مارون ناصيف
وكأن قوى المعارضة التي أفرزتها إنتفاضة "17 تشرين" لم تكتف بجريمة طفرة اللوائح الإنتخابية التي إرتكبتها بحق نفسها وبحق كل من تظاهر في تشرين الأول من العام 2019، لذلك لجأت الى إرتكاب جريمة ثانية بحق نفسها وبحق كل من آمن بها وقرر أن يعطيها فرصة للتغيير في الإنتخابات النيابية المرتقبة في الخامس عشر من أيار المقبل.
فعلاً وكأن هذه المجموعات تصرّ على القول للناخبين، لا تعطونا أصواتكم !
فبعد مجزرة تسجيل أربع لوائح للمعارضة في عكار، وخمس لوائح معارضة في زحله، ومجزرة الـ5 لوائح في بعبدا، والسبع لوائح في طرابلس !
بعد إنقسام المعارضين في بيروت الأولى بين لائحتي تحالف "وطني" و"بيروت مدينتي"، وبعد توزع المعارضين في دائرة الشوف عاليه على أكثر من لائحة، يبدو أن المعارضين إنتقلوا الى المرحلة الثانية من جلد النفس وتتمثل هذه المرحلة بإنسحاب بعض المرشحين من اللوائح بعد تسجيلها أو تعليق ترشيحاتهم عليها كل ذلك من دون أن يخلو الأمر من تبادل الإتهامات بين أعضاء اللائحة الواحدة.
بداية هذه الإنسحابات كانت من دائرة الجنوب الثالثة التي تضم النبطية وبنت جبيل ومرجعيون وحاصبيا حيث إنسحب المرشح عن المقعد السني في حاصبيا رياض عيسى من لائحة "صوت الجنوب" لصالح لائحة "معاً نحو التغيير". بعدها جاء تعليق المرشح حسن خليل عن المقعد الشيعي في دائرة صور –الزهراني ترشحه مؤقتاً مشترطاً "تأمين ضمانات لأمن المرشح والمندوب والناخب والماكينة الإنتخابية في الدائرة" وذلك بعد إشكال الصرفند الذي إعتدى فيه مناصرون لحركة أمل على أعضاء لائحة "معاً نحو التغيير" وعلى مشاركين بحفل إطلاق اللائحة المذكورة.
آخر هذه الإنسحابات، هو ما شهدته لائحة "عكار للتغيير" لناحية إعلان المرشحتين وفاء جميل وجنان حمدان إنسحابهما منها، وما رافق ذلك من إتهامات متبادلة بين أعضاء اللائحة من جهة وجميل وحمدان من جهة أخرى.
فعلاً المعارضة تجلد نفسها بنفسها لماذا؟ لأن من ترشح على لوائحها ومن يدير معركتها الإنتخابية يبدو أنه لا يعرف أن الإنسحاب من اللائحة بعد تسجيلها وإقفال باب تسجيل اللوائح في وزارة الداخلية والبلديات لا يعني شيئاً في القانون !
نعم يبدو أنهم لا يعرفون أن الإنسحاب هو إنسحاب إعلامي فقط لا أكثر ولا أقل !
نعم هم لا يعرفون أن قانون الإنتخاب لم يسمح بأي مادة من مواده للمرشح بأن ينسحب بعد تسجيل اللوائح !
هم لا يعرفون أن الإنسحاب يضر باللائحة كثيراً، لماذا؟ لأنه يحرمها من أصوات المرشح المنسحب الذي يعمد حكماً الى تجييرها لصالح لائحة أخرى، ويحرمها أيضاً من عملية إستبداله بمرشح آخر قد يعوض لها خسارة أصوات المرشح المنسحب، وبالتالي يبقى إسم المرشح المنسحب على اللائحة ويحجز له مقعداً على متنها من دون أن تستفيد اللائحة بشيء من هذا الترشح.
فعلاً هم لا يعرفون ماذا يفعلون !