسة بين كاريس بشار وجورج خباز بعد غضب "مريم" التي استاءت جدا من لافتة رفعها "عزيز" في الشارع كتب عليها "يمنع تجوال السوريون بعد الساعة الثامنة مساء" لتقوم الممثلة بالتعليق " بتنكتب سوريين مو سوريون يا مثقف يا فينيقي".
وتحول هذا المشهد بسرعة إلى محل نقاش على العديد من وسائل التواصل الاجتماعي، إذ رأى الكثيرون أنه عالج الموضوع بطريقة واقعية، وأشادوا بالأداء المميز لكاريس بشار وجورج خباز في هذا المشهد.
جمهور المسلسل ومكانته الدرامية
قصة العمل القريبة من مشاكل الفئات العمرية كافة، جعلت من احداثه جذابة لكل من يشاهده باختلاف اهتمامه وتطلعاته، وهذا ما جعل المسلسل من أكثر المسلسلات المشاهدة، وهو يحتلّ المرتبة الاولى في لبنان من حيث نسب المشاهدة بين الساعة 8:30 و9:30 من مساء كل يوم وفقا للإحصاءات الاولية.
وهنا يكشف حجازي عن أن "هذا العمل من أقوى الاعمال الدرامية لهذا الموسم في المنافسة"، مشيراً الى ان "كل الجدل والتعليقات السلبية على المسلسل ما هي سوى من أعداء نجاح العمل او جهات منافسة تنظم ماكينات ضد العمل الناجح، ولا يجب على صناع العمل او المتابعين الاكثراث لهذا النوع من التعليقات".
وعن نجاح العمل، أشار حجازي الى ان "جميع عناصر العمل مكتملة وناجحة، بدءاً من متانة النص للكاتب رامي كوسا وواقعية القضايا التي يتم طرحها، الى وجود اهم الممثلين من لبنان وسوريا وأدائهم التمثيلي عالي المستوى، بالاضافة الى الادوار الثانية والثالثة التي تبرز بقوة الى جانب كبار النجوم، ووصولاً الى الاخراج المتميز للمخرج محمد عبد العزيز".
وختم حجازي أن "المطلوب من العمل ليس ان يصيب الواقع، ولكن تجسيد القصص ومعالجتها بطريقة درامية فنية، وهذا ما رأيناه في "النار بالنار" من منطقية وواقعية والعمل ليس بحاجة لأحد أن يدافع عنه، لأنه من أوائل الاعمال التي تدخل الى عمق الاحداث بطريقة جريئة وموضوعية"، لافتاً الى ان الـ15 حلقة المقبلة ستشهد المزيد من قوة الاحداث، وما كان في الحلقات الـ15 الاولى ما هي سوى تمهيد فقط".