باميلا فاخوري - خاص LebanonOn
أثارت صورتان مقتبستان الأولى من عرض شارك فيه الوزير السابق رئيس حركة مواطنون ومواطنات شربل نحاس في باريس وأخرى من كتابه "اقتصاد ودولة للبنان" الكثير من المخاوف بين صفوف اللبنانيين على وجودهم وكيانهم، واستثارتا حسّهم الوطني وقلقهم الوجودي. وتمثل الصورة الأولى تطور هرم الأعمار للمقيمين في لبنان بعد ١٥ عامًا. هذا الرسم البياني بالإضافة إلى الجدول، إن دلّا على شيء فعلى كارثة ديموغرافية لبنانية خطيرة.
وتتمثل هذه الخطورة بهجرة الأدمغة بين البالغين اللبنانيين ما يعني استنزافًا للقوى العاملة المتعلمة منها، وانعكاس ذلك تراجعًا ملحوظًا في القدرة على الإنتاج كمًّا ونوعًا.
وبحسب دراسة نحاس فإنّ اللبنانيين المقيمين سيكونون بمعظمهم من الهرمين، وذلك بحكم هجرة البالغين والأطفال على الأثر.
على مقلبٍ آخر، تشير الدراسة إلى أنّ نسبة الأطفال والأحداث عند السوريين المقيمين في لبنان ستتضاعف ١٠ مرات مقارنةَ مع الأحداث والأطفال المقيمين اللبنانيين.
وحيث تزيد المخاوف من أن يصبح المقيمون في لبنان في غالبهم من اللاجئين، من الممكن عندها أن تحلّ أجهزة مخابراتية خارجية مكان زعماء الطوائف الذين لن يعودوا يمثلون سوى أقلية في هذا البلد وهذا سيسهل تحقيق مشروع دولة سوريا الكبرى.
هل نحن في أزمة وجودٍ حقيقيّة؟ إلى أي مدى تقترب هذه الدراسة من الواقع وتمثله؟ وهل تكون هذه المخاوف في محلها؟ هل نحن أمام اضمحلالٍ للبنان ولتشردِ فعلي لأبنائه؟ وهل إنّ اللجوء السوري في لبنان يمهّد إلى وصاية ثانية ويعبّد الطريق لها؟ وهل إنّ اللاجئين يشكلون بيئة خصبة اليوم لمخططات إرهابية وتنظيمات تنشط في لبنان وتمدد منه؟
يقول مدير "الدولية للمعلومات" د. محمد شمس الدين لموقع LebanonOn أنّ "اليوم وبعد مرور ١١ عامًا على الوجود السوري في لبنان وبدء الحرب السورية ؛ بات هذا الوجود عبءًا على اللبنانيين.
ولقد وصل إلى لبنان بحسب ما تمّ تسجيله في العام ٢٠١٨ مليون ونصف سوري إلى لبنان".
وأشار شمس الدين إلى أنّ "الأحداث التي بدأ لبنان يشهدها وذهاب العديد من اللاجئين إلى دول أخرى قلّص الأعداد".
وقدّر "عدد النازحين السوريين الموجودين اليوم في آذار بـ٨٥٠ ألفًا. وهذا يعني أنّ العدد انخفض إلى النصف".
وأضاف: "تقدر الولادات سنويَّا بنحو ٢٢ ألف ولادة أي نحو ٢٣٠ ألف ولدوا في لبنان منذ العام ٢٠١١".
هذا ونبّه إلى أنّ "الكلفة الاقتصادية التي سببها الوجود السوري في لبنان كبيرة جدًّا وتقدّرها الدولة بحوالي ١٠ إلى ١٢ مليار دولار نتيجة استهلاك البنى التحتية وتراجع فرص العمل ناهيك عن الأزمات التي شكّلها".
وشدد شمس الدين على أنّ "الأزمة الاقتصادية التي يتحملها لبنان دفعت بمئات وعشرات آلاف السوريين إما إلى العودة إلى سوريا بخاصة بعد تراجع تقديمات الأمم المتحدة والمنظمات الدولية أو إلى المغادرة ولقد غادر ما يعادل ٢٥٠ الف منهم إلى دول مثل استراليا وأميركا وغيرها من الدول".
وفي ما خصّ معدّل الجريمة المتزايد اليوم وانخراط العديد من اللاجئين فيها، اوضح شمس الدين أنّ "الأزمة الاقتصادية الموجودة والبطالة التي يعانيها السوريون في لبنان دفعتا العديد منهم إلى ارتكاب الجرائم ولكن طبعَا لا يمكننا تحميلهم المسؤولية كاملةَ، ذلك أنّ لهم شركاء لهم من اللبنانيين".
هذا ورأى أنّ "هنالك شيء من المبالغة في الدراسة المعنية، فلو كانت أعداد السوريين إلى تزايد كنا عندها لنخاف جدّيَّا من الإرهاب والاضمحلال. والأعداد إلى تراجع على الرغم من الولادات. لذا فإنّ هذا الخوف غير مبرر ولا لزوم له وفي غير محله وغير منطقي ولا يستند إلى وقائع. وكل توقع بغير ذلك غير صحيح وغير دقيق".
إذا غضّينا الطرف عن الأرقام المسجّلة فكيف بالحريّ بنا أن تتغاضى عن الولادات غير المسجلة واستغلال العديد من الإرهابيين الأزمة اللبنانية والتي ترخيها بظلالها وتنزل أضعافًا أضغاف على كاهل اللاجئين؟
وإذا ما اعتبرنا الدراسة جزءًا من حملة دعائية تستند إلى الأرقام لتخويف اللبنانيين وحشدهم على التمسك بوطنهم (غاية سامية لا تبررها الوسيلة) فإنّ لها تداعيات عكسيّة قد تزيد الهجرة ولا تقلصها. فكيف عندها يمكن لجم المشاريع والمطامع بالوصاية أو ضمّ الدولة"؟ هل نرى لبنان إقليما يتمتع بحكم ذاتي في سوريا؟