ميسا جبولي - خاص
عرقلات، اغتيالات، دماء وفراغات، فلبنان منذ استقلاله حتى اليوم لا يزال يصطدم بحواجز عند كل استحقاق رئاسي.
واليوم بعد 11 جلسة فاشلة عُقدت تحت قبة البرلمان لم يتمكن نواب لبنان من الاتفاق على رئيس يُنقذ ما تبقى، فكانت الجلسات أشبه بمسلسل، أنهى جزأه الأول بـ"مسخرة" بانتظار الجزء الثاني لعل أن يحمل معه خيرا للبنانيين.
أسماء تحوم في فلك الكرسي الرئاسي، منها في العلن كسليمان فرنجية، قائد الجيش جوزف عون، وغيرها من الاسماء في الكواليس.
ويبدو أن لا توافق حتى الساعة على كل هذه الأسماء، فرنجية لا يرضي التيار ولا حتى القوات، فيما قائد الجيش هناك نوع من الضبابية حول التوافق على اسمه في حين صعّد رئيس كتلة التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل في خطابه موقفه بوجه العماد عون متهمه بـ " مخالفة قوانين الدفاع والمحاسبة العمومية".
يعتبر البعض أن تولي قائد الجيش مخالف، وبالعودة إلى أحكام المادة 49 من الدستور، لا يجوز انتخاب أحد لرئاسة الجمهورية ما لم يكن حائزاً على الشروط التي تؤهله إلى الترشح وغير مانعة لأهلية الترشيح، كما أنه لا يجوز انتخاب القضاة وموظفي الفئة الأولى وما يعادلها في جميع الادارات العامة والمؤسسات العامة وسائر الأشخاص المعنويين في القانون العام مدة قيامهم بوظيفتهم وخلال السنتين اللتين تليان تاريخ استقلاتهم وانقطاعهم فعلياً عن وظيفتهم أو تاريخ احالتهم إلى التقاعد، وهذا يشمل بطبيعة الحال قائد الجيش العماد جوزف عون.
وفي هذا السياق، أشار الخبير الدستوري والقانوني المحامي عادل يمين في حديث خاص مع موقع "LebanonOn" الى أننا "نحتاج إلى تعديل دستوري كما حصل عندما أراد البرلمان انتخاب العماد إميل لحود الذي كان قائدا للجيش فأصبح رئيسا للجمهورية حيث تم تعديل المادة 49 من الدستور وأزيل انتخاب موظفي الدرجة الأولى استثنائياً ولمرة واحدة لرئاسة الجمهورية".
هل يجوز أن يُعدل الدستور في ظلّ الشغور الرئاسي؟
في ظل الفراغ الرئاسي وحكومة تصريف أعمال، أكد يمين، أنه من غير الممكن إطلاقاً أي تعديل على الدستور في ظل وضع الحكومة الحالي ووضع الرئاسة. وشرح قائلاً: "أحكام المادة 76 من الدستور تنص على أنه يمكن إعادة النظر في الدستور بناء على اقتراح رئيس الجمهورية فتقدم الحكومة مشروع قانون إلى مجلس النواب في حين أن المادة 77 من الدستور تنص على أنه يمكن أيضاً إعادة النظر في الدستور بناء على طلب مجلس النواب فيجري الأمر حينئذ على الوجه الآتي: يحق لمجلس النواب من خلال عقد عادي وبناء على اقتراح 10 من أعضائه على الأقل أن يبدي اقتراحه بأكثرية الثلثين من مجموع الأعضاء الذين يتألف منهم المجلس قانوناً باعادة النظر في الدستور على أن المواد والمسائل التي يتناولها الاقتراح يجب تحديدها وذكرها بصورة واضحة".
وأضاف: " يبلّغ رئيس المجلس ذلك الاقتراح إلى الحكومة طالباً أن تضع مشروع قانون في شأنه، فاذا وافقت الحكومة على اقتراحه بأكثرية الثلثين وجب عليها أن تضع مشروع التعديل وتطرحه على المجلس خلال أربعة أشهر واذا لم توافق عليها أن تعيد القرار الى المجلس ليدرسه من جديد".
وأكد يمين أن هذا يقود إلى القول أنه لا بد من وجود حكومة عاملة ومكتملة المواصفات الدستورية ورئيس للجمهورية قائم وعامل كون رئيس الجمهورية أعلن في المادة 50 أنه هو من يقسم اليمين للحفاظ على احترام الدستور والقوانين كما انه بحسب المادة 49 يسهر على احترام الدستور ويملك صلاحيات واضحة في عملية مراقبة التشريع فلا يجوز بالتالي اقرار قانون دستوري ولا اصداره يغيابه. وأشار إلى أنه في حال نظم الأمر وتم اكتمال المؤسسات الدستورية وأريد السماح لموظفي الفئة الأولى بتولي رئاسة الجمهورية يجب أن يتم إلغاء الفقرة الأخيرة من البند 49 كلياً بدلا من أن تعدل لمرة استثنائية.
وعن انتخاب الرئيس الأسبق العماد ميشال سليمان من دون تعديل في الدستور بحجة الظروف، يقول المحامي يمين أنه "عندما تم انتخاب العماد ميشال سليمان رئيساً للجمهورية ولم يكن قد مضى سنتان على تركه قيادة الجيش تم في حينها تجاوز الدستور وانتهاك المادة 49 منه ولو توافر عدد أعضاء مجلس النواب اللازم وقدم هؤلاء طعنا للمجلس الدستوري في هذا الانتخاب لكان وجب على المجلس الدستوري إعلان بطلان هذا الانتخاب".
النظام السياسي في لبنان مأزوم!
تابع يمين في حديثه مع موقع “Lebanon On” أن "طرح موظفي الدرجة الأولى لرئاسة الجمهورية يدل أن النظام السياسي مأزوم وأن القوى السياسية لم تتمكن من بلورة ترشيحات على مستوى السياسيين، وأن الحياة السياسية غير سليمة لأنه يفترض أن يكون المرشح حاملاً لعناوين سياسية واضحة".
ورأى يمين عبر “Lebanon On” أن انتخاب الرئيس يفترض أن يعبّر عن أبعاد شرعية وشعبية، وذلك يتمثل بوجوب انتخاب رئيس للجمهورية من قبل الشعب مباشرة من خلال تعديل المادة 49 من الدستور ليصار إلى انتخاب رئيس مباشرة من الشعب على أن يتقدم من يطالب بترشيح نفسه عريضة تأليف بهذا الترشيح تتضمن 50 نائباً مناصفة بين نواب مسلمين ومسيحيين للتأكد من جهة حيثيته التمثيلية لجهة التوازن المسلم المسيحي، ويترك للشعب حينها اختيار الرئيس على نحو أن يمنع أي تعطيل في انتخابات الرئاسة ويؤمن اللعبة الديمقراطية بالفعل لا بالشكل. وتابع، يمكن أن يحقق ذلك مبدأ أن الشعب مصدر السلطات، كما تنص مقدمة الدستور.
إذاً، شهد لبنان عند انتخاب الرئيس الأسبق ميشال سليمان تجاهلاً للدستور بحجة الظروف. واليوم، الليرة اللبنانية تنهار، الدولار لامس عتبة الـ 64 ألفا، أزمة مالية واقتصادية وصحية... فهل الظروف هذه لا تستدعي الحاجة أن يكون نواب الأمة أكثر جدية لانتخاب رئيس؟ وهل سنشهد في الأيام المقبلة بعد هذا الصمت الرئاسي انفراجة؟