خاص موقع LebanonOn - مارون ناصيف
عندما بدأ المحقق العدلي في جريمة إنفجار المرفأ القاضي طارق البيطار بملاحقة عدد من المسؤولين وعلى رأسهم الوزيران السابقان غازي زعيتر وعلي حسن خليل، لم تترك مصادر حركة أمل تهمة سياسية إلا ووجهتها للقاضي البيطار. نعم لم تترك مصادر الحركة تهمة إلا ووجهتها للبيطار وقد وصل بها الأمر الى إتهامه بأنه "عوني يسيّس التحقيق ويصفّي حسابات مع فريق الرئيس نبيه بري". ومَن مِنّا لا يتذكّر كيف تمّ التصويب إعلامياً على البيطار في حينها على خلفية عدم إستماعه الى إفادة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون.
في تلك الفترة، كان المقربون من رئيس الجمهورية يدافعون عن البيطار الذي سبق أن إقترحت إسمه كمحقق عدلي لملف المرفأ وزيرة العدل آنذاك ماري كلود نجم والتي كانت من حصة الرئيس عون في حكومة الرئيس حسان دياب.
اليوم شاء القدر أن يجمع فريق رئيس الجمهورية أي التيار الوطني الحر مع حركة أمل في خندق قضائي واحد، على رغم كل ما نسمعه من سجالات سياسية بينهما تارةً في الإعلام وتارةً أخرى عبر وسائل التواصل الإجتماعي.
فقيادة التيار قررت منذ فترة قصيرة خوض معركة إخلاء سبيل مدير عام الجمارك الموقوف بدري ضاهر من السجن قبل أن ينتهي عهد الرئيس عون في 31 تشرين الأول المقبل، وإنطلاقاً من ذلك تقدم وزير العدل هنري خوري الى مجلس القضاء الأعلى بطلب تعيين قاضٍ رديف للبيطار وظيفته "البتّ بالأمور الملحة" كما جاء في الطلب، وأبرزها طلبات إخلاء السبيل المقدمة من وكلاء الموقوفين في ملف المرفأ.
بعدها وافق مجلس القضاء الأعلى على طلب خوري وبالإجماع، وهنا لا بد من التوضيح بأن موافقة المجلس بالإجماع جاءت على مبدأ تعيين القاضي الرديف لا على تعيين قاضٍ محدد وبالإسم.
في مرحلة لاحقة وبعدما حاول الوزير خوري مراراً وتكراراً ومن دون نتيجة، إقناع عدد من القضاة بطرح أسمائهم على مجلس القضاء للتعيين، وافقت قاضي التحقيق الأول في الشمال سمرندا نصار على طرح إسمها على مجلس القضاء، وعندما طرح الإسم إنقسم المجلس على الشكل التالي:
القضاة الثلاثة المحسوبون على رئيس الجمهورية ميراي حداد وداني شبلي والياس ريشا ومعهم القاضي المحسوب على الثنائي الشيعي حبيب مزهر، يريدون تعيين نصار، مقابل رفض تعيين نصار من قبل رئيس مجلس القضاء الأعلى القاضي سهيل عبود ومعه القاضي عفيف الحكيم المحسوب على رئيس الحزب التقدمي الإشتراكي وليد جنبلاط.
هنا خاض قضاة الرئيس المسيحيون مع القاضي الشيعي المحسوب على الثنائي معركة تعيين قاضٍ رديف للبيطار جنباً الى جنب، كل ذلك فقط لأن مصلحة التيار بتعيين قاضٍ رديف للمحقق العدلي يبتّ طلب إخلاء سبيل بدري ضاهر المحسوب على الرئيس عون، تلاقت مع مصلحة الثنائي الذي يفضل أي مسار لتحقيقات المرفأ يخفف من صلاحيات المحقق العدلي الحالي طارق البيطار، وهنا لا يجب أن ننسى بأن وزير الثقافة محمد المرتضى المحسوب على حركة أمل وبإسم وزراء الحركة وحزب الله، سبق أن أعلن تعليق مشاركة وزراء الثنائي بإجتماعات مجلس الوزراء الى حين تنفيذ طلبه المتعلق بـ"قبع" البيطار من منصبه وتعيين محقق عدلي آخر.
يومها وللتذكير، إنتفض وزير العدل هنري خوري ضد مرتضى معلناً دعمه للتحقيق العدلي مع البيطار، ورفع رئيس الجمهورية الجلسة لمتابعة النقاش في اليوم التالي !