محمد عبد الرحمن-LebanonOn
يبدو ان المنطقة العربية ومنطقة الشرق الأوسط أمام تغيّرات عديدة قد تعيد رسم التوازنات العالمية في مرحلة دقيقة من التاريخ. فالتطورات تتسارع والاحداث تتلاحق.
دعونا نقرأ ما يحصل في المنقطة بتمهل.. قمم عربية صينية، تقارب سعودي ايراني برعاية صينية، ومفاوضات بينهما، تلتها دعوة الملك السعودي للرئيس الايراني بزيارة المملكة ولقاء قريب بين وزراء خارجيتهما، وملامح لزيارة وزير الخارجية السعودي لسوريا مع استئناف العلاقات الديبلوماسية، ولقاءات أمنية ودبلوماسية بين البلدين لإعادة سوريا للحضن العربي على أن تكون حاضرة في القمة العربية المقرر عرضها في شهر أيار في الرياض، وعدا عن كل ذلك تعميق المفاوضات الجدية في انهاء حرب اليمن التي هي صلب الاحداث بين السعودية وإيران، كل ذلك برعاية صينية.
فهل ستتمكن الصين من بناء قطب جديد في الشرق الاوسط يوازي القطب الاميركي عسكرياً واقتصادياً وسياسياً؟
أشار الاكاديمي والباحث وخبير الاقتصاد السياسي بيار الخوري في حديث لموقع LebanonOn الى أن "الصين هي قطب عالمي ولا يجب أن نميز هنا بين المستويات من الاقطاب العالمي، فاقتصادياً هي في الامام ومتقدمة على الجميع وهذا الامر معروفاً، فالقطبين العالميين الكبيرين هما الصين وأميركا"، لافتاً الى أن الاقطاب العالمية الاقتصادية هم خمسة: أوروبا الغربية، الصين، أميركا، روسيا، والهند. وتابع: "اذا أردنا أن نتحدث عن الاتحاد الاوروبي منفرداً، يمكن الحديث فقط عن ألمانيا في الصفوف الاولى ضمن الاتحاد. ولا سيما أن الهند مثلا تقدمت على بريطانيا في الترتيب العالمي".
أما سياسياً، فرأى أن الصين أصبحت تتخذ دوراً بارزاً في المفاوضات والاتفاقات والعلاقات الدولية الكبيرة، فاقتصاد الصين وسياستها أصبحا ينافسان أميركا بشكل كبير في أي مكان في العالم، لا بل أن المنافسة هذه تثبت الطريقة الصينية في بناء العلاقات السياسية والاقتصادية القائمة على التعاون وليس على العداوة.
أما عسكرياً، فشدد خوري على أن الصين ليس لديها اي اهتمامات عسكرية في الشرق الاوسط، فالصين تمتلك بعض القواعد في أفريقيا وهي تهتم بمحيطها الامني أي محيطها الجيو- استراتيجي وتقوم ببناء قوة عسكرية لها لحماية أمنها من المخاطر الاقليمية الخارجية، بالتالي ليس لديها أي تدخلات او اهتمامات عسكرية في الشرق الاوسط.
وأكد الخوري أن المملكة العربية السعودية تقول إن هناك عالم عربي جديد وشرق أوسط جديد، وهي جاهزة من حيث الامكانات لتقود هذا الشرق الاوسط الجديد، وهذا ما لمسناه في أكثر من مناسبة سواء كان في القمم العربية الثلاث في الرياض والتي أكدت الرياض من خلالها زعامتها للعالم العربي، وأيضاً الاتفاق السعودي الايراني التي قامت به السعودية من أجل التنمية المستدامة في المستقبل ضمن رؤيتها 2030.
ورأى أنها تقوم بتصفير مشاكلها مع جميع دول العالم من أجل التعاون بين الامم ربما حتى في الخلاف العقائدي، وهذا ما تتشبه به السعودية بالصين، فالدولتين تعملان بذات الطريقة، في تصفير مشاكلهما مع الجميع والسعي نحو المصلحة المشتركة لدى الجميع. فالصين ليس لديها أي صراع مع أي من الدول وحتى أميركا منها، بل على العكس أميركا هي التي تقود الصراع الصين.
واعتبر الخوري أن هذا الانفتاح الدبلوماسي بين السعودية وايران كبير جداً والتي قامت به الصين، فالخلاف والخصومة بينهما عمره ما يزيد عن خمسة وأربعون عاماً والتوتر كبير بين البلدين. وهذا ما يؤكد على دور الصين البارز في خلق مناخات تعاون بين الدول.
ولفت الى أنه هنا يكمن دور القطب الدولي، الذي يقوم بلعب دور مهم في الضغط على الدول اما لكي تصبح على عداء بسبب الخلافات او لكي يفتش على مساحة مشتركة تجمع بين الدول. فالصين تلعب هذا الدور اي تبحث على المساحة المشتركة بين الدول والامم ، وهذا القطب قادر على الاستثمار الكبير في العالم ورائد على مستوى التكنولوجيا. فالاستثمار والتكنولوجيا هما كلمة المفتاح لمستقبل البشرية والمفتاح تملكه الصين.
وشدد الخوري في ختام حديثه علي أن المملكة العربية السعودية لا تريد ان تقطع العلاقات مع احد، سواء من أميركا أو غيرها، فالسعودية تقوم ببناء العلاقات المتوازنة مع الجميع لتحمي مصالحها ودورها في المنطقة ضمن رؤيتها، لافتاً الى أن الجديد في السعودية هو الرؤية الندية لها في أن تكون تابعة لأحد أو لأي قطب دولي ولكن هي لا تريد الخلاف مع أحد، فتقوم بالتعاون مع الجميع ولكن مع حماية جميع مصالحها.
وأشار الى ان للسعودية مشروعها في قيادة الشرق الاوسط ولكنها تحتاج للشراكات في هذا الاطار. فالشراكات مع ايران مهمة بالاضافة الى شراكاتها مع الصين، وشراكاتها مع روسيا التي تعتبر قوية بالاضافة الى الشراكة مع الاوروبيين والأميركيين.