مارون يميّن - خاص موقع LebanonOn
تناولت تقارير اخبارية في الساعات الماضية، في عدد من وسائل الاعلام العربية مسألة نقل أسلحة من ايران الى حزب الله عن طريق مطار بيروت، بعد تعذّر نقلها من مطار دمشق في سوريا الذي إعتاد في السنوات الاخيرة على ضربات عدائية اسرائيلية لضرب مخازن اسلحة تزعم حكومة العدو الإسرائيلي وجودها.
وفي جديد التقارير ما نشرته قناة "العربية – الحدث" أنّ "شركة طيران معراج الإيرانية المرتبطة بالحرس الثوري تسير رحلات لمطار بيروت بدأت منذ 14 تشرين الثاني الفائت بهدف نقل اسلحة الى حزب الله". ولفت التقرير الى أنّ "رحلات شركة معراج الإيرانية تهبط بشكل أسبوعي في مطار دمشق الدولي، وأنّ اسرائيل تخشى انضمام مطار بيروت إلى مسار تهريب الأسلحة من إيران للبنان".
الى ذلك، وبعد ساعات قليلة من هذه التقارير، خرجت تحذيرات من تل ابيب، نقلتها صحيفة "تايمز أوف إسرائيل"، أنّها قد تنفّذ ضربات على مطار بيروت لإحباط عمليات تهريب الأسلحة على حدّ زعمها، معلنة أنّ "طهران تحاول استخدام ممر تهريب جديد عبر بيروت بعد فشل ممر دمشق لنقل الأسلحة لحزب الله".
وفي حديث لموقع LebanonOn، يرى الصحافي والمحلّل السياسي حسين مرتضى أنّ "الكلام الذي ورد في تقرير العربية غير دقيق"، مؤكّدا في الوقت عينه أنّ "ما حصل له مؤشرات خطيرة لما يمثّله مطار بيروت، وإذ لاحظنا انّ الاعلام السعودي هو مَن بدأ بالترويج لمثل هذه الاخبار والتقارير، وبعدها بساعات قليلة بدأ الاعلام الإسرائيلي بنشر التهديدات المتعلقة بضرب المطار، وكأّن هناك تنسيق بين الاعلام السعودي والاعلام الاسرائيلي".
ولفت مرتضى الى أنّ "من الدلالات الخطيرة أيضا، هو أنّ الاسرائيلي يعطي نفسه مسوّغا لضرب مطار بيروت او الاعتداء عليه، او لا سمح الله ان يحصل اي حدث أمني للقول بعدها انّه بسبب تخزين سلاح لحزب الله في المطار، أو أنّ الحزب ينقل شحنات أسلحة عبر مطار بيروت".
وأكّد مرتضى أنّ "شركة الطيران الإيرانية المتّهمة في التقارير المنشورة، هي نفسها الشركة التي تسيّر رحلات إلى كل الدول من بينها قطر والسعودية ودول عربية أخرى".
هذا وشدّد على أنّ "حزب الله لم يعد بحاجة لإستقدام صواريخ لا من إيران ولا من سوريا، ومَن لا يعرف حجم منظومة الصواريخ لدى حزب الله يعني أنّه يفتقد للرؤية والمنطق"، مؤكّدا مرة جديدة أنّ "ما تمّ نشره في السابق كان ذريعة لدى الاسرائيلي من اجل القصف على سوريا ومطار دمشق، وما يحصل الآن هو تشويه لصورة المطار في بيروت في وقت انّ لبنان بأمسّ الحاجة الى هذا المِرفق في وضعه الاقتصادي الحالي".
وأشار مرتضى الى أنّ "الصورة واضحة لكنّها مخيفة بنفس الوقت، ولا بدّ من إستنفار استباقي على مستوى الدولة لناحية احتواء اي حدث امني محتمل على أرض مطار بيروت لكي لا يتكرّر سيناريو انفجار مرفأ بيروت. وهنا لا بدّ من التذكير انّ بعد 3 ثوان من انفجار مرفأ بيروت كان العنوان الرئيسي على "العربية الحدث" هو أن (انفجارا وقع في مخازن اسلحة لحزب الله في مرفأ بيروت) وكأنّ صياغة الخبر والحملة الاعلامية كانت محضّرة مسبقا؛ هذا الأسلوب استُخدم أكثر من مرة ويحاولون الترويج له الآن من جديد، وما يؤكّد ذلك أنّ بعد تقرير "العربية" بدأنا نسمع ونشاهد تصريحات القنوات الاسرائيلية عن احتمالية ضرب المطار والقيام بعمل عسكري".
