جاء في الديار:
الرئيس نبيه بري لبس «البزة العسكرية» في خطاب ٣١ اب في ذكرى تغييب الامام موسى الصدر ورفيقيه، واستعاد خطاب ١٩٨٢ على جميع المستويات ووحدة المسار والمصير مع سوريا، سمير جعجع لبس «البزة» العسكرية في خطابه الحربي في ذكرى شهداء القوات اللبنانية مستعيدا تجربة ١٩٨٢ وانتخاب بشير الجميل، جبران باسيل لم يخلع البزة العسكرية مطلقا بغطاء ورعاية من بعبدا في معظم تصاريحه «الحربجية» ضد بري وجنبلاط وجعجع وفرنجية وغيرهم مهددا بكل انواع الحروب ضد من اساء لعهد ميشال عون وله ولتياره، سليمان فرنجية ارتدى بزته العسكرية ضد كل من يريد عرقلة وصوله الى بعبدا، ووليد جنبلاط «بين - بين» «حسب الرياح وقوتها» ولن يتوانى عن العودة الى ارتداء «البزة العسكرية» في حال لم يحقق طموحاته بوصول رئيس وسطي قادر على التعامل مع طائفة يسكنها الخوف من «غدرات الزمان». ويبقى الرئيس نجيب ميقاتي الذي انخرط في الترويج للاعمال القتالية بتأكيده على ان حكومة تصريف الاعمال تتولى الشغور الرئاسي مهما تعددت التفسيرات الدستورية «وما حدا يلعب مع السنة» وانضمت المرجعيات الروحية الى تبني الخيارات العسكرية عبر بيانات يومية ودعوات لاجتماعات تحمل كل بذور التحريض، تحت شعار ضياع الحقوق والصلاحيات والخوف من الاخر، ووحده سعد الحريري قرر الخروج من «العصفورية» والانكفاء ومغادرة العمل السياسي والجلوس «متفرجا»، وقد ينصفه التاريخ على مواقفه بعد ان شعر انه من المستحيل الوقوف في وجه العواصف الكبرى ولا يريد ان يكون شاهد زور على ما يخطط للبلد، فخرج في التوقيت الصحيح.
هذا هو الواقع السياسي «الحربجي» المؤلم في لبنان حاليا «لا صوت يعلو فوق صوت المعركة الرئاسية» وكل الامكانات والطاقات مسخرة لها، فيما قضايا الناس من انهيار المؤسسات وتوقف عمليات غسل الكلى في مستشفى الحريري وطوابير الذل امام مستشفى الكرنتينا للحصول على أدوية الامراض المزمنة من دون جدوى بسبب تعطل «الكومبيوتر» والانترنت في آخر الاهتمامات، بالاضافة الى تواصل الاضرابات من اجل الحصول على لقمة العيش. وسط كل ذلك، سيبقى «عداد» الاسعار مستمرا في ارتفاعاته اليومية، والموت امام ابواب المستشفيات خبرا عاديا، وصفيحة المازوت لكبار القوم في الشتاء، بينما «فؤوس» الفقراء تأكل اشجار لبنان الخضراء واليابسة «دون حسيب ورقيب لمواجهة الشتاء الذي لا يرحم، والانكى ان كل معالجاتهم كلام بكلام»، ولن يكون الحل داخليا بل اقليميا ودوليا، والارجح «بالكرباج» في لحظة تفاهم دولي واقليمي قد تطول لكنها ستأتي حتما كما رافق ذلك كل الاستحقاقات الرئاسية في لبنان.