شكّل المؤتمر الثاني للجمعية العربية الصينية فرصة بارزة لتلاقي كل المتابعين والمهتمين في العلاقة بين لبنان والعرب من جهة ودولة الصين من جهة أخرى، فكان المؤتمر أشبه بـ"Task Force" من شأنها دعم الجهود المبذولة في اطار هذه العلاقة والتي تشكل الجمعية العربية الصينية فيها رأس حربة، خصوصا في موضوع "الحزام والطريق".
وعن هذا المؤتمر الذي شارك فيه موقع LebanonOn، والذي حضره السفير الصيني في لبنان السيد تشان مينجيان، والسفيرة اللبنانية في الصين ميليا جبور، والأمين العام لإتحاد غرف التجارة العربية الدكتور خالد حنفي، سفير فلسطين في الصين وعميد السلك الديبلوماسي العربي في الصين الأستاذ فريز المهداوي، سالنا نائب رئيس الجمعية العربية الصينية، البروفيسور بيار الخوري، الذي أكّد أنّ "انعقاد مؤتمر الجمعية الثاني قد شكّل تظاهرة وطنية وعربية ودولية ملفتة بل ربما كانت مفاجئة لغير المتابعين بشكل دائم لحلقة النحل التي تمثلها الجمعية والتي استمرت بالعمل رغم ظروف الجائحة"، لافتا الى أنّ "الجمعية قد تلقّت التهاني والإشادة من منظمات عربية ثقافية ومالية واقتصادية وكذلك من مؤسسات طريق الحرير والمؤسسات السياسية الصينية بما رفع المؤتمر إلى مستوى الحدث الدولي خاصة أن المتحدثين الرئيسيين في جلسة الافتتاح قد مثلوا الدبلوماسية اللبنانية والعربية والصينية وكذلك المجتمع الاقتصادي والتبادلي العربي خير تمثيل".
وطرح رئيس الجمعية الاستاذ قاسم طفيلي في كلمته في المؤتمر خارطة طريق لعمل الجمعية، تمتد لسنتين وأكثر. وعنها يقول الخوري: "إنّ تنفيذ الخطط يحتاج إلى توافق العناصر الخارجة عن إرادتنا وتلك التي تتصل بقدراتنا الخاصة. نحن نعيش في ظروف عامة متقلبة جدا وهذا ما يؤثر بالطبع على كافة مناحي ما تمنع عمله. لكن ذلك قد يشكل حافزاً ايضاً ويعطينا ميزة تفاضلية لاننا نمتلك رسالة سامية وقد ابرزنا استعدادنا للتضحية في سبيل هذه الرسالة على مدى الأعوام الماضية".
وأضاف: "نتكئ على شبكة العلاقات التي ارسيناها مع المنظمات الأهلية المهتمة وكذلك على الخيرين في القطاع العام وهم كثر رغم ترهل مؤسسات الدولة والأزمة الاقتصادية الخانقة. سوف نحاول أن تنجز كما تعودنا مبادرات محددة قابلة للتطبيق ولكنها ذات أثر تشاركي وقادرة على إدماج فئات واسعة من أصحاب المصلحة".
كان هناك نقطة مهمة على صعيد استقدام بذور قمح من الصين لزرعها في لبنان، وجاء هذا المقترح في المؤتمر ونحن اليوم نعاني من ازمة في القمح.. فهل ستكون الخطوة سريعة؟ من سيتابع هذا الملف؟ هل هناك تواصل مع الصين؟ وهل سيكون هذا التواصل على مستوى رسمي؟
يجيب الخوري: "طبعا هذه مسألة تتطلب تدخل الوزارة المعنية وتبنيها المشروع الذي يتعلق بالقمح والأرز تبعا لتقنيات الزراعة الحديثة وتقدم الصين في هذا القطاع حيث يمكن إنتاج نوعية عالية الجودة من الصنفين دون الحاجة للكثير من الموارد المائية وبما يتجاوز الشروط المناخية"، ويضيف: "يقوم رئيس الجمعية الأستاذ قاسم طفيلي بجهد ذات افق مع الوزير والوزارة المعنية وقد ابدوا كل الاستعداد للمساهمة في تأمين الأرض للمرحلة التجريبية كما فعل الأشقاء في المملكة الأردنية الهاشمية".