وعن تزامن هذه الأخبار مع الحملات السياحية التي أطلقتها وزارة السياحة اللبنانية والأرقام المبشّرة التي بدأنا نسمعها لناحية أعداد الزوار الذين سيأتون الى لبنان في خلال فترة الأعياد وفصل الشتاء، أشار مرتضى الى أنّه "في أخر الأرقام المتداولة، انّ مليار دولار وما فوق سيدخل الى لبنان في هذه الفترة نتيجة الموسم السياحي المترافق مع الأعياد"، وسأل: "هل هذا يزعج السعودية أن يكون هناك سيولة بالدولار في لبنان"؟
وقال: "الترويج لإحتمالية ضرب مطار بيروت سيؤثّر حتما على السياحة وعلى الاقتصاد، وسيدخل القلق الى نفوس المسافرين القادمين الى لبنان، وكذلك في نفوس من لم يحجزوا بعد تذاكر سفرهم، فقد تؤدي مثل هذه الحملات الى دفع العديد من السياح والمغتربين الى التردّد في زيارة لبنان او إلغاء حجوزاتهم".
وردّا على سؤال عن إمكانية ربط هذه التصريحات ومدلولاتها على الإستحقاق الرئاسي، لا سيّما فيما خصّ السيناريو الأمني الذي يشير اليه العديد من المراقبين والذي قد يتوّج قائد الجيش العماد جوزيف عون رئيسا للجمهورية، يجيب مرتضى: "لا أعتقد أنّ مسألة تهديد مطار بيروت لها علاقة بالملف الرئاسي او بحظوظ قائد الجيش جوزيف عون، وقد يكون اسم الاخير مطروحا ضمن مبادرات دولية ستبصر النور بعد الانتهاء من المونديال، لكن لا يمكن الحسم بهذا الأمر".
مخزون صواريخ حزب الله يكفي لـ3 حروب طويلة
من جهته إعتبر الخبير العسكري والباحث في الشؤون السياسية عمر المعربوني أنّ "ما ورد في التقارير العربية والإسرائيلية يخرج عن دائرة المنطق، لأن نقل الأسلحة عن طريق الطائرات المدنية هو أمر متعذّر لمجموعة كبيرة من الاسباب، أبرزها أنّ الطائرة المدنية تكون معدّة في الأساس لنقل الركاب، وبالتالي إنّ المساحة الصالحة لنقل الاسلحة او المعدات العسكرية غير موجودة وبالتالي نحن أمام كذبة غير مجدية".
ولفت الى أنّ "امين عام حزب الله السيد حسن نصرالله قال في اكثر من مناسبة ان الحزب لم يعد يعتمد على هذه الوسائل لجلب الاسلحة واصبح لديه مخزون يكفي لـ3 حروب طويلة جدا"، مؤكّدا أنّ "العدو الاسرائيلي يبحث عن حجة لإستهداف مطار بيروت".
ورأى المعربوني أنّ "استهداف مطار بيروت يعني دخول حزب الله الى الخط مباشرة، خصوصا ان الأخير قد طرح معادلة منذ فترة طويلة ولا تزال قائمة وموجودة وسارية وهي (اذا استهدفتم مطار الشهيد رفيق الحريري سنستهدف مطار بن غوريون الدولي)، بالتالي لا أعتقد أنّ العدو الاسرائيلي يمكن ان يقدم على خطوة من هذا النوع خصوصا ان حزب الله قادر على إلحاق نفس الدمار في اسرائيل الذي قد تلحقه الاخيرة في المطار.
ونسال هنا المعربوني عن جدوى هذه التهديدات وما تمّ إثارته في وسائل الاعلام العربية اذا لم تكن إسرائيل تريد قصف المطار، فيجيب: "يعاني الداخل الصهيوني السياسي الكثير من التعقيدات والانقسامات، وقد تكون هذه التصريحات لرفع مستويات الضغط السياسي الداخلي، لأنّه معروف ان الحكومة الاسرائيلية المقبلة هي حكومة متطرّفين وتشهد مجموعة من المتغيرات سواء في السلوك او الطروحات".
وختم المعربوني: "أعتقد ان هذا الطرح في هذا التوقيت هو رسالة موجهة الى الداخل الاسرائيلي اكثر منها رسالة موجهة الى الداخل اللبناني، وانا اسجّل على نفسي هذه القناعة ان العدو الاسرائيلي لن يقدم على مغامرة من هذا النوع".