مارون ناصيف - خاص LebanonOn
كي تتحرك تحقيقات إنفجار مرفأ بيروت من جديد بعد تعطيلها منذ سنة وشهر بسبب كفّ يد المحقق العدلي القاضي طارق البيطار بدعاوى رد ومخاصمة لم تُبتّ بعد، عليها أن تسلك مساراً من ثمانية، وبين هذه المسارات، منها ما هو مستحيل أن يتحقق، منها ما هو مستبعد، ومنها ما هو وارد.
فلنبدأ بالمستحيل، وأولها أن يتنحى القاضي البيطار عن الملف وأن يعيّن وزير العدل في حكومة تصريف الأعمال هنري خوري ومجلس القضاء الأعلى محققاً عدلياً آخراً، وهو أمر غير وارد على جدول أعمال البيطار ولو "بدّها تشتّي غيّمت".
ثاني الإحتمالات المستحيل الوصول اليها تتمثل بتصويت مجلس النواب على إقتراح القانون المعجل المكرر الرامي الى تعديل المادة 125 من قانون أصول المحاكمات المدنية كي يصبح المحقق العدلي قادراً على إستكمال تحقيقاته حتى لو قدمت بحقه دعاوى رد ومخاصمة. هو إحتمال مستحيل لأن أكثرية الطبقة السياسية المكونة لمجلس النواب لا تريد بقاء البيطار محققاً عدلياً في الملف.
ثالث الإحتمالات المستحيلة يتطلب إنجاز وكلاء مدير عام الجمارك بدري ضاهر التبليغات المتعلقة بدعوى الرد التي أقاموها ضد البيطار وتمت إحالتها الى غرفة التمييز التي ترأسها القاضية سهير الحركة، عندها يمكن للحركة أن ترد البيطار عن الملف لننتقل الى مرحلة تعيين محقق عدلي آخر يسير بالملف، ولكن ما يمنع السير بهذا الإحتمال هو عدم وجود نية لدى وكلاء ضاهر بإنجاز التبليغات لقناعتهم بأن الحركة لن ترد البيطار وهذا ما لا يريدونه لأن الأخير لا يمكن أن يخلي سبيل ضاهر إذا بقي محققاً عدلياً.
الإحتمال الرابع يندرج ضمن إطار الإحتمالات المستبعدة وغير المستحيلة، وهو يقضي بأن يوقع وزير المال يوسف خليل مرسوم التعيينات الجزئية فيكتمل نصاب الهيئة العامة لمحكمة التمييز وتبتّ الأخيرة الدعاوى العالقة وبنتيجتها إما يعود البيطار وإما يُردّ عن الملف ويعين قاض آخر بدلاً منه. هو إحتمال مستبعد حصوله لأن وزير المال محسوب على حركة أمل، ولو كان الرئيس بري وحزب الله يريدان السير بهذا الإحتمال لوقع خليل المرسوم منذ أشهر وإنتهت المشكلة.
أيضاً ضمن إطار الإحتمالات المستبعدة، يأتي الإحتمال الخامس الذي يجعل البيطار يتبنى دراسة قانونية أجرتها منظمة جوستيسيا لحقوق الإنسان مع قاض متقاعد عريق في المجال الجزائي، وهي التي تسمح للمحقق العدلي ببت طلبات إخلاء السبيل حتى لو قدمت بحقه دعاوى رد ومخاصمة. هو إحتمال مستبعد حصوله لأن البيطار لا يقبل السير بنصف حل أي ببت إخلاءات سبيل الموقوفين وإبقاء التحقيق معطلاً.
الإحتمال السادس والمستبعد أيضاً، هو دعوة الرئيس سهيل عبود الهيئة العامة لمحكمة التمييز الى الإنعقاد حتى ولو بقضاتها المنتدبين لبتّ الدعاوى العالقة بحق البيطار، وهذا ما رفضه القضاة الأصيلون والمنتدبون بعد محاولة عبود إقناعهم به لثلاث مرات سبقت.
إذاً 6 إحتمالات فنّدناها أعلاه توزعت بين المستحيلة والمستبعدة. يبقى إحتمالان يمكن تصنيفهما في خانة الوارد أن يتحقق.
إحتمال سابع يقضي بتعيين مجلس القضاء الأعلى، وبستة أصوات من دون عبود، قاضياً منتدباً لبتّ إخلاءات السبيل، وهو أمر قد يحصل بسبب الضغوط الأميركية الهادفة الى إخلاء سبيل الموقوف محمد زياد العوف اللبناني الذي يحمل الجنسية الأميركية، ولكن حتى لو عُيّن القاضي المنتدب فمهمته لن تكون سهلة لأن البيطار لن يتعاون معه ولن يسلمه الملف.
أما الإحتمال الثامن والأخير الوارد تحقيقه، هو توصّل البيطار الى قناعة بناء على إجتهادات قانونية ومعاهدات دولية وقع عليها لبنان، تسمح له بتخطي القوانين اللبنانية والسير بالملف حتى في ظل دعاوى الرد والمخاصمة، وهو ما يعمل عليه منذ أشهر المحقق العدلي في جريمة العصر.