وفي وقت يبحث لبنان عن مصادر جديدة لإستيراد القمح، نسأل الخوري عمّا اذا بقدرة لبنان استيراد القمح من الصين.
يقول الخوري أنّ "المشكلة اليوم في العالم ليست في توفر القمح بل بارتفاع سعره وبتقدير المصدر الملائم تبعاً لاكلاف الشحن. لدينا أسواق شراء أقرب من الصين لكن المشكلة المطروحة اليوم بالنسبة لكافة مواد الغذاء والطاقة الاستراتيجية في لبنان هي السيولة الدولية وليس إقفال الاستيراد".
ويتابع: "الصين دعمت لبنان دائماً ودون أي اشتراطات سياسية والسفراء الصينيون دائماً ما يعلنون استعدادهم للمساعدة بكافة الطرق وخلال الجائجة تدخل الاصدقاء الصينيون بطريقة ملفتة ولكن بالقليل من البروباغاندا".
وشدّد الخوري في حديثه لموقع LebanonOn على أنّ "الصين دائماً تتعاون من دولة لدولة وهذا ثابت في سياسات المساعدة والتعاون الاقتصادي لديها وهذا مفهوم لدينا تماماً. نحن لا نسعى لخلق إطار مواز لدور الدولة بأي شكل من الاشكال، بل للعب دور استشاري وداعم لأنشطة المؤسسات العامة بما يخدم المصلحة الصافية للبلد. نحن مقتنعون أن الاندراج الفعال في مبادرة الحزام والطريق التي أطلقها الرئيس شي جين بينغ عام ٢٠١٣ هي معادلة قائمة على مبدأ رابح رابح لكل الدول المنظوية تحتها. ونسعى لمساعدة الدولة في آليات هذا الاندراج رغم أن القرار السياسي الكبير لا زال مفقوداً على هذا الصعيد".
ماذا في التبادل الفني والثقافي بين لبنان والصين؟
يلفت الخوري إلى أنّ "الجمعية تتشكل من مزيج من الكفاءات التي تبدأ بالأدباء والفنانين ولا تنتهي مع الرياديين والمفكرين الاقتصاديين. لدينا مجموعة واسعة من الأعضاء المشهود لهم في الفنون المختلفة ولديهم مبادرات خلاقة للتعاون مع الجانب الصيني في هذا المجال. ونحن نأمل أن يشكل إطلاق المركز الثقافي الصيني في بيروت فرصة لكافة المهتمين لا فقط من شباب وكادرات الجمعية بل من المخزون والطاقات الثقافية الهائل التي يختزنها اللبنانيون والعرب".
وفي الختام، يشدّد الخوري على أنّ "لوسائل الإعلام فضل كبير على الجمعية وقد ظهر ذلك بوضوح في ألانشطة المصاحبة الذكرى الخمسين لتأسيس العلاقات اللبنانية الصينية".
وقال: "استطاعت الجمعية أن تظهر رسالتها في أكثر من مئة وسيلة إعلامية لبنانية وعربية من خلال المقابلات والمقالات المنشورة والتحقيقات. نتمتع بعلاقات احترام ومودة مع وسائل الإعلام كوننا أصحاب رسالة غير ممولة"، مضيفا أنّ "كل شيء اليوم يتطلب بعدا إعلاميا قويا وكلما تقدمنا في الوقت أكثر ستدرك المحطات الإعلامية أكثر فأكثر أهمية مبادرة الحزام والطريق في مستقبل شعوبنا. وأود في هذه المناسبة أن اشكر موقعكم الكريم على الاهتمام بنشاطات ومؤتمر الجمعية والشكر موصول لكافة وسائل الإعلام والإعلاميين المتعاونين في سبيل وطن ذات مستقبل أفضل".