بينما كان قيادي من حزب الله في مجلس خاص، سأله أحد الحاضرين، "لماذا لم توعزوا لماكينتكم الإنتخابية في بعلبك - الهرمل يوم الخامس عشر من أيار الفائت بأن تجيّر للمرشح الماروني على لائحتكم عقيد حدشيتي عدداً كافياً من الأصوات كي يفوز على حساب نائب القوات اللبنانية أنطوان حبشي خصوصاً أنكم ولو قررتم إعتماد هذا التكتيك لتمكنتم من ذلك؟ "
في البداية سكت المسؤول الحزبي لثوانٍ معدودة. سكوت فهم الحاضرون منه وكأن صاحبه لن يجيبهم على السؤال الذي طرح عليه. بعدها جاء الجواب الكافي والوافي إنطلاقاً من قراءة حزب الله لطبيعة المعركة الإنتخابية في دائرة البقاع الثالثة وظروفها وتداعياتها.
"صحيح أنه كان بإمكاننا أن نجيّر كتلة أصوات لا بأس بها لحدشيتي، وصحيح أيضاً أن إسقاط حبشي بعملية توزيع الأصوات لم يكن بالأمر الصعب علينا، لكننا قررنا ألا نذهب في هذا الإتجاه لأكثر من سبب وسبب" يقول القيادي في حزب الله.
ويتابع: "السبب الأول كي لا نستفز إخوتنا المسيحيين في منطقة دير الأحمر ومحيطها، وكي لا يقال ها هو حزب الله يختار وبأصوات الشيعة النائب الماروني في دير الأحمر، وهو أمر لو حصل لكان يمكن أن يؤدي الى تداعيات في المنطقة نحن لا نريدها إنطلاقاً من قناعتنا بضرورة الحفاظ على العيش المشترك. نحن حاولنا إسقاط حبشي عن طريق عدم حصول لائحته على الحاصل، وهو أمر لن نتمكن من تحقيقه، ولو تحقق لكانت خسارة حبشي طبيعية ومقبولة، ولكن أن ترتفع نسبة التصويت المسيحي أكثر من أربع نقاط وأن يختار المسيحيون في منطقة دير الأحمر وقراها نائبهم ونقوم نحن بسلب المقعد منهم بأصوات شيعية، فهذا ما لم نكن نريده في هذه المعركة، إنطلاقاً من إحترامنا لإرادة الناس التي لا ولن نعمل يوماً على كسرها".
أضف الى هذا السبب هناك سبب أساسي دفع بقيادة الحزب الى عدم تجيير أصوات كافية للفوز لصالح حدشيتي، ألا وهو عنوان المعركة السياسي. وفي هذا السياق يروي القيادي المذكور أن معركة حزب الله الأساسية كانت مع رئيس الحكومة الأسبق فؤاد السنيورة ومَن خلفه من جهات خارجية دبلوماسية إقليمية ودولية، والجميع يعرف أن السنيورة كان لديه مرشحان في بعلبك – الهرمل، زيدان الحجيري الذي ترشح عن المقعد السني في عرسال على لائحة القوات اللبنانية، وزميله على اللائحة إبن بعلبك صالح الشلّ وهو سني أيضاً، بينما فاز الحزب بهذين المقعدين لحليفيه ملحم الحجيري وينال صلح، ولو قرر الحزب تجيير أصوات لحدشيتي بهدف إسقاط حبشي، كان سيضطر الى التضحية بمقعد سني من هذين المقعدين لأن لائحة القوات حصلت على الحاصل وفازت بمقعد حتى لو لم يكن حبشي هو الفائز، وهو أمر لم يكن وارداً لأن المعركة ضد السنيورة وداعميه كانت أهم بالنسبة الى الحزب بكثير من المعركة ضد القوات اللبنانية.
ولدى سؤاله لماذا لم تقع التضحية على مقعد شيعي من المقاعد الستة مقابل فوزكم بالمقعد الماروني، أجاب "مستحيل، فخسارة أي مقعد شيعي من المقاعد الـ27 كانت من الخطوط الحمر التي رسمناها قبل المعركة الإنتخابية".