مارون ناصيف
غريبة عجيبة فعلاً هي حسابات الربح والخسارة لبعض مجموعات المعارضة.
غريبة عجيبة فعلاً، لأن من يسمعها ويطّلع عليها، يعرف على الفور أن نتيجتها لن تجني لأصحابها إلا الخسارة المدوّية لا الخسارة العادية أو حتى المُشرّفة.
تسأل معارضاً من دائرة الجنوب الثالثة التي تضم النبطية وبنت جبيل ومرجعيون وحاصبيا، كيف ستتمكنون من الوصول الى الحاصل الإنتخابي في دائرة هي الأكبر في لبنان لناحية عدد الناخبين وحاصلها وصل في العام 2018 الى 20526 صوتاً؟
لا تمرّ أكثر من ثوانٍ قليلة قبل أن يأتيك الجواب الصادم:
"في هذه الدائرة هناك شبه إجماع معارض على لائحة "معاً نحو التغيير" وهي لائحة متماسكة. للحزب الشيوعي في هذه الدائرة حوالى 6000 صوت، ولمجموعات 17 تشرين والجو التغييري حوالى 5000 صوت، وهناك حوالى 21911 مغترب لبناني تسجلوا للمشاركة في إنتخابات دائرة الجنوب الثالثة، والأكيد الأكيد أننا سننال منهم حوالى 10 آلاف صوت !!!
عندها نكون قد تخطينا عتبة الـ21000 صوت ونصبح داخل المنافسة !!!".
هنا يفرض عليك عقلك بسرعة إنهاء الحديث وإعتبار ما سمعته وكأنه لم يكن. لماذا؟
لأنك سمعت من ناشط سياسي يحمل شهادة جامعية ولديه خبرة في إختصاصه وله في السياسة والشأن العام سبع سنوات من العمل على الأقل، أن لائحة المعارضة في دائرة الجنوب الثالثة ستنال 10000 صوت من أصوات المغتربين علماً أن العدد الإجمالي للبنانيين المسجلين في هذه الدائرة هو 21911 شخصاً !
أولاً- من قال له كم ستبلغ نسبة الإقتراع لدى هؤلاء كي يحدد مجموع الأصوات الذي ستناله منهم لائحة المعارضة أو غيرها؟
ثانياً - فلنفترض أن نسبة الإقتراع التي ستسجل في السادس والثامن من أيار المقبل، ستصل الى 70 % وهي نسبة مرتفعة جداً ومن الصعب الوصول اليها، فهذا يعني أن عدد المقترعين سيصل في هذه الدائرة الى 15337،7 من أصل 21911. فهل من أحد يصدق أن سيناريو كهذا يمكن أن يتحقق في دائرة يعتبرها ثنائي حزب الله وحركة أمل قلعته الإنتخابية وقد نالت لائحته فيها في العام 2018 193224 صوتاً وحصدت كامل مقاعدها الـ11؟
ثالثاً – فلنفترض أيضاً أن عدد المسجلين في دائرة الجنوب الثالثة هو نفسه في أي دائرة لبنانية أخرى لا يتمتع فيها حزب الله وحركة أمل بهذه القوة، هل من حزب أو تيار سياسي أو حتى شخصية منفردة يمكنها أن تدّعي بأن لديها في هذه الدائرة 10000 صوت من مغتربيها المسجلين للإقتراع والبالغ عددهم 21911 ؟ وهل من فريق يمكنه أن يحسم مسبقاً عدد المقترعين الذين سيشاركون في الإنتخابات من مجموع مؤيديه في هذه الدائرة؟
فعلاً إنه ضرب من ضروب الخيال أو المراهقة السياسية وهو ليس الوحيد من نوعه، ففي دائرة بعبدا مثلاً هناك 5 لوائح معارضة من أصل 7 وعلى رغم ذلك يخرج بين المعارضين من يقول نحن ننطلق مع معركتنا من 10 آلاف صوت علماً أن لائحته هي لائحة غير مكتملة !
وكأن هؤلاء لا يقرأون نتائج العام 2018 ولا يعرفون أن نائب التيار الوطني الحر آلان عون حصل على 10200 صوت في هذه الدائرة وذلك مع حضوره السياسي والنيابي ومع كل الدعم الذي تلقاه من التيار الوطني الحر الذي يعتبر بين الأفرقاء من بين الأقوى في هذه الدائرة.
فعلاً ما يقوله بعض المعارضين عن نتائجهم هو ضرب من ضروب الخيال وهو كلام بعيد كل البعد عن المنطق والواقع وعلم الأرقام والأنكى من ذلك أنهم يقولون ما يقولونه من أرقام مضخمة بعدما تشتّت مرشحوهم على أكثر من لائحة في الدائرة الواحدة !