مارون ناصيف - خاصّ موقع LebanonOn
"بالفعل هي أصعب معركة إنتخابية نخوضها في مسيرتنا لا بسبب الخطاب السياسي ولا بسبب التحالفات أو القانون الإنتخابي النسبي، بل بسبب الوضع الإقتصادي الضاغط على المواطنين والذي يجعلنا مشلولي الحركة".
هذه العبارة التي يكررها مرشحون مخضرمون الى الإنتخابات النيابية المقبلة، تختصر واقع المعاناة التي تعترضهم في عملية التسويق التي إعتادوا عليها طيلة الدورات الماضية، لا سيما لناحية التواصل المباشر مع ناخبي دوائرهم.
ففي الإستحقاقات الإنتخابية الماضية، إعتاد المرشحون الناشطون على تكثيف لقاءاتهم الإنتخابية مع الناخبين في القرى والبلدات، وكان المرشح يقعد يومياً حوالى ستة أو سبعة لقاءات شعبية إما بهدف الحفاظ على ناخبيه أو ناخبي حزبه وإما بهدف إستقطاب ناخبين جدد لصالحه أو لصالح حزبه من الشريحة التي لم تكن قد حسمت أمرها بعد حول وجهة تصويتها.
هذه اللقاءات كانت تقعد إما في صالون إحدى الكنائس أو القاعات العامة، وعليها توجه الدعوات لناخبي ثلاث أو أربع بلدات أو قرى مجاورة، وفيها قد يصل عدد الحاضرين الى 200 شخص، وإما في منزل أحد المفاتيح الإنتخابية للمرشح القادم الى البلدة أو القرية، وفيها يقتصر الحضور على خمسين أو ستين شخصاً كحدّ أقصى.
في إنتخابات العام 2022 لم تعد اللقاءت الموسعة في صالونات الكنائس سهلة التنظيم، وباتت اللقاءات المصغرة في المنازل محرجة للمرشح ولصاحب المنزل.
بالنسبة الى اللقاءات الموسعة، أصبح الناخب يحسب ألف حساب قبل أن يحرّك سيارته بهدف المشاركة في لقاء إنتخابي يعقد في القرية المجاورة لقريته أو في بلدة تبعد عن مكان سكنه حوالى 10 دقائق أو ربع ساعة في السيارة أي على بعد بلدتين من مكان سكنه. كلفة هذه المشاركة أصبحت مكلفة جداً عليه بما أن سعر صفيحة البنزين يتأرجح بين 431000 ليرة و460000 ليرة، كل ذلك من دون أن يحتسب إستهلاك زيوت سيارته ومكابحها وإطاراتها التي تسعّر كلها بالدولار إما الـfresh وإما على سعر صرف السوق السوداء.
أما بالنسبة الى اللقاءات المنزلية، فالإحراج هو العنوان الأول والأخير الذي يمنع المرشح من الإكثار منها. إحراج سيشعر به صاحب المنزل الذي سيستضيف اللقاء، لناحية الكلفة الباهظة التي سيتكبدها على الضيافة التي سيقدمها لخمسين شخصاً من عصير ومياه للشرب وpetit four وقهوة أو نسكافيه. وإحراج للمرشح الذي يعرف بأن مفتاحه الإنتخابي في البلدة غير قادر على تحمّل تكاليف اللقاء في منزله، والإحراج الأكبر هو لصاحب المنزل إذا تبرّع المرشح بكلفة الضيافة، وهو أمر لا تسمح به شهامة اللبنانيين وكرمهم وعادات ضيافتهم وإستقبالهم لزوارهم.
لكل ما تقدم، يعاني المرشحون الأمرّين على هذا الصعيد. من هو قادر على تنظيم لقاءات كهذه مع الناخبين هم فقط المرشحون الحزبيون الذين يتّكلون على الهيئات المناطقية لأحزابهم لتنظيم وتمويل هذه اللقاءات، وهنا يصبح تحمّل المرشح لكلفة اللقاء مقبولاً كون التعاطي أصبح محصوراً بينه وبين مسؤولي حزبه في هذه البلدة أو تلك لا مع صاحب المنزل المُضيف.