مارون ناصيف
كالضرب في الميت جاءت دعوى الرد التي قدمها أحد أعضاء اللجنة التأسيسية لتجمع أهالي شهداء ومتضرري إنفجار مرفأ بيروت بحق المحقق العدلي القاضي طارق البيطار.
كالضرب في الميت لأن الدعوى المذكورة التي سُلّمت منذ يومين الى الرئيس الأول لمحاكم التمييز القاضي سهيل عبود، لن تُقدّم ولن تُؤخّر لا على صعيد السير بالتحقيق المعطل أصلاً ولا على صعيد كشف الحقيقة التي يسعى الأهالي للوصول اليها تمهيداً لمحاسبة المقصرين والمتورطين والمهملين الذين ساهموا في وقوع جريمة العصر.
كالضرب في الميت، لأن التحقيق معطّل أصلاً بغضّ النظر عن هذه الدعوى الجديدة، ولأن ما من مؤشر حول إعادة تفعيله أقلّه في المدى المنظور.
لماذا التحقيق معطّل أصلاً قبل أن يقدم ابراهيم حطيط دعوى الرد الأخيرة بحق البيطار؟
لأن الوزيرين السابقين علي حسن خليل وغازي زعيتر سبق أن تقدما الى محكمة التمييز المدنية - غرفة القاضي ناجي عيد بدعوى رد بحق القاضي طارق البيطار، ولأن القاضي عيد لم يعد بإمكانه البتّ بهذه الدعوى بعدما تقدم زعيتر وحسن خليل بدعوى مخاصمة الدولة اللبنانية عن أفعال إرتكبها القاضي عيد الى الهيئة العامة لمحكمة التمييز، ولأن الهيئة العامة لمحكمة التمييز فاقدة للنصاب ولا يمكنها الإنعقاد بسبب بلوغ القاضي روكز رزق سن التقاعد في الثاني عشر من كانون الثاني الفائت، وإنخفاض عدد أعضائها الأصيلين من خمسة الى 4 علماً أنها تحتاج الى 5 أعضاء من أصل عشرة (مجموع أعضائها) كي تتمكّن من عقد جلسة.
ولماذا لا يوجد مؤشر حول إعادة تفعيل التحقيق العدلي في جريمة إنفجار المرفأ أقلّه في المدى المنظور؟
الجواب لسببين، الأول لأن كل مساعي رئيس مجلس القضاء الأعلى القاضي سهيل عبود الهادفة الى إجراء تشكيلات قضائية جزئية تقضي بتثبيت رؤساء غرف محاكم التمييز الذين يتولون اليوم مهامهم بالإنابة وجعلهم بالأصالة كي تتمكن الهيئة العامة من عقد جلسة، باءت بالفشل. والسبب الثاني، لأن القاضي طارق البيطار ليس بوارد أن يتنحّى كي يعيّن مجلس الوزراء محققاً عدلياً جديداً يقبل بالتخلي عن صلاحية ملاحقة النواب كوزراء سابقين منه، وحصرها بالمجلس النيابي وتحديداً بالمجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء، والذي لم يُحاكم في تاريخه نائباً إلا لسبب أن الطبقة السياسية في حينها إتفقت على تصفية حساباتها معه سياسياً.
لكل ما تقدم، لم يكن مطلوباً بأن يتقدم أهالي الشهداء بدعوى رد جديدة بحق القاضي طارق البيطار كي تتم عرقلة التحقيق العدلي في جريمة العصر.
فالتحقيق معرقل أصلاً والحقيقة معطلة وضائعة في زواريب السياسة، والمحقق العدلي أي طارق البيطار لن يتخلى عن الملف لسبب بسيط أنه لم يتنحَّ بحياته عن أي ملف، فكيف يتوقع منه البعض التنحي عن ملف جريمة العصر بعدما رفض التنحي في جرائم ملفاتها عادية مقارنة بإنفجار المرفأ؟!
فيديو اليوم: