مارون يمّين - خاص LebanonOn
تتجه أنظار العالم الى شرق القارة الأوروبية حيث الجبهة على شفير الحرب بين روسيا وأوكرانيا. تعدّدت السيناريوهات ووجهات النظر حول ما يحصل لكن يبقى الأكيد أنّ إندلاع الحرب سيكون له إنعكاسات جسيمة على أوضاع الإقليم بأكلمه، وعلى الدول المشاركة في الحرب.
هذه الأثار الخطيرة حذّرت منها مجلة "فورين بوليسي" قبل نحو 20 يوما، في تقرير مفصّل عرضت فيه المخاطر المحدقة بالعديد من الدول كون أوكرانيا هي صاحبة أكثر الأراضي خصوبة على وجه الأرض، والتي عرفت بأنها سلة غذاء أوروبا، وصادراتها الزراعية مثل الحبوب والزيوت النباتية، تعتبر ضرورية لإطعام السكان في أفريقيا.
وبحسب تقرير المجلة فإنّ الجزء الأكبر من الأراضي الزراعية الأكثر إنتاجية في أوكرانيا يقع في مناطقها الشرقية، وهي تلك الأجزاء الأكثر عرضة لهجوم روسي محتمل، حيث يحتشد عشرات الآلاف من الجنود والمعدات العسكرية الثقيلة على الحدود.
وقالت "فورين بوليسي" إستنادا الى بيانات منظمة الأغذية والزراعة (الفاو) أن لبنان مهدّد بأمنه الغذائي كونه يستورد نصف كمية القمح تقريبا التي يحتاجها سنويا، وسيكون منقطعا عن استيراد هذه الكمية في حال نشوب الحرب.
وتعليقا على هذا التقرير، يقول وزير الزراعة عباس الحاج حسن في حديث لموقع LebanonOn أنّه لا يمكن الردّ على التقارير من غير الاطلاع على حقيقة الأمر في أرض الواقع، وليس هناك من ضرورة للتهويل قبل جلاء الصورة في أوكرانيا.
وفي معرض بحثنا عن الإحصاءات التي تظهر كمية القمح التي يستوردها لبنان سنويا، تؤكّد معلومات LebanonOn من داخل غرفة التجارة والصناعة والزراعة في بيروت، أنّ الإحصاءات الأخيرة المسجلة لديهم تعود الى شهر آذار\مارس من العام 2021، أي قبل سنة تقريبا. ووفق أرقام الجمارك، فإنّ لبنان قد إستورد من أوكرانيا سنة 2020 منتوجات وسلع بقيمة 271 مليون دولار، 137 مليون دولار تعود الى كمية القمح ومشتقاته المستوردة.
بدوره، كشف الباحث في "الدولية للمعلومات"، الخبير الإحصائي محمد شمس الدين عبر LebanonOn أنّ حجم استيراد لبنان للقمح بشكل عام يصل بين 750 الف الى 800 الف طن سنويا، ويفنّدها على الشكل الآتي:
-سنة 2017: 372 الف طن من اوكرانيا، بقيمة 67 مليون دولار، وبحدود 45% من حجم استيراد لبنان للقمح.
-سنة 2018: 354 الف طن من اوكرانيا، بقيمة 55 مليون دولار، وبحدود 43% من حجم استيراد لبنان للقمح.
-سنة 2019: 357 الف طن من اوكرانيا، بقيمة 80 مليون دولار وبحدود 45% من حجم استيراد لبنان للقمح.
-سنة 2020: 145 الف طن من اوكرانيا، بقيمة 43 مليون دولار وبحدود 18% من حجم استيراد لبنان للقمح.
ويلخّص شمس الدين هذه الأرقام، بإعتبار أنّ حاجة لبنان للقمح من اوكرانيا تتراوح بين 40 الى 45 بالمئة في السنوات الأخيرة بإستثناء العام 2020، الذي إنخفضت فيه نسبة الإستيراد، وقد يعود السبب الى ايجاد الدولة اللبنانية اسواق جديدة وأرخص، كروسيا والولايات المتحدة الاميركية وفق شمس الدين، فيما لا إحصاءات رسمية بعد عن حجم استيراد لبنان للقمح في العام 2021.
من جهته، وفي إتصال مع موقع LebanonOn، إعتبر مدير عام الحبوب والشمندر السكري في وزارة الاقتصاد المهندس جرجس برباري أنّه "لا داعي للخوف والهلع"، مؤكّدا أنّ "الحلول دائما موجودة ولدينا وجهات اخرى نستورد منها غير اوكرانيا".
وقال: "لدينا قمح من روسيا ورومانيا، ودول عديدة اخرى عرضت علينا شراء القمح منها في السابق يمكن الاستفادة منها، كما يمكننا ان نستورد الطحين وكل المشتقات الاخرى من دون اي عوائق".
لكنّ المشكلة بحسب برباري تكمن في إرتفاع أسعار القمح إذا اندلعت الحرب، ولم تعد اوكرانيا بإمكانها التصدير، الا انّ الأكيد ان لدينا أبواب أخرى للاستيراد.
وأشار إلى أنّنا "وضعنا خططا بديلة عند وزير الزراعة في الاجتماع الذي سبق جلسة الحكومة امس، وننتظر الى حين البت بواحدة منها".
إذا، وفي خلاصة ما تقدّم، لا مفرّ من تداعيات الحرب المحتملة بين روسيا وأوكرانيا؛ فإما ينقطع لبنان عن قمح الأوكرانيين من غير بديل، أو سيكون ثمن البديل باهظا. فهل يتحمّل لبنان المزيد من ارتفاع الأسعار على أعتاب الدولار الجمركي، وتوجّه مصرف لبنان لرفع الدعم الكلي عن القمح والطحين ومشتقاتهما؟