مارون ناصيف - خاصّ موقع LebanonOn
ما حصل بالأمس بين المحقق العدلي في جريمة إنفجار المرفأ القاضي طارق البيطار والوفد القضائي الفرنسي الذي حضر الى لبنان للتحقيق بمقتل موطنين فرنسيين في إنفجار مرفأ بيروت، هو بمثابة بروفا يجب على أي دولة أخرى غير فرنسا أن تأخذها بعين الإعتبار إذا كانت تنوي الدخول على خط تحقيقات جريمة العصر.
الوفد الفرنسي وبعد إجتماع دام حوالى خمس ساعات مع القاضي طارق البيطار، خرج من قصر عدل بيروت من دون أن يتمكن من الإطلاع ولو على مستند واحد من مستندات التحقيق المتعلق بإنفجار الرابع من آب 2020. وفي هذا السياق تكشف مصادر في العدلية أن البيطار كان أكثر من واضح مع الوفد الفرنسي، إذ قال أمامه "يوم أعود الى التحقيق يمكنني أن أساعد بما تسمح لي القوانين اللبنانية والمعاهدات الدولية، ولكن قبل أن تتحقق هذه العودة أنا مضطر الى الإعتذار من حضراتكم".
هذه الواقعة تأتي بالتزامن مع حراك أميركي قادته السفيرة دوروثي شيا خلال الأسبوعين الفائتين عندما زارت المدعي العام التمييزي القاضي غسان عويدات ورئيس مجلس القضاء الأعلى القاضي سهيل عبود كي تقول أولاً إن توقيف محمد زياد العوف من دون محاكمة، وهو لبناني يحمل الجنسية الأميركية ومن أحد موقوفي إنفجار المرفأ الـ17، لم تعد مقبولة أبداً كونها تحولت الى إعتقال تعسفي وكي تحذر ثانياً من العقوبات الأميركية التي قد تفرض على الدولة اللبنانية إذا أعتبرت الخارجية الأميركية أن العوف أصبح رهينة لدى الدولة اللبنانية، وبالتالي يجب العمل على إخلاء سبيله في أسرع وقت ممكن.
من هذه الواقعة، تجزم مصادر بارزة في العدلية لموقع LebanonOn أن أي تدخل أميركي لاحق قد يحصل مع البيطار لن يؤدي الى أي نتيجة قبل عودة المحقق العدلي الى عمله بعدما كًفّت يده منذ أكثر من سنة بسبب دعاوى عالقة أمام القضاء، وحتى لو جاء وفد أميركي قضائي مماثل للوفد الفرنسي وطلب منه الحصول على مستندات من ملف تحقيقات المرفأ، فهذا الأمر لن يتحقق ما دامت تحقيقات البيطار معطلة. أبعد من ذلك، تقول المصادر عينها، إذا نجحت الضغوط الأميركية بتعيين مجلس القضاء الأعلى محقق عدلي منتدب للبت بطلبات إخلاء السبيل الى حين عودة البيطار الى التحقيق، وتحديداً طلب إخلاء السبيل المقدم من الموقوف العوف، فذلك لن يكون كافياً لإخلاء سبيل العوف لأن البيطار لن يتعاون مع القاضي المنتدب كونه لا يعترف بوجوده قانوناً، ويعتبره هرطقة بعيدة كل البعد عن النصوص والقوانين ولن يسلّمه ملف التحقيقات كي يتمكن القاضي المنتدب من بت إخلاء السبيل.
في موازاة كل ما يحصل، لن يبقى البيطار متفرجاً ولن يقف مكتوف الأيدي، فهو يبحث عن ثغرة أو إجتهاد قانوني يسمح له بالعودة الى التحقيق العدلي بغض النظر عما يمكن أن يقوم به مجلس القضاء الأعلى علماً أنه لا يزال يعتبر أن الطريق القانوني الأسهل الى عودته الى التحقيق هو توقيع وزير المال لمرسوم التعيينات الجزئية في الهيئة العامة لمحكمة التمييز القادرة الوحيدة على بت الدعاوى العالقة وعلى إعادة البيطار الى عمله أو الى ردّه وبالتالي تعيين محقق عدلي آخر يسير بملف التحقيقات.