تريزا فخري – خاص موقع LebanonOn
لا شكّ ان وجود النازحين السوريين في لبنان، ومنذ عام 2011، شكّل عبءًا كبيراً على البلد، فوجود هذا العدد الهائل من النازحين على ارض لا تتحمّل هذا الحجم من السكّان، استنزف الاقتصاد اللبناني واضعفه، في وقت يعاني فيه لبنان من ازمة ماليّة عنيفة، كي يزيد النزوح السوري على ازمة لبنان، ازمة.
اضافةً الى اثر النزوح السوري على الامن اللبناني، وذلك وبحسب المعلومات، بسبب وجود مسلحون سوريون، داخل لبنان، جاهزون لتنفيذ عمليات قد تهزّ الداخل الامني اللبناني.
وايضاً، بسبب عمليات السرقة التي باتت اعدادها ترتفع مع اعداد جرائم الاغتصاب والقتل والخطف.
وعلى الصعيد الاجتماعي، فقد سلب النازح السوري العديد من فرص العمل، من امام اللبناني، وذلك من خلال قبوله براتب لا يمثّل نصف الذي يتقاضاه اللبناني.
الخطط لاعادة النازحين الى بلدهم بخير وسلامة، وُضِعت منذ اكثر من سنوات، وعمل على تطوير عمليّة عودتهم العديد من الوزراء، وآخرهم وزير المهجّرين عصام شرف الدين الذي، وقبل كفّ يده عن الملف، أكّد ان كل ما يتبقّى من اجل عودة النازحين هو اشارة القبول، من المعنينن، ام اذا صحّ التعبير: من المعرقلين.
رئيس الجمهوريّة ميشال عون اعلن منذ اسبوع بدء عملية إعادة النازحين على دفعات إلى بلدهم، وسبق أن وضعت حكومة تصريف الأعمال، خطة الإعادة على سكة التنفيذ، بتحديد أسماء الدفعة الأولى التي ستغادر البلاد متجهة إلى سوريا في الأيام المقبلة، حيث تقوم الخطة على إعادة 15 ألف لاجئ شهريا.
فكيف اثّر وجود النازح السوري على الاراضي اللبنانبة، على الاقتصاد خلال الازمة التي ضربت لبنان، وكيف ستنعكس عودتهم الى بلدهم، على الاقتصاد اللبناني في المرحلة المقبلة؟
يشرح الخبير الاقتصادي انطوان فرح لـ LebanonOn ان الضرر الاقتصادي المباشر الذي تسبب به النازحون السوريون، منذ انهيار الاقتصاد اللبناني في اواخر العام 2019 كان كبيراً جداً، لسبب بسيط وهو ان الضرر لم ينحسر باستخدام البنية التحتيّة في لبنان، وانما شمل ايضاً الاستفادة من كل السلع التي كانت تدعمها الحكومة اللبنانيّة بواسطة الدولارات الاحتياطية التي استخدمها مصرف لبنان، للتخفيف من ازمة المعيشة لدى اللبنانييّن، وتسبّبوا عملياً بهدر جزء كبيرمن الاموال التي كانت تستخدم من اجل دعم السلع.
ويضيف: اليوم وبعد انتهاء الدعم على كل السلع تقريباً، اصبح الضرر الاقتصادي او المالي المباشر اقلّ من السابق، فان الضرر الكبير حصل في السنوات الثلاثة الفائتة، واصبحت الخسائر التي يتسبّب بها النازحون هي ثلث المتعلّقة باستخدام البنى التحتيّة، اي الطرقات، الكهرباء التي ما زالت مدعومة، القطاع التربوي وحتّى الاتصالات الهاتفيّة.
وراى فرح ان اليوم، الضرر المباشر اصبح اقل وبموضوعيّة: ان بعض المداخيل التي يحصل عليها النازحون السوريون بالدولار من المنظمات الدولية، وجزءًا من هذه الدولارات قد يكون ينفق في لبنان، ما يساهم في تعزيز الايرادات الدولاريّة، فاذا اجرينا مقارنة يبقى لبنان خاسراً في هذه المقارنة، ولكن هذه الدولارات تعوّض جزءاً من هذه الخسائر. وبالتالي هناك ضرر اقتصادي مباشر للنازح، لكنه اقلّ من الضرر السابق الذي تسبّب به خلال فترة الدّعم.
بعد اعلان رئيس الجمهورية ميشال عون عن بدء عمليّة عودة النازحين الى بلدهم، كيف ستنعكس عودة النازحين السوريين الى بلدهم على الاقتصاد اللبناني:
ويؤكّد فرح ان الفوائد الاقتصاديّة المباشرة لعودة النازحين الى بلدهم، ليست بكثيرة، "وبالحقيقة الانعكاسات الايجابية الكبيرة ستكون غير مباشرة بما يعني ان عودة النازحين، تعني ان البلد دخل الى مرحلة جديدة، فتجربة لبنان مع النازحين، وحتّى مع اللاجئين الفلسطينيين هي تجربة فاشلة."
ويشرح هنا: وجود النازح او اللاجى بأعداد كبيرة في لبنان كان يعطي انطباعاً للخارج بأن البلد على فوهة بركان، وليس في وضع طبيعي. وهذا الامر تجلّى في الحروب الاهليّة والحروب الفلسطينية - اللبنانية في العام 1975، وبالتالي وجود اللاجئ او النازح بأعداد كبيرة، هو في حد ذاته يعطي انطباع الخطر وعدم الاستقرار على البلد. وبالتالي بلد غير مستقرّ لا يمكن ان يجذب الاستثمارات الاجنبيّة ولا حتّى احياناً الداخليّة. وتبقى هناك علامة استفهام طالما هناك نازحون بأعداد كبيرة في البلد.
كل الارقام التي تشاع عن اعداد النازحين في لبنان غير علميّة
كيف تريد الحكومة ان تعيد النازحين الى بلدهم وهي تجهل عددهم الحقيقي؟
يشير الباحث في الدولية للمعلومات محمد شمس الدين الى ان الحكومة ليس لديها معلومات حديثة حول توزّع النازحين الجغرافي، وعن مجال عمل كل نازح في لبنان، و"يفترض على الحكومة اولاً القيام بالاحصاءات."
ويضيف: بعد مغادرة النازحين الضرر سيظهر في قطاعات، وسيغيب عن غيرها.
وحول الوظائف التي كان يشغلها النازح السوري، يقول شمس الدين: مغادرة النازحين العاملين في قطاع البنى على سبيل المثال، سيشكّل ركوداً في القطاع.
ولكن النازح الذي يعمل في تجارة الالبسة والاحذية، عودته الى بلاده، ستفتح المجال امام اللبناني من اجل ان يسترجع المكان الذي كان له اساساً في هذا القطاع.
ويشرح شمس الدين لـ LebanonOn ان عدد النازحين انخفض خلال العام الحالي من 1.5 مليون نازح، الى ما دون الـ900 الف نازح، فجزء منهم غادر لبنان الى سوريا او الى دول اخرى. ويرى اننا قد نكون امام مشكلة حقيقية في حال حصول شغور في العديد من الوظائف التي يرفض اللبناني العمل ضمنها.
عودة النازحين ستكون ايجابية جداً على الاقتصاد بطريقة غير مباشرة بمعنى ان عودتهم تعني ان الاستقرار النسبي عاد الى لبنان، وعندها تظرة الخارج الى البلد سوف تتغيّر من بلد يحتوي على قنبلة موقوتة اسمها النازحون، الى بلد اصبح مستقراً الى حدّ ما.