باميلا فاخوري - خاصّ موقع LebanonOn
مرفأ بيروت أو "مغارة علي بابا"... لا فارق بالتسمية فالتوصيفان مترادفان بالمعنى، إذ بات الفساد والتنفعيات والصفقات المشبوهة سمات لصيقة وعضوية بمرفأ بيروت الذي تديره لجنة موقتة تبيح لنفسها العبث بأموالٍ يفترض أنها عامّة منتهزةً فرصة أنّها ليست إدارة رسمية لكي تسرح وتمرح بعائدات المرفأ كما يحلو لها. والستاتيكو هذا مردّه إلى العام 1993 حيث تعاقبت منذ ذلك الحين 4 لجان خاصة موقّتة لإدارة واستثمار المرفأ. والحال أنّ هذه اللجان عملت على مدار عقود وبصلاحيات كاملة من دون الخضوع للرقابة المالية إن لجهة وزارة المالية أو إدارة المناقصات أو ديوان المحاسبة أو حتّى من التفتيش المركزي.
وإذ يجيز القانون في المادّة 82 من النظام المالي لمرفأ بيروت بأن تعقد اللجنة الموقّتة اتفاقيات بالتراضي مهما كانت قيمتها شرط موافقة المدير العام عليها، فضلًا عن المادّة 52 من النظام المالي عينه التي تنصّ على أنّ نفقات اللوازم والأشغال والخدمات تعقد بالمناقصة العمومية، من الممكن عقد الصفقات عن طريق المناقصة المحصورة أو استدراج العقود أو عقود التراضي كما هو متعارف عليه.
ماذا يعني أن تكون اللجنة الموقّتة لإدارة استثمار المرفأ غير رسمية؟ وهل لانفجار المرفأ علاقة بالأمر؟ واليوم وبعد هذه الجريمة التي تعدّ أشبه بـ”جريمة حرب”، وحيث إنّ ما تبقى من أهراءات القمح مهددٌ بجزءٍ منه بالإنهيار، لم الانتظار؟ وكيف يعمل موظّفون في محيط مبنى مهدد في كلّ لحظة وحياتهم تاليًا بخطر؟
بحسب ما يؤكد نائب تكتّل “لبنان القوي” الجنرال أنطوان بانو لموقع LebanonOn فإنّ ما يعادل فقط 25% من أرباح المرفأ تعود لخزينة الدولة أمّا الـ 75% المتبقيّة فأودعت في مصارف تجارية.
ويضيف: "خصصت ولايتي في مجلس النواب للعمل في مرفأ بيروت فاستدعيت كثيرين وحققت معهم إلى أن وصلت إلى مغارة "علي بابا" أو "الجزيرة المستقلّة عن كنف الدولة" التي تفعل فعلها في المرفأ. إذ في أول جلسة حكومة حضرتها لمّا كان يفترض بنا كنواب أن نمنح الثقة لرئيس الحكومة آنذاك سعد الحريري، خصّيت المرفأ بكلمتي مستندًا طبعًا إلى أرقام. فلقد تمكنت من تبيّن ما جنته لجنة إدارة واستثمار المرفأ في غضون العشر سنوات الاخيرة قبل تسلمي ولايتي في المجلس. والسؤال: أين أودعت هذه الشركات أموالها ولم لا يتمّ استردادها؟".
هذا وأشار إلى أنه "منذ العام 2007 إلى العام 2017 أدخل المرفأ للدولة حوالي 760 مليون دولار. والمتبقي منها مليار و670 مليون دولار في حسابات اللجنة الموقتة. وهذه الأرقام زوّدني بها آلان بيفاني بخطّ يده".
وتابع: "كما سبق لي أن استدعيت مدير اللجنة الموقتة لإدارة المرفأ آنذاك حسن قريطم إلى لجنة الاشغال، طالبًا إليه تفسيرًا مفصّلًا عن مداخيل المرفأ، بيد أنه كان يتذرّع بحججٍ واهية من مثل لا أملك الأرقام والأوراق ّليست في حوزتي. وعندما سألته عن كيفية تصرّفهم بالأرباح، ما كان منه إلا أن أجابني: نقوم بأعمال الصيانة".
هذا وينبّه بانو إلى أنّ "المشهد في المرفأ يكشف كلّ شيء، فلا حرس في المرفأ والهنغارات مهترئة والبضائع الموضبّة فيها لا تتوخى في شكل وطريقة توضيبها المعايير السليمة كما أن لا وجود لأي أجهزة رقابة من مثل كاميرات وغير ذلك ولا أجهزة إطفاء. ولو أنه في وقتها تّم تسليط الضوء على هذا الموضوع ما كنّا لنصل إلى 4 آب".
