مارون ناصيف - خاصّ موقع LebanonOn
وإنفجرت بين بلدية الغبيري ونقابة سوق الخضار ومن خلفها بلدية بيروت. إنفجرت في العلن على مئات الأمتار (478 متراً) من العقار 4517 القائم في الغبيري والمملوك من بلدية بيروت، ولكن في السرّ على مغارة تعدّيات على الأملاك العامة وسمسرات قررت بلدية الغبيري دخولها حتى ولو كلّفها الأمر إشتباكاً من العيار الثقيل.
في البداية وقبل الدخول في تفاصيل هذه المغارة، لا بدّ من الإشارة الى أن العقار الذي يستقبل سوق الخصار المركزي في بيروت أي العقار 3016 والذي تبلغ مساحته 403000 متر مربع هو عقار يقع بكامل مساحته ضمن نطاق بلدية الغبيري وتعود ملكيته للدولة اللبنانية، أما المسؤول عن إدارة هذه الأملاك فهو وزارة المال.
ضمن العقار 3016 أيضاً، أي ضمن مساحة الـ403000 متر مربع، هناك مستشفى رفيق الحريري الحكومي وسفارة دولة قطر ومقر الإدارة المركزية لمؤسسة أوجيرو في بئر حسن، إضافة الى مبنى وزارة الصحة العامة، أما المساحة التي يشغلها سوق الخضار المركزي اليوم من هذا العقار فلا تزيد عن 37000 متر مربع.
قبل أن ينتقل سوق الخضار المركزي الى العقار 3016 الغبيري، أي في بداية الثمانينيات، كان قائماً على العقار الذي أقيم عليه نفق سليم سلام في بيروت. يومها قررت حكومة الرئيس شفيق الوزان نقل السوق الى العقار 3016 الغبيري بهدف إقامة النفق، مكلّفةً بلدية بيروت بتجهيز هنغارات لبائعي الخضار في الموقع الجديد وقد وردت في نص قرار النقل الى الغبيري عبارة "إشغال مؤقت ولمدة عام". يومها أيضاً، لم تكن المسافة التي يشغلها سوق الخضار المركزي من العقار 3016 الغبيري تتجاوز الـ 20 ألف متر مربع، فكيف أصبحت المساحة المشغولة من السوق اليوم 37000 متر مربع ؟ !
في العام 2015 إشترت بلدية بيروت بـ40 مليون دولار العقار 4517 الغبيري وهو ملاصق للعقار المشغول من سوق الخضار أي العقار 3016 علماً أن مساحة العقار 4517 تبلغ 13500 متر مربع.
سوق الخضار المركزي ومنذ ما قبل صفقة بلدية بيروت، سبق أن تعدى على العقار 4517 بحوالى 4000 متر مربع، كذلك هناك تعديات أخرى على العقار المذكور من قبل مهجّرين لبنانيين من الحرب الأهلية وبمساحة تقدّر بحوالى 4250 متراً مربعاً.
في العام 2018 مسحت بلدية الغبيري العقار 4517، فتبين لها أنه متعدٍ على العقار 3016 الذي تملكه الدولة اللبنانية بـ900 متر مربع فما كان بالبلدية إلا أن عدّلت مساحة العقار 4517 وأبلغت بلدية بيروت ومديرية الشؤون العقارية في وزارة الأشغال بالتعديل الجديد. عندها عادت هذه المساحة البالغة 900 متر مربع الى العقار 3016 الذي تملكه الدولة اللبنانية.
بعد ذلك، راسلت بلدية الغبيري وزارة المال عبر وزارة الداخلية والبلديات مطالبة إياها بتخصيص مساحة الـ900 متر هذه يضاف اليها حوالى 478 متراً مربعاً من العقار 3016 الغبيري لصالح البلدية بهدف إنشاء مرآب للسيارات خاص بالبلدية. وفي عهد حكومة الرئيس حسان دياب كان لبلدية الغبيري ما تريد، وقد صدر قرار موقع من وزيري المال غازي وزني والداخلية والبلديات محمد فهمي بتخصيص مساحة 1378 متراً مربعاً من العقار 3016 لصالح بلدية الغبيري، وأدرج هذا القرار على الصحيفة العقارية.
عند تنفيذ قرار التخصيص هذا تبين أن المتعدي على الأمتار الـ478 التي شملها قرار التخصيص مع الأمتار الـ900 ، هو عضو نقابة سوق الخضار محمود عميرات وهو إبن عمّ عضو المجلس البلدي في بيروت عدنان عميرات. مع محمود عميرات الذي حوّل القضية الى خلاف طائفي بينه وبين البلدية، وقع الخلاف مع بلدية الغبيري ورئيسها معن الخليل، علماً أن عميرات سبق له أن وقع على كتاب تعهد في 2 حزيران 2021 بإخلاء المنطقة التي يعتدي عليها وذلك في 15 تشرين الأول 2021. تعهد لم ينفذه عميرات فما كان بالبلدية إلا إن تقدمت بسلسلة دعاوى قضائية ضده بجرائم إشغال أملاك عامة بالتعدي وعدم تسديد رسوم البلدية عن المساحات التي يتعدى عليها إضافة الى شكوى بوضع كوخ غير مرخص في سوق الخضار. كذلك رفعت البلدية أكثر من دعوى ضد نقابة سوق الخضار وضد النقيب محمد رستم القيسي.
عندها كانت ساعة الإنتخابات النيابية قد دقت في أيار 2022، ومعها دخلت السياسة على الخط، متمنية تأجيل الخلاف الى ما بعد الإنتخابات منعاً لتحويله طائفياً بين بلدية الغبيري المحسوبة على حزب الله وعميرات وبلدية بيروت المحسوبة على تيار المستقبل.
أما تفجّر الخلاف بين الفريقين على خلفية نفايات السوق، فنتركها الى الجزء الثاني من هذا التحقيق.