تيريزا فخري - خاص موقع LebanonOn
تتخبّط الجامعة اللبنانية اليوم من جميع الجهات، بالاضافة الى محاولات اذلال تطال طلاّبها، اساتذتها، وموظّفيها، فبعد قرار الاضراب بمختلف فروع الجامعة وكليّاتها ومعاهدها منذ تاريخ 14-7-2022، والطلاب ومعهم الاساتذة والموظّفون يعيشون حالة ضياع. الإضراب الذي دعت إليه الهيئة التنفيذية لرابطة الأساتذة المتفرّغين في الجامعة اللبنانية والهيئة التنفيذية لرابطة العاملين فيها، تحت شعار "حفظ الجامعة الوطنية وكرامة الأساتذة" ، يهدّد مصير 84 ألف طالب لم ينهوا عامهم الدراسي حتى اليوم، ما يشكّل رعباً في قلوب الطلاب.
في حديث مع موقع LebanonOn أكّد أمين سرّ مجلس المندوبين في الجامعة اللبنانية الدكتور زاهر عبد الخالق، ان الموظّفين اتّخذوا قرار الاضراب كقرار توقّف قصري بعد العديد من المطالب الاقتصادية والمطالب المتعلّقة بالاستقلال الوظيفي.
وبدأ أوّلاً بالقول ان مستقبل الجامعة اللبنانية تسود حوله الضبابية وكذلك العام الجامعي المقبل، وذلك بسبب ميزانية الجامعة الضعيفة.
وشرح دكتور زاهر عن الهيئة العامة التي تضمّ جميع اساتذة الجامعة اللبنانية، وهي المرجع الأعلى للاساتذة، وكانت صاحبة قرار الاضراب الذي لا يمكن حصره الا بدعوة جديدة من الهيئة التنفيذية بناءً على معطيات ايجابية يجب ان توجَد. وهذا القرار لا يمكن اخذه بسهولة، فرئيس الهيئة ليس من صلاحيّاته ان يأخذ هكذا قرار بمفرده، بل يجب ان يعقد اجتماعاً بحضور جميع اعضاء الهيئة وهم يتّخذون القرار، ولكن وللأسف ليس هناك في الافق اي امر ايجابي قد يدعو لفكّ الاضراب.
وأشار ان جميع القطاعات اخذت أنصاف الرواتب ولكن اساتذة الجامعة لم يحصلوا حتّى على هذه الأنصاف، والتعليم عن بعد لم يخفّف من عبء الغلاء المعيشي على الاستاذ.
وقال دكتور زاهر: "مع كل احترامنا للدول المانحة، ولكن نحن بالنهاية اساتذة في الجامعة اللبنانية وعلى الدولة اللبنانية هي ان تهتمّ بأمورنا وشؤوننا".
ونحن كنا نعتقد ان سبب الارتطام والوضع المتدنّي الذي وصلنا اليه كان الازمة الاقتصادية ولكننا أصبحنا شبه متأكّدين اليوم ان هناك نية لتفكيك جميع مؤسّسات الدولة، والجامعة اللبنانية هي خير دليل على هذا الأمر. ونحن نقول وبكل فخر ان الجامعة اللبنانية استطاعت ان تبقى صامدة بجهود أهلها، ولكن اهل الجامعة اليوم أصبحوا يعانون أيضاً بسبب الأزمة وانا أتكلّم على الصعيد الشخصي كالدكتور زاهر عبد الخالق: الراتب الذي أتقاضاه والذي هو كناية عن 6,000,000 ليرة لبنانية، اي ما لا يساوي 180 دولار اميركي، لا يكفي كي ادفع فاتورة المولّد وصفيحة من البنزين." ورأى ان الأمر أصبح انسانيا بامتياز: "فأنا على معرفة بأساتذة غير قادرين على تامين أدنى متطلّبات العيش لعائلاتهم".
واعتبر ان أي محاولة لخنق الجامعة اللبنانية يعتبر خيانة عظمى للوطن، ولا الدين ولا الشرع ولا العقل يقبلون بهذا الأمر، والاهمال المتعمّد اليوم هو بحدّ ذاته خيانة."
وشرح دكتور عبد الخالق عن وضع الطلاب قائلاً: الطلاب اليوم لا يستطيعون ان يتسجّلوا بالجامعات الخاصة التي باتت باهظة جداً، وأنا أرفض القول ان الجامعة اللبنانية هي جامعة الفقراء فانا لدي ابنتان وهما مقتنعتان بالجامعة الللبنانية، التي كانت خيارهما الاول، بالرغم من حيازتهما على منح من الخارج في جامعات عديدة.
وسأل: "اين هم النواب الذين يمثّلون تلامذة الجامعة اللبنانية المنتشرين في جميع المناطق حول لبنان، لا نراهم يدافعون عن حقّ أبناء منطقتهم؟".
وكشف عبد الخالق: "كمجلس مندوبين لم نلمس بعد أية حلول من قبل المعنيين، والوعود لا تطعم خبزأً، نحن بحاجة الى خطة طويلة الأمد. وهناك اليوم فريقين والفريق الأول ممثّل بالموظّفين والفريق الثاني ممثّل بالدولة، وعلى الدولة ان تتخّذ قراراً واضح، اما تحمّل مسؤولية الجامعة واما الاعتراف بانها غير قادرة على هذا الامر". وتابع: ""المطالبة بفتح الجامعة ليست سوى شعارت في ظل عدم وجود ميزانية للجامعة، ولا خطّة لمساعدة الطالب،ولا خطّة لمساعدة الموظّف ولا خطّة لمساعدة الاستاذ الذي يتقاضى راتبه مباشرةً من ميزانية الجامعة وليس من وزارة المالية، فاذا طالبت الدولة باعطاء 100 مليون ليرة لكل استاذ جامعي، هذا الأمر لن يبقى سوى شعار، فالميزانية ما زالت عاجزة، وبالتالي الشعارات اليوم لا تجدي نفعاً".
وختم دكتور زاهر: "نحن نعلّم أولادنا وأولاد الناس الذين هم بمثابة أولادنا، وعندما نأخذ قرار الاضراب نحن نوقف عامهم الدراسي ونحن مدركون لهذا الامر، ولكن بين تأمين الطعام لأولادي وتعليم أولادي، أختار اطعامهم، لم نكن بهذه القساوة ولكن ما أوصلونا اليه ارغمنا على هذا الأمر، وأكرّر اننا صنعنا من الضعف قوّة، ولم نضحّ بأعوام الطلاب الدراسية".
لم تعد المسألة مسألة أجور، او مسألة مناهج، بل أصبحت كارثة تربوية تهدّد جيل لبنان الصاعد، وكارثة معيشية تهدّد الاساتذة والموظّفين. في وقت تبقى فيه الدولة تعطي وعوداً فارغة كالفراغ داخل ميزانية الجامعة، ولكن اي قيمة تبقى للدولة اللبنانية، ان فقدنا جامعتنا اللبنانية.