وعمّا إذا كان قد طالب أو سعى لأن تصبح اللجنة الإدارية الموقتة لإدارة واستثمار المرفأ إدارة رسمية قال بانو: "تقدّمت بسؤال إلى الحكومة ألا وهو: متى ستصبح هذه اللجنة الموقّتة مؤسسة رسمية على غرار مؤسسات الدولة؟ فالجواب كان: بعد إعداد الموازنة وإقرارها بـ3 أشهر نعلمك ما الذي سيحصل. ولمّا يحصل شيء بعد".
وأكمل: "تقدّمت إلى القاضي علي ابراهيم إخبار موثق بالأوراق والمستندات تفضح العقود والصفقات التي تجريها اللجنة والتي هي عقود بالتراضي وبملايين الدولارات غير منفذة ولم يحرّك أحدٌ ساكنًا".
وسأل: "أين أموال المرفأ؟ هل هي في حسابات حسن قريطم؟"
وذكّر بانو بأنّ "المرفأ يسيطر عليه أشخاصٌ معينون على غرار مجلس الإنماء والإعمار ومجلس الجنوب وهيئة الإغاثة وهذا ما أوصلنا إلى هذه الدرجة من الفساد والإفلاس".
هذا ورأى بانو أنّ مطلوبا أن نصل إلى الانهيار الذي نحن فيه اليوم وهذا ما يناسب "الشبيبة الطيبة".
واستنادًا إلى دراسته، يؤكد بانو أنّ انفجار المرفأ حصل من جراء الإهمال موضحًا أنّ هنالك مفرقعات ومواد منتهية الصلاحية وملتهبة وايتيرنيت والنيترات كانت موضوعة بشكل فوضوي ومتحلل إذ ينبغي أن يفصل بين كل طنّ من أكياس النيترات بين حوالي المتر أو 3 أمتار وواقع الحال أن الأكياس كانت موضّبة فوق بعضها البعض وسط السوائل الناتجة عن تحلل النيترات الموجود فيها".
وعمّا إذا كانت اللجنة على علم بخطر النيترات وسكوتها عنه، لفت بانو إلى أنّ "حسن قريطم واللجنة ما كانا يعرفان بحجم الخطر الذي كان نيترات الأمونيوم يلحقه بالمرفأ ومحيطه على أساس أن النيترات الموجود هو سماد زراعي، زد على ذلك أنّ قاضي الأمور المستعجلة غير آبه بالموضوع ومن يعلم بالنيترات وخطورته أيضًا غير مكترث للموضوع بتاتاً".
على مقلبٍ آخر، وفي ما خصّ الأهراءات وعدم صيانتها إلى الآن أو هدمها بالكامل هي التي باتت مهددة بالإنهيار في أية لحظة، فتبيّن أنّ هنالك جزء من المرفأ مهدد بالإنهيار وهذا الجزء يرجّح أن يتمّ هدمه بحسب ما يشير إليه مدير اهراءات القمح أسعد حداد في حديثٍ لموقع LebanonOn.
ويفيد حداد بأنه "قد تشكّلت لجنة وزارية لهذا الغرض"، مشددًا على أنّ "هدم المرفأ لن يحصل قبل أن يبتّ فيه القضاء بناء على قرار تقني. ونحن اليوم بصدد القيام بالترتيبات اللازمة ريثما يتمّ اتّخاذ القرار القضائي المناسب".
ويضيف: "تشددنا بالقيود حفاظًا على سلامة الموظفين وجميع العاملين في المرفأ وإدارة الأهراءات بوجوب الابتعاد 100 متر عنها. ولدينا حسّاسات تراقب الوضع من دون انقطاع. وهنالك تنبيه للإدارات كافّة وهم مطّلعون على الأجواء".
وفي انتظار أن يبتّ القضاء بوجوب هدم الأهراءات وتبصّر المسؤولين بأحقيّة تحويل اللجنة الموقتة لإدارة "المغارة" إلى إدارة رسمية، تبقى رائحة دماء الضحايا الأبرياء الذين قضوا في جريمة سكت عنها شياطين الدولة تفضح مكائدهم وسرقته وضلوعهم في صفقات الفساد التي نضح العنبر رقم 12 بما فيه منها. بأيّة حال لم الانهمام بتحويل "المغارة" إلى "إدارة" إن كانت الصورة لا تختلف في "الغابة" التي تسيطر على ما يسمّى "دولة"؟ عسى أن لا تكون أموال المرفأ قد ابتلعتها الحيتان أو هرّبت إلى الخارج!