عيسى طفيلي
ضجت وسائل الإعلام المحلية والعالمية مساء أمس بالحدث الذي أفصح عنه جيش العدو الإسرائيلي، وهو تفجير مجيدو الذي توجهت أصابع الإتهام به مباشرة إلى لبنان، إذ زعم الجيش المذكور أن منفذ الإعتداء تسلل من لبنان حتى وصل إلى مكان العملية، وهذا ما أثار الذعر في صفوف قادة العدو الأمنيين، إذ إنّه في حال تأكّدت صحّة الأنباء عن تسلل المنفذ من لبنان إلى الداخل المحتل، فإن الأمر سيكون أكبر من تفجير، بل يعني أن حزب الله نقل المعركة إلى الضفة المقابلة وجعل الصراع بين لبنان وعدوّه التاريخي ينتقل إلى الأراضي المحتلّة، وهذا ما يثير الذعر في صفوف القادة الأمنيين لدى جيش الإحتلال الإسرائيلي.
إرتباك على كافة الأصعدة الأمنية والعسكرية الإسرائيلية، فما حصل يستوجب التمعّن فيه، ودراسة الرؤية البعيدة التي يفكر فيها حزب الله في الصراع الأمني مع عدوّه، إذ أن الجيش الإسرائيلي يعرف جيّداً أن حزب الله كان قد جهّز الأرضية تماماً للفلسطينيين المقيمين في لبنان لمواجهتهم، وذلك عبر التدريب العالي المستوى الذي يقوم به الحزب، والذي سيعطي الفلسطينيين في لبنان وسوريا دوراً مهماً في أيّ حرب مقبلة؛ وتنظيم العمل العسكري في المخيمات خلال الحرب المقبلة، سيشكّل جبهة مقاومة جديدة ضد الإحتلال، ستضعه في مأزق عسكري وأمني، وما حصل في مجيدو هو مثال صغير عمّا يحضّر لما هو مقبل.
الذئاب المنفردة، إسم أطلق على المجموعة التي تبنت عملية مجيدو، والتي من المحتمل أن تكون قد تسللت من لبنان إلى الداخل المحتل، وإن صحّ الأمر فستكون الذئاب المنفردة هي الإسم الذي فتح الطريق أما ذئاب المقاومة الذين سيعبرون بطرق عدة عند اقتضاء الحاجة، خصوصاً أنه إذا صح أن المنفذ من الجنسية الفلسطينية، سيكون الإسرائيلي أصبح محاصرا من جميع الجبهات: في الداخل تظاهرات ووضع مرتبك، وعلى الأطراف محاصر من أركان محور المقاومة، من غزة إلى جنين وعرين الأسود والجولان والشريط الحدودي اللبناني الذي بات محصناً بقوات الرضوان، والذئاب المنفردة.
لم يستطع العدو حتى الآن تحديد ماهية العمليّة، ومن كانت تستهدف، لكن مجرد الإختراق الأمني للشريط الحدودي هو مصيبة في الكيان، مع العلم أن الغرف العسكرية الضيقة للعدو، من المنطقي أن تكون قد تأكدت إذا كان الأمر يتعلق بحزب الله أم لا، من خلال العبوات التي زعم أنه سيطر عليها، على اعتبار أن العبوات التي تمتلكها مختلف فصائل المقاومة معروفة الإسم والمصدر، وهذا يوضح الأمر ويوضح الرسالة التي كان يريد المنفذ أن يوصلها.
لا شك في أن ما خفي حتى الآن عن العملية هو أعظم، ولا شك أن ما سيكشف سينقل الصراع مع العدو الإسرائيلي إلى مكان آخر، وخصوصاً على الصعيد الأمني، فحرب السلاح لم تعد تنفع، وأصبحنا في زمن حرب الأدمغة والتكتيكات الأمنية.