كثيرون يسألون عما إذا تخلّت فرنسا عن لبنان، أو بالأحرى خفّ زخم اهتمامها في ايجاد حلول للأزمات المستفحلة بالشعب اللبناني خصوصا بعد إنشغال الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون بالإنتخابات الرئاسية الفرنسية التي خرج منها منتصرا، وبعد ايضا انهماكه بالأزمة الأوكرانية.
إلا أنّ الإعلان الفرنسي السعودي المشترك لدعم صندوق لتقديم مساعدات إنسانية للشعب اللبناني بتمويل من الدولتين قبل اسابيع قد طرح علامات إستفهام عديدة حول الدور الفرنسي في لبنان خصوصا بعد الاستحقاق الانتخابي، وبعد دخولنا على ما يبدو في مرحلة جديدة من الانهيار المالي والاقتصادي.
وهنا يشير الصحافي المتخصص بالشؤون الفرنسية والاوروبية تمّام نور الدين في حديث خاص لموقع LebanonOn إلى أنّ "فرنسا تعمل بالتوازي على ملفين في لبنان".
الملفّ الأوّل بحسب نور الدين هو إقتصادي، "إذ تبدي فرنسا قلقها من الوضع القائم، وبهذا الملف هي بحاجة الى السعودية لأنّ تمويل الصناديق المانحة والاستثمارات سيكون عبرها وعبر باقي دول الخليج، لذلك هناك تنسيق دائم بين فرنسا والسعودية"، لافتا الى أنّنا "بدأنا بالدخول في مرحلة جديدة من الانهيار، والوتيرة مع الأسف سريعة حيث وصل سعر صرف الدولار في السوق السوداء قبل أيّام الى 38 ألف ليرة".
ويشدّد نور الدين على أنّ "فرنسا قادرة على التواصل مع كل الافرقاء في لبنان سواء كانوا النواب الجدد، أو حزب الله، أو أيّ تيار سياسي آخر".
ويكشف ايضا عن أنّ "ما يقلق فرنسا هو الأزمة السياسية، بحيث يبدو أنّنا ذاهبون إلى فراغ رئاسي في الفترة المقبلة، وكذلك الأمر على صعيد تشكيل حكومة جديدة". ويقول نور الدين: "فرنسا تعمل على إجراء مؤتمر مالي من اجل لبنان، وتحضّر لخطوة على طريقة "ترقيعة الدوحة" من اجل حل الازمة السياسية، وممكن ان تكون على شاكلة "الطائف".
وهنا نطرح على نور الدين ما إذا كان يقصد بهذه الخطوة الذهاب نحو مؤتمر تأسيسي يدعو الى "المثالثة"، وهذا ما تدعمه فرنسا بشكل غير مباشر وفق مراقبين ديبلوماسيين، ليردّ قائلا: "يمكن ان نسمّي ما قد تُقدم عليه فرنسا بالمثالثة، لكن هذه التسمية تسبّب حساسية لبعض الاطراف، لذا يلجؤون الى ما يسمّونه باللامركزية الادارية الموسّعة، فإذا أصبح لكلّ محافظة حكمها الذاتي فهذا يعتبر نوع من المثالثة. وعلى كلّ حال، مهما تعدّدت التسميات الكل أصبح على يقين انّ هذا النظام لم يعد فعالا".
ويضيف: "الذهاب الى ما يشبه الدوحة او الطائف سيكون حسب الخضة الكبيرة التي سيمرّ بها لبنان، فالطائف اتى تتويجا لنهاية حرب، والدوحة جاءت بعد احداث 7 ايار". ولفت نور الدين الى أنّ "العلاقة بين فرنسا وحزب الله لم تكن يوما سيئة؛ تمرّ بمطبّات لكنّ الخطوط دائما مفتوحة".
وعن الأجواء الفرنسية حول نتائج الانتخابات والاستحقاق النيابي بشكل عام، نقل نورالدين عن أوساط فرنسية رسمية عن شوائب اعترت الانتخابات، وهذا ما تضمّنه اساسا بيان وزارة الخارجية الفرنسية، مشيرا الى أنّ "الفرنسيين بإنتظار كيف ستكون تركيبة البرلمان، والتكتلات خصوصا مع بروز وجوه جديدة من المجتمع المدني".
وختم نور الدين حديث لموقعنا، معتبرا أنّ "فرنسا لا تعوّل كثيرا على نواب المجتمع المدني او ما يعرف بنواب "ثورة 17 تشرين" لأنّهم لا يشكّلون اكثرية وسيعملون على "القطعة".