مارون ناصيف - خاصّ موقع LebanonOn
منذ بدء الحرب السورية في العام 2011 وحتى اليوم، قد تكون المرة الأولى التي يتعاطى فيها لبنان الرسمي بجدية مع أزمة النازحين السوريين بهدف تأمين عودتهم السريعة الى بلدهم.
قد تكون المرة الأولى التي نرى فيها، أقلّه إذا إستندنا الى المواقف المعلنة، توافقاً سياسياً على تسريع العودة، وما يجعلنا ننظر بجدية الى هذا التوافق هو عبوره للطوائف والمذاهب. ففي الأمس القريب، وتحديداً منذ سنوات قليلة، كان رئيس الجمهورية ميشال عون مع ما يمثله من فريق سياسي، رأس حربة في المطالبة بعودة النازحين السوريين الى بلدهم. ما كان يضعف الموقف اللبناني، هو رفض أفرقاء أساسيين كتيار المستقبل وحلفائه المسيحيين في ما كان يعرف بفريق "14 آذار" لهذه العودة وذلك بحجة أن "النظام السوري سينتقم من هؤلاء الذين هربوا منه الى لبنان خلال فترة الحرب".
اليوم لم يعد هناك من فريق معارض وآخر مؤيد لتسريع عودة النازحين السوريين، والدليل التوافق الذي رشح عن إجتماع اللجنة الوزارية المكلفة متابعة الملف والذي عقد بالأمس في السرايا الحكومي برئاسة الرئيس المكلف تشكيل الحكومة نجيب ميقاتي.
اليوم لم يعد هناك من فريق معارض لهذه العودة واللافت أن المناطق التي أصبحت تؤيدها أكثر من غيرها هي المناطق ذات الأكثرية السنية وتحديداً تلك التي تستقبل ضمن نطاقها عدداً كبيراً من النازحين.
تخيلوا مثلاً أن هناك قرى وبلدات في البقاع، تخطى عدد النازحين السوريين فيها عدد سكانها من اللبنانيين !
وتخيلوا أيضاً أن الأرقام الرسمية المسجلة لدى وزارة الشؤون الإجتماعية تفيد بأن نسبة 22 % فقط من النازحين السوريين تقيم في مخيمات النزوح بينما تعيش نسبة 78 % في الأبنية السكنية والمنازل وهو مؤشر خطير يدل على إندماجهم ضمن المجتمع اللبناني ويثبّت وجودهم أكثر فأكثر في البلد المضيف.
أكثر من يطلق الصرخة تلو الأخرى محذراً من عدم قدرته على الإستمرار في تحمّل كلفة إستقبال النازحين هي البلديات التي تستقبل أعداداً كبيرة منهم ضمن نطاقها. فالبلديات لم تعد قادرة على تغطية كلفة جمع نفايات النازحين خصوصاً بعدما بدأ البعض من هذه الشركات العاملة في القطاع بتسعير فواتير البلديات بالدولار الـfresh.
بالأمس كانت المنافسة بين العامل السوري والعامل اللبناني على فرص العمل والوظائف. اليوم إنتقلت المنافسة لتلامس الخطوط الحمر وعلى رأسها رغيف الخبز. فالنازح السوري يستفيد من دعم الخبز كما يستفيد منه اللبناني، لا بل أكثر من ذلك فالتقارير الأمنية التي وردت الى الوزرات المعنية بالملف، تفيد بأن أكثرية الذين يديرون عصابات شراء الخبز من الأفران بهدف إعادة بيعه في السوق السوداء أو تهريبه الى سوريا هي من السوريين وهو أمر موثق بالأرقام لدى الأجهزة الأمنية ولدى وزارتي الشؤون الإجتماعية والداخلية والبلديات.
في المحصلة يمكن القول إن اللبنانيين قد إتفقوا على ضرورة عودة النازحين السريعة الى بلدهم، فهل ستتمكن الحكومة من إقناع المجتمع الدولي بذلك أم أننا سنكون أمام مشهد صدامي معه ؟