باميلا فاخوري- خاصّ موقع LebanonOn
إن حدثت أزمةٌ في الصين أو في أية دولةٍ من العالم للبنان نصيبٌ من تداعياتها. كيف لا، واقتصادنا وسياستنا مرتبطان بالخارج؟ كيف لا، ولبنان لا ينفكّ يشكّل حلقةً ضمن سلسلة وتحكمه حكومات ظلٍّ دوليّة تتقاذفه وتجعله ميدانًا وحلبة صراع. وآخر نصيبٍ للبنان من الأزمات الدولية كان الأزمة الغذائية التي استفحلت به بفعل الحرب الروسية-الأوكرانية المستعرة. فإذا كانت معظم منتجاتنا الغذائية مستوردة من الخارج، كيف السبيل إلى تدارك الأزمة، بخاصّة أزمة الطحين؟
لعلّ قرار وزير الصناعة جورج بوشيكيان القاضي بمنع تصدير المواد الغذائية المصنّعة محليًّا إلى الخارج يشكّل بارقة أملٍ للبنانيين ومسكّنًا لهلعهم على أمنهم الغذائي. فهل من شأن هذا القرار أن يخفف الأعباء الاقتصادية للبنان ويؤمن اكتفاءً غذائيًّا للبنانيين؟ وهل يمكن لقرارٍ كهذا أن يعتمد لفترة طويلة جدًّا؟ وهل من شأن الحرب الروسية-الأوكرانية أن تحملنا على العصامية والاتكال على الذات بشكل أن نتحوّل من اقتصاد ريعي إلى اقتصاد منتج؟
في هذا الإطار، يقول الوزير بوشيكيان لموقع LebanonOn: "نحاول قدر المستطاع التقنين في استيراد المواد الغذائية المستوردة والاستعاضة عنها بمنتجات مصنّعة محليًّا ولأطول فترة ممكنة لأننا نجهل ما إذا كنا لنستطيع أن نستحصل على المنتجات الغذائية الخارجية".
وشدد بوشيكيان على أنّ "الأمن الغذائي اللبناني يأتي في المرتبة الأولى لنصدّر فوائض الإنتاج على الأثر".
وتابع: "فيهمنا أولًا أن نؤمن مخزونًا كافيًا على الأصعدة كافّةً وليس فقط بالطحين".
وأكد أنه "لا تصدير إلى حين أن تتبدى وتتوضح صورة الأزمة والمسار الذي تسلكه".
وطمأن بوشيكيان إلى أنّ "المنتجات الغذائية الأساسية كلها مؤمنة، وتاليًا فإنه لا داعي للهلع والبضائع كلها موجودة ونحن نريد إطالة قرار منع التصدير لأطول فترة ممكنة".
وردًّا على سؤالٍ حول طبيعة القمح اللبناني وما إذا كان ليصلح لأن يستعمل للطحين بخلاف ما هو معلوم إذ هو يصلح فقط للبرغل والسميد والفرخة وغير ذلك أجاب: "القمح اللبناني خشن ويمكن استعماله لصناعة البرغل والمعكرونة وغير ذلك من المنتجات".
هذا وأشار بوشيكيان إلى أنّ "القمح الخشن يخفف من الأعباء الاقتصادية، وكل ما يمكننا زراعته وتصنيعه محليًّا يساهم في تقليص وتخفيف حدة الازمة الغذائية".
وبالنسبة لأسعار المنتجات اللبنانية وقدرتها على المنافسة بالجودة والسعر المنتجات المستوردة، أوضح بوشيكيان أنّ "أسعار المنتجات المصنّعة محليًّا ستكون تنافسيّةً مقارنةً مع المنتجات الغذائية المستوردة. وهذا يندرج ضمن الخطة المستقبلية للصناعة اللبنانية".
وعمّا إذا كانت الخطة المستقبلية ستوصل اللبنانيين إلى نوعٍ من الاكتفاء الذاتي من الطحين وغير ذلك من السلع الغذائية قال بوشيكيان: "وزير الزراعة يعمل على خطة تشتمل على زراعة القمح والتصنيع محليًّا على البعيد من أجل تعزيز الاكتفاء الذات والغذائي والاستعاضة قدر الإمكان عن الخارج لما في ذلك من إنعاش الاقتصاد والوطني وتحويله من اقتصاد ريعي إلى اقتصاد منتج. والخطة تمتد إلى حوالي 3 سنوات".
وختم: "نعمل لأن تصبح المواد الأولية الخاصّة بعملية التصنيع موجودة محليًّا. سابقًا لم يكون هنالك وجود لأي سياسة اقتصادية صناعية ومنتجة. وأنا أعمل بالتنسيق مع وزير الزراعة لتشجيع الزراعة والصناعة الوطنيّتين".
فإذا طبّقت الخطة الوزارية فإنّ من شأنها أن ترفعنا إلى مصافي الدول المنتجة وتمنحنا شيئًا من الاستقلالية عسى وعلّ ألا تتمّ عرقلة الخطة سياسيًّا لما في ذلك من المصلحة الوطنية. فمع اندلاع الحرب الروسية -الأوكرانية واضطرارنا للاتكال على صناعتنا، هل نصبح نموذجًا شبيهًا بالنموذج الياباني الذي بنى دولته بهذه الطريقة ويصلح اليوم أن نضرب بالمثل القائل "ربّ ضرّةٍ نافعة"؟
فيديو اليوم: