مارون ناصيف - خاصّ موقع LebanonOn
الى الرقم 57 وصل عدد الموظفين الموقوفين بين دائرتي السجل العقاري في بعبدا وعاليه بتُهم تقاضي الرشاوى والإثراء غير المشروع.
وبالتهم ذاتها يضاف اليها التزوير وإستعمال المزوّر، وصل عدد الموظفين الموقوفين في هيئة إدارة السير ومصلحة تسجيل السيارات بين نافعة الدكوانة ونافعة الأوزاعي ونافعة جونية الى 46 موقوفاً هذا فضلاً عن عشرات معقبي المعاملات والسماسرة الناشطين في النافعة ومحيطها، وقد وصل الأمر منذ أيام الى توقيف تسعة أطباء بتهمة بيعهم شهادات طبية لمواطنين يريدون الحصول على دفتر سواقة ولا يستحقونها، كل ذلك، من دون رؤيتهم والكشف عليهم .
عنوان الملف الأول المتعلق بفساد الدوائر العقارية، هو المحامي العام الإستئنافي في جبل لبنان القاضي سامر ليشع.
أما عنوان الملف الثاني أي ملف فساد النافعة، فهو المحامية العامة الإستئنافية في جبل لبنان القاضية نازك الخطيب.
صحيح أن ليشع والخطيب هما من أنزه القضاة وأشرفهم وأكثرهم دقة ومهنية،
وصحيح أيضاً أن ما من أحد في قصور العدل التي تنقّلا فيها، محامياً كان أم مواطناً، يمكنه أن يتّهم ليشع والخطيب بتقاضي الرشاوى، وبالشغل
À la carte لصالح هذا الفريق السياسي أو ذاك،
لكن الصحيح أيضاً وهو ما لا يجب أن ننساه ولو للحظة، هو أن من يكلّف الخطيب وليشع وغيرهما من قضاة النيابة العامة في جبل لبنان بفتح ملفات الفساد هذه، هو دينامو إسمه النائب العام الإستئنافي في جبل لبنان القاضية غادة عون.
غادة عون مالئة قصور العدل بديناميتها وأخبارها وشاغلة الناس بملاحقاتها من لبنان وصولاً الى مراكز قرار عدد من الدول الأوروبية والأجنبية.
ما تقوم به "الريّسة" غادة مع قضاة النيابة العامة الإستئنافية، وعلى رغم كل ما يتعرضون له من حملات ومضايقات من الطبقة السياسية الحامية لفاسدي المؤسسات والإدارات العامة من مدراء وموظفين، يدفعنا الى طرح الكثير من الأسئلة:
أولاً هل الفساد محصور فقط في مؤسسات وإدارات الدولة القائمة في جبل لبنان؟ بالتأكيد لا
ثانياً هل يتقاضى جميع قضاة النيابات العامة الإستئنافية في المناطق الأخرى الرشاوى وهل هم فاسدون على عكس عون والخطيب وليشع؟ أيضاً وأيضاً لا وألف لا لأن في القضاء الكثير من القضاة الشرفاء.
ثالثاً لماذا لا نسمع إذاً عن توقيفات مماثلة لموظفين فاسدين في إدارات بيروت والجنوب والشمال والبقاع ؟
الجواب وببساطة لأن مكافحة الفساد نهجٌ لا تتبعه أكثرية النيابات العامة والمدعين العامين في المناطق، ومتى طبّقته نرى موظفين فاسدين خلف القضبان، وفي هذا السياق لا بد من التذكير بتوقيف قاضي التحقيق الأول في الشمال سمرندا نصار في حزيران الفائت، لأمين السجل العقاري في مجدليا - زغرتا مارون مقبل مع عدد من الموظفين الفاسدين، بمجرد أن وردها ملفٌ مُحكم بحقهم من النيابة العامة المالية وبعد تأكدها من خلال تحقيق موسّع من صحة التهم الموجهة اليهم.
أيضاً وفي السياق عينه لا بُدّ من التذكير بتوقيف مدعي عام الجنوب القاضي رهيف رمضان في العام 2019 للمدير العام السابق للتعليم العالي أحمد الجمال بملف الشهادات الجامعية المزورة والمباعة.
فعلاً الأمثلة كثيرة، لكنها غير كافية، لأن الفساد مُعشعشٌ ومُعممٌ على كل المؤسسات والإدارات العامة وفي كل المناطق، وبما أن الوضع داخل المؤسسات وصل الى هذه الدرجة من السوء ومن يدفع الثمن هو المواطن وخزينة الدولة، الأمر يتطلب ثورة قضائية من النيابات العامة، كما هو الحال في جبل لبنان، لإنصاف ما تبقى من لبنانيين لا يزالون يؤمنون بالدولة ومؤسساتها ويرفضون الهجرة الى بلد آخر.